الطبيعي أنه لا يسمح بصرف أدوية من أي صيدلية إلا بوصفة طبية من أحد الأطباء، والقوانين واللوائح تنص على هذا، لكنها لا تشمل جميع الأدوية، فكثير منها مستثناة، يستطيع المريض أن يشتريها من الصيدلية دون أن يحتاج إلى وصفة طبية، وفي هذه الحالة تواجه الكثير من المرضى مشكلة أن معظم الصيدليات في قطر أو على الأقل في عدد كبير منها لا يوجد بها صيادلة عرب، ولكن غير عرب لا يتحدثون العربية، كما أن ليس كل المرضى يتحدثون اللغة الإنجليزية، فيقع المحظور بصرف دواء غير المطلوب وتكون النتيجة كارثية لا تحمد عقباها، فأخذ دواء بطريق الخطأ من الممكن أن يودي بحياة المريض.

هذه المشكلة أثارت انتباه عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فناقشوها باستفاضة من خلال تغريداتهم، بعضهم تحدث عن تجارب وقعت له وبعضهم قدم بعض النصائح والاقتراحات ويطالبون أصحاب الصيدليات بتوظيف صيادلة يتحدثون اللغة العربية.

البداية كانت تغريدة من الإعلامي حسن الساعي النشط على منصة إكس كتب يقول: «طلب لأصحاب الصيدليات، البعض منا لا يجيد اللغة الانجليزية بطلاقة ولا يعرف يوصف ما يعاني للصيدلي بدقة حتى يحصل على الدواء المناسب لو سمحتم بجانب الصيدلي الأجنبي وفروا صيدلي عربي يفهمني وافهمه.. ودمتم بود»، وأثنت على هذا المطلب تغريدة موقعة بحروف إنجليزية HQTR جاء فيها: «والله ان كلامك صح ياولدي وايد نعاني من التعامل مع الأجانب في الصيدليات لدرجة يعطونا أدوية خطيرة والسبب سوء الفهم لعدم وجود عرب يفهمون كلامنا خاصة كبار السن».

هذا الرأي أو المطلب على درجة كبيرة من الأهمية، فغالبا ما ندخل صيدليات نجد الواحدة منها بها حوالي ثلاثة أو أربعة صيادلة ليس بينهم عربي واحد، فلا هم يتحدثون اللغة العربية ولا المريض يتحدث لغتهم، فتكون النتيجة إما صرف دواء غير المطلوب يزيد الطين بلة ويضيف للمريض إلى علته علة أو ينصرف المريض دون الحصول على مبتغاه من الدواء، لذا يتمنى كثير من المواطنين أن يتعامل أصحاب الصيادلة مع هذا الطلب بإيجابية.

صرف دواء خطأ

كلنا سمعنا في قطر وغير قطر عن فلان أخذ دواء بطريق الخطأ وتم نقله إلى المستشفى وتم إسعافه أو إنقاذه بعمل غسيل معدة للتخلص من الدواء الخطأ، أو فلان تناول دواء ما واتضح بعد تناوله أن لديه حساسية ضد مكونات ذلك الدواء، لكن أن يأخذ رجل حبوب منع الحمل، فهذا لا يقع إلا نادرا جدا، لكنه على كل حال حدث مع المغرد سعد الأحمد، فتناول تجربته المريرة في تغريدة قال فيها: «دخلت الصيدلية وقلت له أبِّي حبوب تقوي المناعة تخلي المناعة قوية أخذت الحبوب وعلى طول قدامه أحذت الحبة وشربت ماي ضرب الصيدلي على جبهته وهز رأسه قال آيم سوري. قلت ليش تعتذر المهم عصرت مخي لأن لغتي الانجليزية تعبانة قال كلمة هاذا مافي مال انتا اخذت اسم الحبوب وترجمتها بقوقل عطاني حبوب منع حمل».

شر البلية ما يضحك، فماذا يفيد الأسف بعدما تناول الرجل حبوب منع الحمل بالفعل، مثل هذه الأخطاء كثيرة وإجراءات إنقاذ المريض لا تجدي معها نفعا، وكما يقال «درهم وقاية خير من قنطار علاج» الأمر بسيط جدا وهو تعيين صيدلي عربي بجانب الأجنبي.

الصيدليات الخاصة والحكومية

يبدو أن الحديث من بدايته يتناول الصيدليات الخاصة فقط، لكن الأمر التبس على البعض، فالمغردة فاطمة السيد طالبت الإعلامي حسن الساعي بالتوضيح، مع أنه كان واضحا بالقول «طلب من أصحاب الصيدليات» مما يدل على أنه يقصد الصيدليات الخاصة، فاطمة أرادت مزيدا من التوضيح فقالت في تغريدتها: «تقصد في الصيدليات الخاصة؟، لابد من التوضيح في وين.. لأن في المراكز الصحية موجودين صيادلة عرب وأجانب وحتى في تثقيف صحي للمرضى وشرح إذا يبغون لأي أدويه غير الاستفسار أو الشرح عند الصرف».

بالنسبة لصيدليات المراكز الصحية عادة ما تكون الأخطاء منعدمة أو نادرة الحدوث لأن المريض يخرج من عند الطبيب بالوصفة مكتوبة، لكن للدقة ليس كل صيدليات المراكز الصحية بها عرب، وهذا ما أكدته المغردة روز، مضيفة أن المشكلة ليست في الصيادلة فقط وإنما أيضا مع الأطباء في العيادات والمستشفيات الخاصة الغالبية العظمى منهم ليسوا بعرب، ومن الصعب التواصل معهم حتى لو كان المريض يتقن اللغة الإنجليزية لأن هناك مصطلحات طبية متخصصة لا يعرفها كل من يتقن الإنجليزي فكتبت Rose تقول: «المشكلة مو في الصيدليات بس حتى المستشفيات دكاترة أجانب يسالون تعرفون انجليزي أي نعرف بس المصطلحات الطبية والامراض ما نعرفها وما نفهم شالمطلوب لازم يكون مترجم معاهم انا والله احيانا افتح جوجل للترجمة واخليهم يكتبون».

يرى البعض أن من الصواب ألا يذهب أي مريض أو أي إنسان يحتاج دواء إلى الصيدلية مباشرة والأفضل أن يذهب إلى الطبيب أولا للحصول على وصفة مكتوبة، وهذا ما يراه بو حمد الكواري، فكتب يقول: «السلام عليكم ما تشوفون شر احسن شيء قبل لا تأخذ أي دواء روح حق الدكتور وهو بيكتب لك الدواء المناسب احسن من اتروح الصيدليه ويعطيك عشرين نوع من الدواء عشان يربح الصيدليه ودمتم سالمين». وإلى هذا الرأي ذهب خالد السليطي في تغريدة قال فيها: «المفروض قبل الصيدلي تروح لطبيب وهو يوصف لك الدواء. اذا انت تعرف الدواء وتبيه بدون طبيب ما تحتاج الصيدلي».

وهذا الرأي رغم وجاهته إلا أنه غير عملي في كل الحالات، إذ ليس من المعقول ذهاب المريض إلى الطبيب ليكتب له وصفة بها شريط اسبرين أو بنادول مقابل رسوم كشف باهظة، كما أن بعض أصحاب الأمراض المزمنة يكررون نفس الدواء بناء على نصيحة الأطباء، وكثيرا ما يحدث أن يفقد المريض الوصفة الطبية التي يريد أن يجددها فيضطر للذهاب إلى الصيدلية، دون الرجوع للطبيب حتى لا يتكبد رسوما جديدة للكشف أو المراجعة، وهنا احتمال وقوع الخطأ فيه وارد.

شرط إتقان اللغة العربية

يطالب بعض المغردين بتطبيق شرط اتقان اللغة العربية على الأجانب ممن يريدون العمل في قطر أو أي بلد عربي، مثلما يشترطون على من يعمل في بلادهم اتقان لغتهم، وهذا الشرط طالب به أحمد، فكتب يقول: «المفروض كما يفعل الغرب بنا عند السفر لبلدانهم وخصوصاً للعمل، اشتراط اللغة على كل من يريد العمل في البلاد العربية، تعلم اللغة العربية كشرط اساسي لقبوله، والله هذا شرط قابل للتنفيذ لكن للأسف نحن نستهين بلغتنا وأنفسنا ولهذا يستهين بنا الغرب وحتى الشعوب غير الغربية» وقد اتفق الدكتور أيمن سطوف مع أحمد في هذا الرأي فكتب يقول: «معك كل الحق...هنا اللغة المحكية هي العربية ومن الواجب ان يأتي من يتحدث بها..من ليست اساسية له..يجب أن يتعلمها لكي يقدر ان يتعامل مع المريض وليس واجب المريض أن يتعلم الإنجليزي كي يفهم الطبيب أو الصيدلاني».

عمليا هذا الشرط غير واقعي لأن الأوروبيين أو الأميركان لا يهتمون بتعلم لغات غير لغتهم، كما أن من يعملون في قطاع الصيدلة في قطر من الأوروبيين ليسوا بالعدد الكبير، لكن الرأي الأفضل ما قالته سارا في تغريدتها: «ما يحتاج صيدلي أجنبي، يكفي عربي ويتقن الإنكليزية».

اهتمام كبير

يبدو أن هذا الأمر يشغل حيزا كبيرا من اهتمام الناس، وهذا أمر طبيعي لأنه يتعلق بصحة الإنسان التي هي أهم من كل شيء، فمغردة وقعت تغريدتها باسم الجنوبية كتبت تقول: «أي مب الصيدليات بس حتى العيادات الخاصة والله اني في بلادي وحاسة اني غريبه لازم اتكلم انجليزي» وتغريدة قليلة الكلام كثيرة المعنى وعميقة من شما الكواري جسدت المشكلة من كل جوانبها فكتبت تقول: «مش بس في الصيدليات الخاصة هذا حتى في مستشفى حمد الاستقبال والممرضات كلهم ما يعرفون عربي والمصيبة لما يدخلونك على دكتور ما يعرف عربي والممرضة مثله مصيبة كبيرة الله المستعان» وأقر بو عبد الرحمن بحقيقة ما قالته شما فكتب يقول: «هاي المشكله في كل مكان تعال شوف طؤارى الوكرة كلهم هنود وفلبينيين مرات مرات نحصل جنسية عربيه لكن الاغلب اجنبي».

ونكتفي بهذا القدر من التغريدات وبذلك نكون قد ساهمنا في نقل آراء الناس حول الظاهرة على أمل البحث عن حل جوهري يحفظ للمرضى حقوقهم في التواصل مع الأطباء والصيادلة، مع ملاحظة أننا تعمدنا نقل التغريدات كما هي دون التدخل بالتعديل حتى في قواعد اللغة حرصا منا على الدقة.