هل جرى تحريك فعلي للوساطة الكويتية بعد تطورات المشهد اليمني، ورسائل ما بين الكويت والدوحة والرياض؟ لا نجزم بذلك وقد لا يعلن عنه لو سارت هذه الوساطة بالفعل، في مسارها المحدد وهو الحوار الثنائي بين الرياض والدوحة، والذي تراجعت عنه الرياض سابقاً، بعد توبيخ ضمني شرس من أبو ظبي، فما الذي تغيّر اليوم؟
لسنا هنا في وارد تفاصيل الصراع على الأرض في اليمن، لكن ننبه على أن هذا الصراع، دوافعه هي في مسار تحييد السعودية وطردها المذل من اليمن، بعد أي وقف لإطلاق النار، وهي مصالح لن تقوم على مصالح اليمن الجمهوري، وإنما ما بقي للرياض من قوة نفوذ استراتيجية في الجزيرة، استيقظت على أن حليفتها الشقيقة هي من يخرجها منه.
وجاءت ضربة اليمن، بعد أن فشلت محاولات الرياض الواهمة، بأن هناك فرصة لتصحيح الموقف مع قطر، لكن عبر تنازل قطري معنوي كبير، يقوم على ذلك الزخم العاطفي الغبي، الذي استثار القبلية واستهداف الرموز قبل أن ترد قطر، وهو مسلك لا علاقة له بالبناء السياسي للمصالح، بل إن واشنطن التي تمتلك امبراطورية مصالح كبرى مع كل دول العالم، الا النزر اليسير، لا تعتمد التقريع والاذلال في خطابها، لأي من حلفائها، مهما صغر، بل تسميه الشريك وبالخطاب الرسمي المحترم.
فشل السعوديين في خطابهم مع قطر، الذي استعاد لغة بشعة في العنصرية الإقليمية بين وسط الجزيرة وبين الساحل، والذي لم تسلم منه أقاليم داخل السعودية، خلق لها أرشيف كراهية واضطراب وتشكيك، لا يمحوه الزمن بسهولة، ورغم سحب بعض مدارات هذا الخطاب، خاصة حفرة استعداء القبائل على قطر، الذي ارتد على بنية المجتمع السعودي.
فبدأ صراع مؤسف بين حواضر وبوادي، بعد أن كان النظام يديره، فانفلت الحبل اليوم، والذي نأمل أن تفهم فيه الدولة السعودية، ضرورة الخروج من مهرجانات الوطنية الوهمية، إلى صناعة أرضية الإنسان المواطن، الذي يُربط الوطن به، لا بتقديسه كفرد للحاكم، وسلب كل مساحة إنسانية اجتماعية منه.
في كل الأحوال اليوم يكشف المشهد، عن أن الدوحة قد كسبت كل معارك الدفاع، وإن كان الخليج العربي عموما، تحت مقصلة خسائر كبرى فاقمتها الأزمة الخليجية، استثمر فيها العمق الغربي والاقليمي الإيراني وغيره، وعليه فهناك سؤال كبير: ما هي مصالح السعودية من بقاء الصراع مع قطر؟
المتأمل في المشهد، يدرك بأن لغة الضمير المستتر والذي يعبر بهمس، أو يصرخ في وجه غدر أبو ظبي، والذي رفع له السقف للتعبير مؤخراً، بعد حكاية السعودي إماراتي والإماراتي سعودي، وهو موسم ممكن أن يستخدم من جديد، لكنه لا علاقة له بأبعاد الصراع في المصالح الذي انكشف في اليمن ولم يبدأ به.
وهنا فالرياض أمام أسئلة مهمة لمحاور المفاوضات لو تحققت، وهي مفاوضات ظلت الدوحة حريصة على بقاء فرصها، كون ذلك ضمن سياق الاستراتيجية القومية لها، التي لا خيار آخر عنها، ففك الاشتباك مع الرياض مهم جداً طال الزمن أم قصر، لكن ممانعتها خلقت لها مساحة مرتاحة في التعامل مع المراهقة السعودية.
واليوم ستقوم قواعد اللعبة، على معايير احترام متبادل لا علاقة له بالمشارطة التي تمت في 2014، ولا بفنتازيا المطالب الـ13، بل بتحديد أين مصالح السعودية في التعامل مع قطر ووقف الحملة الإعلامية.
وهو مسار ليس بالهين أثبتت التجربة بأن خسائر التفريط فيه كبيرة، وبأن الانهيار الذي قادته السعودية لمجلس التعاون قد ضربها أولاً، وأن قطر لن تكتفي برأس حمد المزروعي لتسوية الملف مع أبو ظبي، خاصة في ظل هذا الثأر الكبير، الذي تسبب به مشروعها الخطير، والذي نأمل أن تبتعد الشعوب عنه وتسلم من فتنته، وهنا على الرياض أن تضع هذا المفهوم أمامها قبل أن يسبقها الآخرون، السياسة فن تحقيق الممكن، وليس كيف تفرض ذاتك على الآخرين.بقلم: مهنا الحبيل
لسنا هنا في وارد تفاصيل الصراع على الأرض في اليمن، لكن ننبه على أن هذا الصراع، دوافعه هي في مسار تحييد السعودية وطردها المذل من اليمن، بعد أي وقف لإطلاق النار، وهي مصالح لن تقوم على مصالح اليمن الجمهوري، وإنما ما بقي للرياض من قوة نفوذ استراتيجية في الجزيرة، استيقظت على أن حليفتها الشقيقة هي من يخرجها منه.
وجاءت ضربة اليمن، بعد أن فشلت محاولات الرياض الواهمة، بأن هناك فرصة لتصحيح الموقف مع قطر، لكن عبر تنازل قطري معنوي كبير، يقوم على ذلك الزخم العاطفي الغبي، الذي استثار القبلية واستهداف الرموز قبل أن ترد قطر، وهو مسلك لا علاقة له بالبناء السياسي للمصالح، بل إن واشنطن التي تمتلك امبراطورية مصالح كبرى مع كل دول العالم، الا النزر اليسير، لا تعتمد التقريع والاذلال في خطابها، لأي من حلفائها، مهما صغر، بل تسميه الشريك وبالخطاب الرسمي المحترم.
فشل السعوديين في خطابهم مع قطر، الذي استعاد لغة بشعة في العنصرية الإقليمية بين وسط الجزيرة وبين الساحل، والذي لم تسلم منه أقاليم داخل السعودية، خلق لها أرشيف كراهية واضطراب وتشكيك، لا يمحوه الزمن بسهولة، ورغم سحب بعض مدارات هذا الخطاب، خاصة حفرة استعداء القبائل على قطر، الذي ارتد على بنية المجتمع السعودي.
فبدأ صراع مؤسف بين حواضر وبوادي، بعد أن كان النظام يديره، فانفلت الحبل اليوم، والذي نأمل أن تفهم فيه الدولة السعودية، ضرورة الخروج من مهرجانات الوطنية الوهمية، إلى صناعة أرضية الإنسان المواطن، الذي يُربط الوطن به، لا بتقديسه كفرد للحاكم، وسلب كل مساحة إنسانية اجتماعية منه.
في كل الأحوال اليوم يكشف المشهد، عن أن الدوحة قد كسبت كل معارك الدفاع، وإن كان الخليج العربي عموما، تحت مقصلة خسائر كبرى فاقمتها الأزمة الخليجية، استثمر فيها العمق الغربي والاقليمي الإيراني وغيره، وعليه فهناك سؤال كبير: ما هي مصالح السعودية من بقاء الصراع مع قطر؟
المتأمل في المشهد، يدرك بأن لغة الضمير المستتر والذي يعبر بهمس، أو يصرخ في وجه غدر أبو ظبي، والذي رفع له السقف للتعبير مؤخراً، بعد حكاية السعودي إماراتي والإماراتي سعودي، وهو موسم ممكن أن يستخدم من جديد، لكنه لا علاقة له بأبعاد الصراع في المصالح الذي انكشف في اليمن ولم يبدأ به.
وهنا فالرياض أمام أسئلة مهمة لمحاور المفاوضات لو تحققت، وهي مفاوضات ظلت الدوحة حريصة على بقاء فرصها، كون ذلك ضمن سياق الاستراتيجية القومية لها، التي لا خيار آخر عنها، ففك الاشتباك مع الرياض مهم جداً طال الزمن أم قصر، لكن ممانعتها خلقت لها مساحة مرتاحة في التعامل مع المراهقة السعودية.
واليوم ستقوم قواعد اللعبة، على معايير احترام متبادل لا علاقة له بالمشارطة التي تمت في 2014، ولا بفنتازيا المطالب الـ13، بل بتحديد أين مصالح السعودية في التعامل مع قطر ووقف الحملة الإعلامية.
وهو مسار ليس بالهين أثبتت التجربة بأن خسائر التفريط فيه كبيرة، وبأن الانهيار الذي قادته السعودية لمجلس التعاون قد ضربها أولاً، وأن قطر لن تكتفي برأس حمد المزروعي لتسوية الملف مع أبو ظبي، خاصة في ظل هذا الثأر الكبير، الذي تسبب به مشروعها الخطير، والذي نأمل أن تبتعد الشعوب عنه وتسلم من فتنته، وهنا على الرياض أن تضع هذا المفهوم أمامها قبل أن يسبقها الآخرون، السياسة فن تحقيق الممكن، وليس كيف تفرض ذاتك على الآخرين.بقلم: مهنا الحبيل