لم يمثّل انتخاب الأستاذ قيس سعيّد مفاجأة في الانتخابات الرئاسية التونسية الأخيرة بل كان متوقعا بقدر كبير خاصة أمام منافسه المرتبط وثيق الارتباط بالنظام القديم وبالدولة العميقة. تمثلت المفاجأة الحقيقية في حجم الموجة الانتخابية وهي تستعيد الزخم الثوري الذي كان قائما خلال الأشهر الأولى للثورة حيث تكاد الأجواء العامة اليوم تتطابق مع فجر الربيع العربي. هذه الظاهرة هي الخاصية الأساسية لآخر أطوار المسار الانتقالي التونسي ممثلا في الانتخابات التشريعية والرئاسية التي أعلنت أن وهج الثورة الذي أطاح بنظام بن علي لا يزال قائما في تونس. فرغم كل الضربات التي وجهتها له الثورة المضادة خلال السنوات التسع الماضية إلا أنها لم تنجح في تحقيق انقلاب على المشهد الثوري.
لا نقصد بالإقرار السابق إسقاط المسار الانتقالي نفسه مثلما حدث ذلك في مصر بالقوة المادية القاهرة وإنما نقصد به إسقاط فكرة الثورة في مخيال الجماهير القاعدية التي صنعتها، لم تكن الحرب الإعلامية التي قادتها أذرع الثورة المضادة خلال قرابة عقد من الزمان واستعملت فيها كل أنواع التضليل والكذب والتشويه إلا جزء من محاولة الانقلاب على وعي الثورة وقيمتها في ذهن العامة من التونسيين.
لقد كان الهدف الأساسي للدولة العميقة عبر سلسلة الاضرابات والحرائق الاجتماعية والاغتيالات السياسية تنفيرَ الشعب من الفكرة الثورية وليست تسمية «الخريف الإسلامي» والربيع العبري إلا جزءا ضئيلا من حفلة التضليل هذه التي كانت تستهدف أساسا الإطاحة بتصدّر الفكرة الثورية للوعي الجمعي التونسي.
اليوم تعود الفكرة الثورية أقوى مما كانت عليه من قبل لتؤكد أولا فشل المسارات الانقلابية وانفضاح مشروع إحياء الاستبداد كما تؤكد أن عودة النظام القديم صارت أمرا مستحيلا على الأقل في المجال التونسي. أما عربيا فإن عودة النفس الثوري إلى مهد الربيع العربي سيقدّم شحنة معنوية هامة لبقية التجارب والمسارات الثورية في المنطقة خاصة في مصر أو في ليبيا حيث نجحت قوى الثورة المضادة في تحقيق ما عجزت عنه في تونس.
أما دوليا فإن رسالة الثورة التونسية تعدّ أبلغ الرسائل إلى المجتمع الدولي الذي لم يتوقف يوما عن اتهام العرب والمسلمين بأنهم ليسوا أهلا للديمقراطية وأن الانتخابات لا تصلح لهم. تجربة تونس تعدّ اليوم أبلغ الرسائل التي تبرهن على أن العرب أشدّ تشبثا بالديمقراطية رغم كل عقود الاستبداد والدكتاتورية التي سُلّطت عليهم وأنّ الحرية هي وحدها الكفيلة بفرز المجتمعات وتحويل السلطة من غنيمة إلى ممارسة مسؤولة.بقلم: محمد هنيد
لا نقصد بالإقرار السابق إسقاط المسار الانتقالي نفسه مثلما حدث ذلك في مصر بالقوة المادية القاهرة وإنما نقصد به إسقاط فكرة الثورة في مخيال الجماهير القاعدية التي صنعتها، لم تكن الحرب الإعلامية التي قادتها أذرع الثورة المضادة خلال قرابة عقد من الزمان واستعملت فيها كل أنواع التضليل والكذب والتشويه إلا جزء من محاولة الانقلاب على وعي الثورة وقيمتها في ذهن العامة من التونسيين.
لقد كان الهدف الأساسي للدولة العميقة عبر سلسلة الاضرابات والحرائق الاجتماعية والاغتيالات السياسية تنفيرَ الشعب من الفكرة الثورية وليست تسمية «الخريف الإسلامي» والربيع العبري إلا جزءا ضئيلا من حفلة التضليل هذه التي كانت تستهدف أساسا الإطاحة بتصدّر الفكرة الثورية للوعي الجمعي التونسي.
اليوم تعود الفكرة الثورية أقوى مما كانت عليه من قبل لتؤكد أولا فشل المسارات الانقلابية وانفضاح مشروع إحياء الاستبداد كما تؤكد أن عودة النظام القديم صارت أمرا مستحيلا على الأقل في المجال التونسي. أما عربيا فإن عودة النفس الثوري إلى مهد الربيع العربي سيقدّم شحنة معنوية هامة لبقية التجارب والمسارات الثورية في المنطقة خاصة في مصر أو في ليبيا حيث نجحت قوى الثورة المضادة في تحقيق ما عجزت عنه في تونس.
أما دوليا فإن رسالة الثورة التونسية تعدّ أبلغ الرسائل إلى المجتمع الدولي الذي لم يتوقف يوما عن اتهام العرب والمسلمين بأنهم ليسوا أهلا للديمقراطية وأن الانتخابات لا تصلح لهم. تجربة تونس تعدّ اليوم أبلغ الرسائل التي تبرهن على أن العرب أشدّ تشبثا بالديمقراطية رغم كل عقود الاستبداد والدكتاتورية التي سُلّطت عليهم وأنّ الحرية هي وحدها الكفيلة بفرز المجتمعات وتحويل السلطة من غنيمة إلى ممارسة مسؤولة.بقلم: محمد هنيد