القدس- الأناضول ــ تتأهب إسرائيل لسيناريوهات رد انتقامي محتمل من إيران و«حماس» و«حزب الله»؛ بعد تنفيذ تل أبيب عمليتي اغتيال في عاصمتين لم تفصل بينهما سوى 6 ساعات، وفق إعلام عبري أمس.

وفيما تلتزم تل أبيب الصمت، أعلنت «حماس» اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية (62 عاما) في قصف صاروخي إسرائيلي استهدف مقر إقامته بطهران، غداة مشاركته بحفل تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. ومساء الثلاثاء، اغتالت إسرائيل «الرجل الثاني» في «حزب الله» فؤاد شكر (63 عاما)؛ بغارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، أودت أيضا بحياة 6 أشخاص بينهم 3 سيدات وطفلان، وأصابت عشرات المدنيين بجروح. ولم يعلن الجيش الإسرائيلي حتى أمس عن أي تغييرات في تعليمات الجبهة الداخلية، مع تأكيده مرارا أن مستعد لكل السيناريوهات المختلفة. وتوعدت إيران و«حزب الله» و«حماس» بالانتقام لاغتيال هنية وشكر، لكن حسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الخميس، «ليس من الواضح في هذه المرحلة ما هو نطاق الانتقام».

وجاء اغتيال القائدين في وقت تشن فيه إسرائيل بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/‏ تشرين الأول حربا مدمرة على قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 130 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود. صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية قالت إن «الجيش الإسرائيلي وبعد تقييم الوضع، أعلن عن خطط لتعزيز أنظمة الدفاع وتحسين الاستعداد لأي رد انتقامي محتمل من إيران أو حزب الله عقب عمليتي الاغتيال».

وأضافت أن «الجيش يستعد لمجموعة من ردود الفعل من جانب حزب الله والحرس الثوري الإيراني». و«شهدت الأيام الأخيرة تنسيقا مكثفا (من الإسرائيليين) مع نظرائهم الأميركيين وقوات التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، في الشرق الأوسط كجزء من تدابير الاستعداد»، حسب الصحيفة. وتابعت: «حدثت عمليات نقل قوات في وقت سابق من الأسبوع، والتقديرات في إسرائيل هي أن الرد سيطال أهدافا عسكرية في المقام الأول». وزادت بأنه «ينبغي أن يكون هناك وقت كاف لنصح الإسرائيليين بالبقاء قرب الملاجئ أو تجنب التجمعات الكبيرة إذا لزم الأمر».

وحسب القناة «12» فإن «السؤال الأكبر الذي يشغل الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام هو: كيف سيبدو رد إيران على اغتيال هنية في قلب طهران؟».

وثمة تقديرات إسرائيلية مختلفة بالنسبة لسيناريوهات الرد المحتملة من إيران و«حزب الله» و«حماس»، سواء كل على حدة أو مجتمعين في وقت متزامن وبمساعدة جبهات أخرى.

سيناريو رد «حزب الله»

بخصوص رد «حزب الله»، تتحسب إسرائيل لهجمات صاروخية واسعة تصل إلى مدى أعمق مما جرى منذ 8 أكتوبر، مع تركيز على القواعد العسكرية، دون أن تحسم الموقف فيما إذا كان الحزب سيستهدف بنى تحتية مدنية، مثل محطات الكهرباء. و«تضامنا مع غزة» تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان أبرزها «حزب الله»، مع الجيــــــش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر المناطـــــــق الحدودية، أسفر عن مئات القتلى والجرحى معظــــمهم بالجانب اللبناني.

وقالت هآرتس: «فيما يتعلق برد حزب الله، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية منقسمة حول ما إذا سيكون الرد مدروسا أم سيستهدف البنية التحتية المدنية، وفي الحالتين، تقول المؤسسة إنها مستعدة للسيـــناريوهات كافة».

وتابعت: «في الشمال (جنوب لبنان)، تستعد المؤسسة الأمنية لاحتمال إطلاق وابل كبير من الصواريخ، وأن يزيد حزب الله مدى إطلاق الصواريخ إلى عمق أكبر داخل إسرائيل، ولذلك وسّع الجيش نشر أنظمة الدفاع الجوي بالشمال والجنوب والشرق».

لكن «كبار المسؤولين الدفاعيين في إسرائيل يشعرون بالحيرة إزاء الرد المتوقع من حزب الله وإيران»، كما زادت الصحيفة. وأوضحت أن «هناك مَن يعتقد أن الحزب سيرد بشكل مدروس حتى لا يجر لبنان لحرب شاملة، وبالتالي سيضرب أهدافا عسكرية، مثل قواعد وسط البلاد أو قواعد سلاح الجو، كما حدث في الهجوم الإيراني على قاعدة نيفاتيم في أبريل/‏نيسان». واستدركت: «ومن ناحية أخرى، هناك مَن يعتقد في المؤسسة الأمنية أن حزب الله سيرد بشكل أقوى ويهدف إلى إلحاق الضرر بالبنية التحتية المدنية».

رد حماس

وبالنسبة لـ«حماس»، يتحسب الجيش الإسرائيلي أن تطلق حركة المقاومة صواريخ تصل وسط إســـــرائيل، ومــــنها مدينة تل أبيب.

وقالت «هآرتس» إن «الجيش يتوقع أن تحاول حماس تنفيذ رد عسكري من أجل الانتقام لاغتيال هنية، بما في ذلك محاولات إطلاق صواريخ بعيدة المدى لضرب البلدات والمدن الإسرائيلية المركزية». وأردفت: «يعتقد مسؤولون في الجيش وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) أن حماس ستحاول بأي ثمن إطلاق الصواريخ مـــــــن غزة على إسرائيل، ربما إلى وسط البلاد وجنوبها». واعتــــــبرت أن «هذا القصف سيكون رمزيا؛ لأن قدرات حماس على تصنيع وإطلاق الصواريخ تضررت بشدة، وستكافح طواقم الإطلاق للوصول إلى منصات إطلاق الصواريخ بعيدة المدى لإطلاق أعداد كبيرة من الصواريخ».

رد إيران

أما بشأن إيران، فلا تمتلك إسرائيل تصورا واضحا لماهية الرد المحتمل، ولكنها لم تستبعد تجدد سيناريو الهجوم بالصواريخ والمسيّرات كما حدث في أبريل. وقالت القناة «12» إن «الرد الأكثر احتمالا الذي قد تختاره إيران هو تكرار هجوم أبريل، حين أطلقت على إسرائيل أكثر من 300 صاروخ باليستي وكروز ومسيّرات».

غير أن «يديعوت أحرونوت» ذهبت إلى أن «رد إيران وحزب الله قد يتضمن هجمات منسقة ومشتركة، حيث وعد الحرس الثوري بعمل خاص قد يتطلب التخطيط له وقتا، وربما يستغرق تنفيذه أسابيع».

و«تشمل خياراتهم شن هجمات إلكترونية لتعطيل الحياة اليومية الإسرائيلية، واستهداف البنوك والنقل والبنية الأساسية الحيوية أو محاولات اغتيال متزامنة لمسؤولين إسرائيليين في الخارج»، وفق الصحيفة.

حرب إقليمية

وفي إسرائيل، عاد الحديث بشكل أكبر من أي وقت مضى عن احتمال وقوع حرب مع إيران أو حرب إقليمية شاملة تتداخل فيها جبهات عديدة. وقالت «هآرتس» إن «حقيقة وقوع عملية الاغتيال في الضاحية الجنوبية معقل»حزب الله«في بيروت، وأن الهدف شخصية رفيعة المستوى للغاية في الحزب (شكر)، من شأنه أن يدفع حزب الله إلى محاولة وضع قواعد جديدة». ورأت أن «محاولة الحزب وضع هذه القواعد الجديدة قد تجعل من الصعب على إسرائيل التخلي عن الرد، ومن هنا يعتقد مسؤولون في الجيش أن الطريق إلى حرب شاملة قد يكون قصيرا».

وحسب القناة «12» فإنه «بعد اغتيال هنية، نقل مسؤولون إسرائيليون كبار رسالة (لم توضح لمَن) مفادها أن إسرائيل ليست مهتمة بتصعيد القتال مع إيران، لكنها أيضا لن تتردد في تصعيد هجماتها إذا لزم الأمر».

و«من ناحية أخرى، يعمل العالم على إقناع طهران بعدم الرد بقسوة شديدة لتجنب التصعيد»، حسب الصحيفة.