انعقدت خلال الأيام الفارطة قمة الدول الصناعية الكبرى في العالم بمدينة بياريتز في الجنوب الغربي الفرنسي غير بعيد عن الحدود الإسبانية. ناقشت القمة أهم الملفات الطارئة بين الدول الصناعية الكبرى كالحرب التجارية القائمة بين الصين والولايات المتحدة أو الأزمة مع إيران أو مشكلة الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي. من جهة أولى غاب العرب عن كل جلسات المؤتمرين وغابت قضاياهم الحارقة وحروبهم المشتعلة عن طاولة المفاوضات والنقاشات وهو ما يعكس انصراف القوى الدولية عن القضايا العربية بعد أن نجحت هذه القوى في كسر ثورات الربيع العربي وصرفها عن مسارها.
اقتصر الحضور العربي على الجنرال الانقلابي من مصر وهو حضور له دلالات عميقة من جهة تبيان الموقف الأوروبي والغربي من المنطقة العربية. إن حضور رئيس غير شرعي هو اعتراف صريح بأن القوى العالمية تقف إلى جانب الطغاة العرب وتدعمهم وأن كل السرديات التي تتغنى بحقوق الإنسان والديمقراطية والحرية لم تكن غير شعارات رنانة ورأس حربة القوة الاستعمارية الناعمة.
مثلت ثورات الربيع العربي والموقف الأوروبي منها مقياسا حقيقيا للمنظومة القيمية والحضارية الغربية التي برهنت على طابعها النسبي عندما يتعلق الأمر بالقضايا العربية. فمنذ اندلاع الثورات صرّحت وزيرة الدفاع الفرنسية يومها آليو ماري بأنها سترسل قوات دعم لمساندة المجرم بن علي عندما كان يقنص المدنيين بالرصاص في أحياء تونس وأزقتها. تواصل هذا الدعم بمساندة الانقلاب المصري الدامي والسكوت عن جرائم بشار في سوريا والمشاركة في ذبح الثورة اليمنية والليبية والسورية.
بقطع النظر عن الطابع الرسمي والدبلوماسي للحضور المصري بما أنه يمثل القارة الإفريقية إلا أنه يعكس موقفا مخجلا من الثورة المصرية ومن كل الجرائم التي ارتكبها النظام العسكري الانقلابي هناك ولا يزال. كيف يمكن للقمة العالمية التي تناقش مشاكل المناخ والمساواة بين الجنسين أن تُغفل مذابح المسلمين في الصين وفي إفريقيا وفي آسيا وكل الأشكال العنصرية ضدهم ؟ كيف يمكن لها أن تسكت عن المجازر التي يرتكبها الاستبداد العربي في سجون مصر وسوريا وليبيا والخليج العربي ؟
الجواب يبدو جاهزا ولا غبار عليه هذه المرة.. فالغرب الذي بنى مجده وحضارته على أشلاء سكان المستعمرات، وصنع تقدمه من ثرواتهم لا يمكنه إلا أن يكون وفيا لتاريخه ومبادئه الاستعمارية التي تأسس عليها. يجب على الأمة أن تدرك اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن تحررها لن يكون إلا داخليا وأن التعويل على الخارج ليس إلا كمن ينتظر الترياق من سم الأفاعي.بقلم: محمد هنيد
اقتصر الحضور العربي على الجنرال الانقلابي من مصر وهو حضور له دلالات عميقة من جهة تبيان الموقف الأوروبي والغربي من المنطقة العربية. إن حضور رئيس غير شرعي هو اعتراف صريح بأن القوى العالمية تقف إلى جانب الطغاة العرب وتدعمهم وأن كل السرديات التي تتغنى بحقوق الإنسان والديمقراطية والحرية لم تكن غير شعارات رنانة ورأس حربة القوة الاستعمارية الناعمة.
مثلت ثورات الربيع العربي والموقف الأوروبي منها مقياسا حقيقيا للمنظومة القيمية والحضارية الغربية التي برهنت على طابعها النسبي عندما يتعلق الأمر بالقضايا العربية. فمنذ اندلاع الثورات صرّحت وزيرة الدفاع الفرنسية يومها آليو ماري بأنها سترسل قوات دعم لمساندة المجرم بن علي عندما كان يقنص المدنيين بالرصاص في أحياء تونس وأزقتها. تواصل هذا الدعم بمساندة الانقلاب المصري الدامي والسكوت عن جرائم بشار في سوريا والمشاركة في ذبح الثورة اليمنية والليبية والسورية.
بقطع النظر عن الطابع الرسمي والدبلوماسي للحضور المصري بما أنه يمثل القارة الإفريقية إلا أنه يعكس موقفا مخجلا من الثورة المصرية ومن كل الجرائم التي ارتكبها النظام العسكري الانقلابي هناك ولا يزال. كيف يمكن للقمة العالمية التي تناقش مشاكل المناخ والمساواة بين الجنسين أن تُغفل مذابح المسلمين في الصين وفي إفريقيا وفي آسيا وكل الأشكال العنصرية ضدهم ؟ كيف يمكن لها أن تسكت عن المجازر التي يرتكبها الاستبداد العربي في سجون مصر وسوريا وليبيا والخليج العربي ؟
الجواب يبدو جاهزا ولا غبار عليه هذه المرة.. فالغرب الذي بنى مجده وحضارته على أشلاء سكان المستعمرات، وصنع تقدمه من ثرواتهم لا يمكنه إلا أن يكون وفيا لتاريخه ومبادئه الاستعمارية التي تأسس عليها. يجب على الأمة أن تدرك اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن تحررها لن يكون إلا داخليا وأن التعويل على الخارج ليس إلا كمن ينتظر الترياق من سم الأفاعي.بقلم: محمد هنيد