يوجعنا الرحيل في الظروف التي يواجه فيها الوطن أشرس هجمة من عدو همجي، مدعوما بـ (حضارة) لا أخلاقية تستهدف وطنك وعقيدتك وأخلاقك..
يؤلمنا الرحيل لشخصية قيادية عسكرية ومدنية وأخلاقية وعقائدية..
يدمي قلوبنا رحيل قائد بحجم أبو العبد إسماعيل هنية في أدق مرحلة تحتاج إليه أمته وشعبه وهو في أوج انتصار المقاومة..
بالأمس وأنا أعانقه أقدم له واجب العزاء في استشهاد ثلة من أبنائه، قال إنه يوم فرح وكل شهداء فلسطين أبنائي.. الله يسهل عليهم ويرضى عنهم.
كم شعرت أنني قريب منه وأنا أضمه إلى صدري، وقلت له إن شاء الله نلتقي في القدس، وقال سوف أزور عاصمة آل البرغوثي دير غسانة ونتناول المسخن والزرب.. يومها رأيت تحرير فلسطين اقترب وأني سأكون في استقبال هنية على مدخل البلدة واصطحبه إلى الساحة التي أقام فيها الشاعر مريد البرغوثي ندوته الشعرية ثم إلى مضارب آل برغوثي للإيفاء بالوعد..
استشهد أبو الأخلاق القائد الزعيم الإنسان، استشهد أبو الثوار في اليوم الـ 299 من العدوان الإسرائيلي على غزة، «قضى أبو العبد إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران» ومن قبل دمرت إسرائيل بيته ومقر إقامته في مخيم الشاطئ الذي شهد ميلاده عام 1963 بعد خمسة عشر عاما من رحيل والديه من عسقلان إثر نكبة العام 1948 واحتلال إسرائيل لبيت هنية ولا تريده لا هو ولا أي من أبنائه الثلاثة عشر الذين أنجبتهم أم العبد جميعا في مخيم الشاطئ لوحدها فلم يتزوج أبو العبد غيرها.. هي الآن ضمنت أن تكون سيدة حوريات قصر أبو العبد في الجنة..
لقد تمنى أبو العبد الشهادة ونالها ليلحق بالمعلم أحمد ياسين والرنتيسي وغيرهم من الذين ارتقوا في غزة والضفة وغيرها والقائمة تطول، سيلتقي بزملاء مرج الزهور الذين أبعدتهم إسرائيل عام 1992 وحين يكتمل حديث الروح في الجنة يكتمل الحوار بين الأرض والسماء.
اليوم وقد فتحت الصهيونية مسارا جديدا للاغتيال، لنريها من جاء بعد استشهاد أحمد ياسين ومن جاء بعد استشهاد الرنتيسي ومن جاء بعد استشهاد صلاح شحادة.. فقد جاء هنية والسنوار والضيف وسيأتي بعد كل قائد مقاتل أشد شراسة ولينتقل النزاع إلى خارج فلسطين.. فمن حق المقاومة أن تغير من أيديولوجيتها وتعيد وديع حداد وصبري البنا وأبو الزعيم ليقضوا مضاجع زعران الصهاينة وغلاة قادتها الذين يمارسون القتل في فلسطين وخارجها.