+ A
A -
آمنة العبيدلي

هل على الآباء أن يغدقوا على أطفالهم دون حساب سواء كانوا في مرحلة الطفولة أو المراهقة أو حتى في المرحلة الجامعية، بمعنى أوضح هل على ولي الأمر أن يلبي طلب الأبناء حتى لو كان الطلب عديم الفائدة، أو كان الابن عنده البديل، أم لابد من المنع في حالات معينة، وتعريف الأبناء قيمة الأشياء وأهمية الادخار، وعدم شراء ما لا يلزم؟

من الطبيعي أن تتعدد الآراء إزاء هذا الموضوع، فمن قائل إن تلبية كل طلبات الأبناء حتى لو كانت عديمة القيمة تعودهم على الاتكالية والبذخ والتبذير والإسراف، وتدفع بهم إلى مشاكل عند الكبر، وتجعلهم أنانيين، وفي المقابل يوجد من يرى أن عدم تلبية طلبات الأطفال يشعرهم بالحرمان، وإذا الأب لم يلبها فمن الممكن أن ينحرف الابن من أجل الحصول عليها بطرق غير سوية.

نصيحة للمتزوجات حديثا

مؤثرون على وسائل الاتصال الاجتماعي ناقشوا هذه القضية، على منصة (إكس) وحساب باسم الزبارة شارك الإعلامي حسن الساعي حديثا في فيديو لأحد المهتمين ينصح به كل فتاة تزوجت حديثا أو مقبلة على الزواج بألا تبالغ في طلباتها من زوجها، فزوجها بدأ للتو يكون أسرة، ولا يستطيع أن يلبي كل ما تطلب، بخلاف الحال مع أبيها الذي كان يلبي كل طلباتها بعد أن مضى به العمر وتمكَّن من بناء أسرة، وقال المتحدث لو أن كل بنت سألت أمها عن الحال يوم تزوجت لأخبرتها أن وضع أبيها المادي لم يكن كافيا لتلبية كل طلباتها، وختم كلامه قائلا على الآباء عدم تلبية كل طلبات الأبناء لابد من المنع أحيانا حتى يشب الابن وهو يعرف قيمة الأشياء، ثم وجه الإعلامي سؤالا لمتابعيه قائلا: ما رأيكم في هذا الكلام، كما شارك عبد الرحمن بن سعود نفس الفيديو وطالب من المتابعين الإجابة عن سؤال حسن الساعي.

كان من أول المتفاعلين بالإجابة عن هذا السؤال المغرد محمد البنعلي الذي بدا متفقا مع الرأي القائل بعدم تلبية طلبات كل الأبناء إلا ما هو مفيد منها، مؤكدا أن النتائج السلبية لتلبية كل المطالب تبدأ مبكرا فكتب يقول: «تلبية كل الطلبات بتشوف مشاكلها قبل الزواج، منها الصدمة إلى بيحصلها الولد أو البنت من اول رفض بالمدرسه أو بالجامعه بالمجتمع» وعلى الفور اتفق المغرد الذي وقع باسم البينالي مع رأي محمد البنعلي، ورغبة منه في نشر التوعية حول الطرق السليمة للتعامل مع مطالب الأبناء قدم اقتراحا في تغريدة قال فيها: «نتفق معك محمد، كما اننا مستعدون لاجراء مقابلة مع احد المختصين في مركز وفاق للتوعية وابداء الرأي في هذا الجانب، بانتظار قبولهم للدعوة».

قديما قالوا «الترف تلف»

ويتواصل التفاعل ويتفق الكثير من المغردين على عدم تلبية طلبات كل الأبناء المفيد منها وغير المفيد، إذ من الممكن أن تكون هناك نتائج سلبية على مؤسسة الأسرة إذا كانت الفتاة تعودت في بيت أبيها على تلبية كل رغباتها ثم لا تجد نفس الدلال في بيت الزوجية، وأشار إلى هذه النتائج مغرد موقع باسم شقى الدنيا أكبر فكتب يقول: «زمنَّا يا أخوي غير عن زمن، الحين البنت طلباتها ما تخلص واذ الولد اعتمد ع راتبه ما يكفيه والمشكله الأم تأيد البنت وينضغط الولد في الأخير الولد زوجناه علشان يرتاح مو علشان يحط ع نفسه ديون لا، اتفق معك»، وقد اتفقت مريم الخاطر مع هذا الرأي، واستدلت على صحته بقول مأثور كان يردده الأوائل مفاده أن المبالغة في الترف تنتهي بالمسرفين إلى التلف، فكتبت تقول: «من زمان اهلنا يقولون الترف تلف بتلبية طلباتهم تعلمهم على الاتكالية وان اوامرهم مجابة فيصابون بازدواجية بين حياتهم المدللة وبين الواقع الخارجي في المستقبل، لازم الطفل يسمع كلمة لا، ومش لازم اشرح لهم اسباب الرفض».

حتى يعرف الأبناء قيمة الأشياء

من المؤكد أنه هناك من يطبق هذا الرأي عمليا، ولا يكتفي بالكلام النظري، مما يجعل الأبناء يعرفون قيمة الأشياء، فالطفل إذا تعود على أخذ كل ما يريد لن يفهم أهمية ما لديه، فمن يألف النعمة لا يدرك قيمتهاظن إلا إذا فقدها عنده يشعر بأهميتها، المغرد جاسم بن ثاني طبق عمليا تعليم أولاده قيمة الأشياء، إذ يمتنع عن تلبية مطالب كثيرة حتى لو كان من السهل تلبيتها ليشب الابن قويا يمكن الاعتماد عليه في إدارة شؤون نفسه من كل جوانبها فكتب يقول: «طبعاً، انا مسوي هالنظام مع عيالي حتى لو كان الطلب سهل وفي خاطرهم لكن اتعمد ارفض واخلي الشي له قيمة اذا جاهم أو عطيتهم بعدين» والمغرد الذي يوقع باسم بدوي وكيفي عاد إلى سير الصحابة رضي الله عنهم، واتى بقول للخليفة عمر بن الخطاب يبرهن على ضرورة الاعتدال في تلبية طلبات الابناء فكتب يقول: «صحيح، وقد استخدم عمر بن الخطاب هذا الأسلوب مع احد أبنائه ومنعه من شراء اللحم، وقال له أكل ما اشتهيت اشتريت؟»

عشرات التغريدات لا يتسع المجال لسردها كلها تؤيد هذا الرأي وترى ضرورة تعليم الأولاد الاعتماد على النفس، ومن الطبيعي أن يوجد من يرى العكس تماما من باب عدم حرمان الأبناء، فطالما أنعم الله على الأب عليه أن يشتري للأولاد كل ما يطلبونه.

اختلاف الآراء

مسفر المري وأصحاب الرأي القائل بعدم تلبية كل الطلبات على طرفي نقيض فكتب يقول: «كلامة غلط 100 % لابد من إشباع رغبات الاولاد في ما يريدون حتى لا ينظرون أو يطلعون في ما عند الغير من الأشياء المحرومين منها، ممكن ان يؤدي النقص عند الطفل بسلب ما عند الغير بأي طريقة كانت»، واتفقت المغردة أم الغالية مع مسفر المري واعترضت بشدة على عدم تلبية كل طلبات الأبناء فكتبت تقول: «شنو هالمنطق ما بسفركم ولا اخذ لكم عشان ما تتعودون، وبكره بتزوجين واحد على قده ويقصر فنقصر عليكم من اللحين، لا والله، تطلع من عندي وعينها مليانة وتقول امي وابوي ما خلوا علينا قاصر، نعطيهم ونعلمهم ان التعليم والوظيفة مهمين وان الزوج مب المارد اللي يحقق الاحلام»، كذلك منيرة تؤكد أن الأبناء الذين تحصلوا على كل ما يطلبون من آبائهم عاطفيون وفي نفس الوقت ماديون أي يحافظون على الأشياء ويعرفون قيمتها ويشب الواحد منهم عزيز النفس فكتبت تقول: «أنا كأم ومعلمة اشوف أن الأولاد والبنات إللي مشبعينهم أهلهم عاطفين وماديين مايشوفون الأشياء إلى بيد الناس ودائماً عزيزين النفس رافعين رؤوسهم ويفتخرون في أهلهم، مثلاً أنا كان أبوي الله يرحمه مرره مغدق علينا ويعطينا فلوس بدون حساب رغم الظروف مش زي الآن ومازال شعور الفخر عند ودائماً، واحكي لعيالي عنه وعن كرمه الله يرحمه وكيف كان مو مقصر معنا حتى زوجى دائماً اقوله عن كرم أبوي الله يرحمه والحمد لله مانسيته الآن بالدعاء والصدقة لمن كنت احتاجه عطاني الآن هو يحتاج مني الدعاء والصدقة ما نسيته زي عيالي ماراح ينسونني اذا احتجتهم لأنى ما نسيتهم وعطيتهم برخاء الحمدالله».

المغردة هنادي طرحت رأيا جميلا، مفاده لو أن الحالة المادية للأب ممتازة عليه أن يلبي طلبات أولاده أما لو كانت دون المستوى عليه أن يعلم أبناءه أهمية الصبر والاعتماد على النفس والحمد والشكر لله على النعمة التي بين أيديهم، وكذلك مغرد يوقع باسم المخضرم ولد ارميلة فقال: «غير صحيح … اين دور الام والاب، اخوي ابعدوا عن المال وتلبية احتياجات الاولاد هذا فرض عليك مهب منه ولا هي منحه توقفها متى شئت».

خير الأمور الوسط

من الآراء التي يأخذ بها كثير من أولياء الأمور وينصح بها الكبار الذين خبروا الحياة أن التعامل مع الابناء يكون من خلال ما جاء في الإسلام، فهذا المغرد محمود شعبان جاء بالدليل من القرآن الكريم فقال: «نمشي زي القرآن، ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا، التفسير الميسر: ولا تمسك يدك عن الإنفاق في سبيل الخير، مضيِّقًا على نفسك وأهلك والمحتاجين، ولا تسرف في الإنفاق، فتعطي فوق طاقتك، فتقعد ملومًا يلومك الناس ويذمونك، نادمًا على تبذيرك وضياع مالك» وتغريدة موقعة باسم الوفاء طبعي كتبت تقول: «أنا أشوف أنه يعتمد على طبيعة الولد أو البنت والله ماله دخل بالإنفاق والحرمان سبحان الله انت تصرف على عيالك بنفس الطريقه بس يجيك واحد يعرف انك بتعطيه إذا طلب بس قنوع ما يطلب ويجيك واحد هل من مزيد؟ ويتطلب وأكيد كلكم شفتوا هالشي في عيالكم سبحان من خلق وفرق».

كانت هذه عينة من عشرات التغريدات التي ناقشت الموضوع، والرأي هو الاعتدال فخير الأمور الوسط، وعندما يرى الأب أن طلبات الأولاد زادت عن الحد عليه أن يتوقف ويعيد حساباته.

copy short url   نسخ
23/08/2024
180