بالنسبة لبعض اللبنانيين فإن الحرب التي تدور في الجنوب هي حرب حزب الله وإسرائيل، وهذا تبسيط لقضية أكثر تعقيدا وتشابكا.
القصف الإسرائيلي للجنوب وقراه، وتدمير المساكن وقتل الأبرياء يستهدف كل لبنان، إذ لطالما تعرض هذا البلد العربي إلى الاعتداءات الإسرائيلية، وهو كان على الدوام النقطة الأضعف لعرض «العضلات الإسرائيلية»، قبل أن يتحول إلى النقطة الأقوى القادرة على مواجهة العدوان وردعه.
والحال هذا فإن هذه الحرب تستهدف كل لبنان بكل طوائفه وتياراته، وهي قبل ذلك تستهدف منظومة العيش المشترك، بهذا التنوع في الأديان والمذاهب، وتعدد الثقافات التي نسجت على مدى عقود طويلة رداء لبنان الحضاري، لذلك كان المطلوب إسرائيليا تدمير هذا التعايش ونزع هذا الرداء، سواء عبر العدوان المباشر على لبنان، أو عبر زعزعة استقراره داخليا، وهذا ما يتبدى واضحا عبر اختزال ما يحدث جنوبا بحزب الله.
لقد سعت إسرائيل، دون كلل، لتدمير نموذج التعايش اللبناني لأنه يضعف حجة يهودية دولة إسرائيل، من جهة، ويبرهن على إمكانية تطبيق مبدأ التعددية الدينية السياسية، على غرار لبنان، وهي الحجة التي تم تقنينها عبر التصويت عليها في الكنيست الإسرائيلي العام «2018» عبر قانون ينص على أن «إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي» وأن حق تقرير المصير فيها «يخص الشعب اليهودي فقط».
لا يمكن الرهان على إسرائيل من جانب أي طرف عربي، فهي وجدت في هذه المنطقة أساسا بغرض إضعاف العالم العربي وتمزيقه وتجزئته وإبقائه في دائرة التبعية والتخلف، وهذا مطلب استعماري في أساسه على اعتبار أن المنطقة العربية تمتلك كل عوامل النهوض والتقدم، بما لديها من ثروات وإمكانيات بشرية هائلة، والعدوان على غزة ولبنان مجرد حلقة شريرة أخرى ليس إلا، لتنفيذ هذه الأهداف[email protected]