حسان يونس
كاتب سوريللوهلة الأولى يبدو وكأن الشعب اللبناني توحد ضد الطبقة الحاكمة، بعد أن وصل وجعه وألمه حدودا غير مسبوقة، بسبب البطالة والفقر والظلم والقهر.
منذ سنوات لم يشهد اللبناني أزمات طاحنة ومتلاحقة بهذا الحجم، لم ترحم أهله وأرضه، طالت رغيف خبزه وعملته وفواتيره ووقود سيارته، والتهمت غاباته وأحراجه بنيران الإهمال والفساد.
لم يكن «واتساب» سوى القشة التي أشعلت مظاهرات الغضب في لبنان، فالتراكمات طويلة وقاسية، والقدرة على الصبر لم تعد تجدي، فلا أمل بمستقبل، ولا طريق لإصلاح، وكلما انطفأ حريق شبّت حرائق، وكأن الألم صار من وقائع الحياة اليومية لهذا الشعب المكتوي بنار الطائفية وعذاباتها التي لا تنتهي منذ أن نال هذا البلد استقلاله في الثاني والعشرين من نوفمبر «1943».
تكمن مشكلة لبنان واللبنانيين بنظامهم السياسي، فمنذ الاستقلال، لا يحكم النظام وفق الدستور فقط، بل هناك المواثيق، والصيغة الطائفية التي تدل على الاتفاق الضمني بين الطوائف على تقاسم السلطة والمراكز في الإدارات والمؤسسات العامة تبعاً لمعايير عددية واقتصادية واجتماعية وتاريخية وسياسية، واستنادا لهذه الصيغة أسندت رئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة الحكومة للسنة، ورئاسة المجلس النيابي للشيعة.
بسبب هذه البنية نجد أن القرار السياسي في لبنان هو قرار جماعي توافقي يصدر نتيجة المساومات بين القوى (الطائفية) الفاعلة، وغالباً ما يأتي كتسوية بين الآراء المتضاربة، وبالتالي فهو لا يعالج المشكلات معالجة جذرية، بقدر مايقدم تسويات تقوم على الترضية وتقاسم المصالح والمغانم.
لكل ذلك كان لابد من الوصول إلى مانشهده اليوم، ومع ذلك فإن الذين يعتقدون أن هذه المظاهرات يمكن أن تشكل أرضية مناسبة لخروج اللبنانيين عن طوق الطائفية والإفلات منها بتصويت عقابي لجميع أحزابهم الطائفية في الانتخابات النيابية المقبلة، ربما يكون واهما أو متعجلا، وقد رأينا جميعا كيف ركبت هذه الأحزاب موجة التظاهرات بدعوة أنصارها للمشاركة فيها، مع أن هذه الأحزاب هي من يحكم في نهاية المطاف، وهي الغارقة في الفساد والفشل.
لم يسلم الغلاء ولا تراجع سعر الليرة ولا اختفاء الرغيف والوقود، ولا حتى الحرائق الأخيرة، من «التفسيرات الطائفية»، فهي أداة الأحزاب للإبقاء على مكتسباتها، وهي الوسيلة لحشد الناس والحفاظ على مكاسبها وفسادها، وهذا يعيدنا إلى ما بدأنا به: هل توحّد الشعب اللبناني ضد الطبقة الحاكمة فعلا؟.
النظرة الأولى تقول إنه فعل ذلك، لكنه لن يلبث أن يعود إلى ما اعتاد عليه بسبب عملية تخويف من الآخر عمرها من عمر استقلال هذا البلد، ولن تجد هذه الأحزاب مشقة تذكر في إعادة اللبنانيين إلى «بيت الطاعة الطائفي» عبر عملية شحن جديدة سوف تبدأ بمجرد انتهاء المظاهرات الأهم في تاريخ لبنان الحديث، ليس بسبب حجمها فقط، وإنما بسبب كونها جاءت عابرة للطوائف هذه المرة.
لقد سمعنا رئيس الوزراء السيد سعد الحريري يمهل شركاءه في الحكومة «72» ساعة لدعم «الإصلاحات» في لبنان، ولم تنقض المدة المحددة حتى أعلن إقرار الحكومة سلسلة إصلاحات وموازنة 2020، معتبرا أن الإجراءات الإصلاحية لا تهدف إلى «مقايضة» المتظاهرين على ترك الشارع ووقف «التعبيرعن غضبهم»، بالإضافة إلى تأييده مطلب إجراء انتخابات نيابية مبكرة، لكن الشارع اللبناني بدا رافضا لكل ذلك مايفتح الباب أمام جميع الاحتمالات الدراماتيكية.
كاتب سوريللوهلة الأولى يبدو وكأن الشعب اللبناني توحد ضد الطبقة الحاكمة، بعد أن وصل وجعه وألمه حدودا غير مسبوقة، بسبب البطالة والفقر والظلم والقهر.
منذ سنوات لم يشهد اللبناني أزمات طاحنة ومتلاحقة بهذا الحجم، لم ترحم أهله وأرضه، طالت رغيف خبزه وعملته وفواتيره ووقود سيارته، والتهمت غاباته وأحراجه بنيران الإهمال والفساد.
لم يكن «واتساب» سوى القشة التي أشعلت مظاهرات الغضب في لبنان، فالتراكمات طويلة وقاسية، والقدرة على الصبر لم تعد تجدي، فلا أمل بمستقبل، ولا طريق لإصلاح، وكلما انطفأ حريق شبّت حرائق، وكأن الألم صار من وقائع الحياة اليومية لهذا الشعب المكتوي بنار الطائفية وعذاباتها التي لا تنتهي منذ أن نال هذا البلد استقلاله في الثاني والعشرين من نوفمبر «1943».
تكمن مشكلة لبنان واللبنانيين بنظامهم السياسي، فمنذ الاستقلال، لا يحكم النظام وفق الدستور فقط، بل هناك المواثيق، والصيغة الطائفية التي تدل على الاتفاق الضمني بين الطوائف على تقاسم السلطة والمراكز في الإدارات والمؤسسات العامة تبعاً لمعايير عددية واقتصادية واجتماعية وتاريخية وسياسية، واستنادا لهذه الصيغة أسندت رئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة الحكومة للسنة، ورئاسة المجلس النيابي للشيعة.
بسبب هذه البنية نجد أن القرار السياسي في لبنان هو قرار جماعي توافقي يصدر نتيجة المساومات بين القوى (الطائفية) الفاعلة، وغالباً ما يأتي كتسوية بين الآراء المتضاربة، وبالتالي فهو لا يعالج المشكلات معالجة جذرية، بقدر مايقدم تسويات تقوم على الترضية وتقاسم المصالح والمغانم.
لكل ذلك كان لابد من الوصول إلى مانشهده اليوم، ومع ذلك فإن الذين يعتقدون أن هذه المظاهرات يمكن أن تشكل أرضية مناسبة لخروج اللبنانيين عن طوق الطائفية والإفلات منها بتصويت عقابي لجميع أحزابهم الطائفية في الانتخابات النيابية المقبلة، ربما يكون واهما أو متعجلا، وقد رأينا جميعا كيف ركبت هذه الأحزاب موجة التظاهرات بدعوة أنصارها للمشاركة فيها، مع أن هذه الأحزاب هي من يحكم في نهاية المطاف، وهي الغارقة في الفساد والفشل.
لم يسلم الغلاء ولا تراجع سعر الليرة ولا اختفاء الرغيف والوقود، ولا حتى الحرائق الأخيرة، من «التفسيرات الطائفية»، فهي أداة الأحزاب للإبقاء على مكتسباتها، وهي الوسيلة لحشد الناس والحفاظ على مكاسبها وفسادها، وهذا يعيدنا إلى ما بدأنا به: هل توحّد الشعب اللبناني ضد الطبقة الحاكمة فعلا؟.
النظرة الأولى تقول إنه فعل ذلك، لكنه لن يلبث أن يعود إلى ما اعتاد عليه بسبب عملية تخويف من الآخر عمرها من عمر استقلال هذا البلد، ولن تجد هذه الأحزاب مشقة تذكر في إعادة اللبنانيين إلى «بيت الطاعة الطائفي» عبر عملية شحن جديدة سوف تبدأ بمجرد انتهاء المظاهرات الأهم في تاريخ لبنان الحديث، ليس بسبب حجمها فقط، وإنما بسبب كونها جاءت عابرة للطوائف هذه المرة.
لقد سمعنا رئيس الوزراء السيد سعد الحريري يمهل شركاءه في الحكومة «72» ساعة لدعم «الإصلاحات» في لبنان، ولم تنقض المدة المحددة حتى أعلن إقرار الحكومة سلسلة إصلاحات وموازنة 2020، معتبرا أن الإجراءات الإصلاحية لا تهدف إلى «مقايضة» المتظاهرين على ترك الشارع ووقف «التعبيرعن غضبهم»، بالإضافة إلى تأييده مطلب إجراء انتخابات نيابية مبكرة، لكن الشارع اللبناني بدا رافضا لكل ذلك مايفتح الباب أمام جميع الاحتمالات الدراماتيكية.