يتعقد المشهد في قضية النقض المتتالي للمشرق العربي عبر البعد الإقليمي، الذي رهن أي استقرار للمنظومة العربية بمصالحه الجيوسياسية، وهم هنا أربعة أطراف روسيا وإسرائيل وإيران وتركيا، وللكيان المحتل دوره الخاص استقلالاً أو تنسيقاً مع الأميركيين، لكنه أيضا يستثمر في تقدم التحالف الثلاثي الذي تقوده موسكو، وعبر تقدم هذا التحالف نفسه، الذي عززته حماقات عربية حين أسقطت الربيع العربي، فقد آلت الأمور في خريطة هذه الأضلاع إلى إسقاط القضية السورية وتدهور أسوأ للعراقية، وضم اليمن إلى فسيفساء حروب متعددة.
وهنا السؤال: ما هي المخاطر، التي قد يواجهها الخليج العربي من هذا الصراع، وما هي مصالح العمق العربي، وحاضر العالم الإسلامي، وهل هناك ما يمكن أن تساهم فيه الدوحة للإقليم العربي، لو أنهت السعودية أزمتها النفسية معها؟
فكل ما يمكن أن يُراهن عليه، أن تتراجع سياسة الدولة السعودية المتطرفة، وتعبر مصالح الناس، وخاصة علاقات أهل الخليج العربي التي تضررت، وزاد تمكن واشنطن وطهران، من اقليمهم بسبب الأزمة، وزادت ثقافة القمع والجاهلية الأخلاقية بين ظهرانيهم.
نشير هنا إلى مسألة مهمة، في تقدير المستقبل في الفكر الإسلامي، حيث نلاحظ أن جزءًا من الخطاب الإسلامي فضلاً عن القومي، ينطلق من انفعال وتوتر، ينتهي إلى أن لا حل الا بالذهاب إلى آخر مرحلة لحرب سياسية أو حتى اسناد عسكري، في أراضي الدولة السعودية، وهو إشكال خطير لو استخدم في الصراع التركي السعودي.
وهنا نستحضر قضية دعم أنقرة، لاجتياح الحرس الثوري الإيراني لكردستان العراق، فهل تكرار مثل هذا التعاون في الخليج مصلحة عليا، لعرب المشرق وليس الخليج فقط، هل فكرة استدعاء البعد الديني العثماني لتركيا القومية في هذا الملف هو حل؟
يجب أن نلاحظ هنا أن الوضع الداخلي التركي، وانقسام حزب العدالة، والرغبة الملحة للتخلص من ملف اللاجئين السوريين، وتحجيم الوجود العربي في تركيا، كونه مطلبا شعبويا جارفا، يلعب دوراً كبيراً في التحالف الإقليمي، بسبب الصراع الانتخابي الشرس.
وهنا دور الدوحة في هذا الملف، لو رَشَد قرار الرياض، فهو لصالح المنطقة وصالح الأتراك، الذين رفضت الرياض دعوتهم، للتطبيع معها التي وجهها جاويش أوغلو.
إن هذه التهدئات بين قوى الإقليم وخاصة الخليج العربي وتركيا، ستُحيّد بعض هذه التوترات والانفجارات الكبرى، والدوحة قادرة على ذلك، لكن مشكلة التفكير الاستراتيجي في الرياض أنها لا تزن الأمور بهذا المنطق.
وعموماً فإن حصول المصالحة النسبية وفك الاشتباك مع قطر، لو تحقق اليوم، فهو سيدفع لتسويات وتُسحب نيران الصراع التي تشتعل اليوم بين العرب والأتراك، وتعود قاعدة العلاقات إلى شيء من الهدوء النسبي، حينها ممكن جداً، أن تطور هذه التوازنات، لتكون في صالح ملف اللاجئين السوريين.
وحتى ملف الصراع مع إيران، ممكن أن يضبط، بدلاً من أن يترك لبوصلة الحروب والابتزاز الغربي، ويُدفع جماعياً لتكون مسقط والكويت وسيطاً، لحل سياسي في اليمن يحفظ للرياض شيئاً من الكرامة، ويوقف بحر الدم، ويُعيد للخليج العربي شيئاً من أمنه الذاتي.
هنا يتبين للقارئ العربي، ما الذي نعنيه من أهمية استراتيجية، لإغلاق ملف الخلاف القطري السعودي، هذا فضلا عن كارثة الكراهية والانقسام الاجتماعي والخسائر الضخمة التي ذهبت لسوق الابتزاز الدولي، واستدعت تل أبيب لتكون لاعباً فاعلاً في المنطقة، ليس على مستوى السياسة فقط، ولكن على مستوى الثقافة العربية والروح الإسلامية، التي تلاعبت بها أزمة الخليج، فكان الصهاينة أكبر الحاصدين.
إنني حين أُحرر هذا التحليل، أطرحه في مساحة الممكن فقط، كما أنني أفهم حجم المساحة للملفات الحقوقية، التي استفادت من هذا الصراع، غير أنها دائما استثمارات موسمية، لن يستطيع أي حراك وطني في السعودية وغيرها، من التقدم التنفيذي دون روح مستقلة ذاتية، تبني على ثقافة الداخل لا مواسم الخارج التي مهما طالت، فلا يعرف تطوراتها، وأين ستضرب عواصفها الجديدة.بقلم: مهنا الحبيل
وهنا السؤال: ما هي المخاطر، التي قد يواجهها الخليج العربي من هذا الصراع، وما هي مصالح العمق العربي، وحاضر العالم الإسلامي، وهل هناك ما يمكن أن تساهم فيه الدوحة للإقليم العربي، لو أنهت السعودية أزمتها النفسية معها؟
فكل ما يمكن أن يُراهن عليه، أن تتراجع سياسة الدولة السعودية المتطرفة، وتعبر مصالح الناس، وخاصة علاقات أهل الخليج العربي التي تضررت، وزاد تمكن واشنطن وطهران، من اقليمهم بسبب الأزمة، وزادت ثقافة القمع والجاهلية الأخلاقية بين ظهرانيهم.
نشير هنا إلى مسألة مهمة، في تقدير المستقبل في الفكر الإسلامي، حيث نلاحظ أن جزءًا من الخطاب الإسلامي فضلاً عن القومي، ينطلق من انفعال وتوتر، ينتهي إلى أن لا حل الا بالذهاب إلى آخر مرحلة لحرب سياسية أو حتى اسناد عسكري، في أراضي الدولة السعودية، وهو إشكال خطير لو استخدم في الصراع التركي السعودي.
وهنا نستحضر قضية دعم أنقرة، لاجتياح الحرس الثوري الإيراني لكردستان العراق، فهل تكرار مثل هذا التعاون في الخليج مصلحة عليا، لعرب المشرق وليس الخليج فقط، هل فكرة استدعاء البعد الديني العثماني لتركيا القومية في هذا الملف هو حل؟
يجب أن نلاحظ هنا أن الوضع الداخلي التركي، وانقسام حزب العدالة، والرغبة الملحة للتخلص من ملف اللاجئين السوريين، وتحجيم الوجود العربي في تركيا، كونه مطلبا شعبويا جارفا، يلعب دوراً كبيراً في التحالف الإقليمي، بسبب الصراع الانتخابي الشرس.
وهنا دور الدوحة في هذا الملف، لو رَشَد قرار الرياض، فهو لصالح المنطقة وصالح الأتراك، الذين رفضت الرياض دعوتهم، للتطبيع معها التي وجهها جاويش أوغلو.
إن هذه التهدئات بين قوى الإقليم وخاصة الخليج العربي وتركيا، ستُحيّد بعض هذه التوترات والانفجارات الكبرى، والدوحة قادرة على ذلك، لكن مشكلة التفكير الاستراتيجي في الرياض أنها لا تزن الأمور بهذا المنطق.
وعموماً فإن حصول المصالحة النسبية وفك الاشتباك مع قطر، لو تحقق اليوم، فهو سيدفع لتسويات وتُسحب نيران الصراع التي تشتعل اليوم بين العرب والأتراك، وتعود قاعدة العلاقات إلى شيء من الهدوء النسبي، حينها ممكن جداً، أن تطور هذه التوازنات، لتكون في صالح ملف اللاجئين السوريين.
وحتى ملف الصراع مع إيران، ممكن أن يضبط، بدلاً من أن يترك لبوصلة الحروب والابتزاز الغربي، ويُدفع جماعياً لتكون مسقط والكويت وسيطاً، لحل سياسي في اليمن يحفظ للرياض شيئاً من الكرامة، ويوقف بحر الدم، ويُعيد للخليج العربي شيئاً من أمنه الذاتي.
هنا يتبين للقارئ العربي، ما الذي نعنيه من أهمية استراتيجية، لإغلاق ملف الخلاف القطري السعودي، هذا فضلا عن كارثة الكراهية والانقسام الاجتماعي والخسائر الضخمة التي ذهبت لسوق الابتزاز الدولي، واستدعت تل أبيب لتكون لاعباً فاعلاً في المنطقة، ليس على مستوى السياسة فقط، ولكن على مستوى الثقافة العربية والروح الإسلامية، التي تلاعبت بها أزمة الخليج، فكان الصهاينة أكبر الحاصدين.
إنني حين أُحرر هذا التحليل، أطرحه في مساحة الممكن فقط، كما أنني أفهم حجم المساحة للملفات الحقوقية، التي استفادت من هذا الصراع، غير أنها دائما استثمارات موسمية، لن يستطيع أي حراك وطني في السعودية وغيرها، من التقدم التنفيذي دون روح مستقلة ذاتية، تبني على ثقافة الداخل لا مواسم الخارج التي مهما طالت، فلا يعرف تطوراتها، وأين ستضرب عواصفها الجديدة.بقلم: مهنا الحبيل