عواصم-‏ الأناضول- دخلت المواجهات بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبناني، أمس، مرحلة جديدة تعد «الأوسع» منذ اندلاعها عقب حرب غزة قبل 11 شهرا، وذلك بعد ترقب دام نحو شهر، لرد الجماعة على اغتيال تل أبيب القيادي فيها فؤاد شكر، بغارة على مبنى ببيروت في 30 يوليو/‏ تموز الماضي.

وشهدت خريطة «المواجهة الأوسع»، بيانات متبادلة بين إسرائيل وحزب الله، بشأن قدرات الاستهداف، وتوقيت لافت بالنسبة للجماعة اللبنانية تزامن مع مفاوضات بالقاهرة بشأن وقف إطلاق النار بغزة، وسط حديث عن سقوط ضحايا بلبنان ومواقف متوالية من طرفي المواجهات وأخرى لبنانية وعربية وأممية.

ومنذ 8 أكتوبر/ ‏تشرين الأول 2023، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها «حزب الله»، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر «الخط الأزرق» الفاصل أسفر عن مئات القتلى والجرحى معظمهم بالجانب اللبناني.

وترهن الفصائل وقف القصف بإنهاء إسرائيل حربا تشنها بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/‏ تشرين الأول الماضي، خلّفت أكثر من 133 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.

خريطة «المواجهة الأوسع»

{أولا: التوقيت

اندلع التصعيد فجر أمس، في «يوم أربعينية الإمام الحسين (احتفال شيعي)» بحسب حزب الله في إطار الرد الأولي على اغتيال شكر، فيما يتزامن ذلك مع اليوم الأخير من مفاوضات جولة القاهرة لبحث التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

{ ثانيا: قدرات الاستهداف

لبنانيا، أعلن حزب الله إطلاق 320 صاروخا فجر أمس، تجاه مواقع عسكرية إسرائيلية ضمن ما أسماه «المرحلة الأولى من الرد على اغتيال تل أبيب للقيادي فيه فؤاد شكر».

وأشار الحزب في بيانه إلى استهداف 11 موقعا إسرائيليا عسكريا هي: قواعد ميرون، وزعتون، والسهل، ونفح، ويردن، وعين زي تيم، وثكنات كيلع، ويو أف، وراموت نفتالي، ومربضي نافي زيف، والزاعورة، وجميعها شمالي إسرائيل.

وفي تطور لافت غير مؤكد من إسرائيل وسط تلميح من «حزب الله» عن استهداف «عمل نوعي»، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، إن الحزب خطط لإطلاق صواريخ تجاه مقر جهاز الموساد ووحدة تابعة للاستخبارات العسكرية في منطقة غليلوت (شمال تل أبيب)، حيث يقع مقر الموساد وقاعدة الوحدة 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية والمسؤولة عن التجسس الإلكتروني.

إسرائيل تحدثت عن أنها «استهدفت أكثر من 40 منطقة إطلاق على الجنوب اللبناني عبر نحو 100 طائرة حربية هاجمت ودمرت آلاف المنصات التابعة لحزب الله التي كانت على أهبة إطلاق صواريخ نحو شمالي إسرائيل ووسطها»، وفق بيان للجيش.

وأحصت وكالة الأنباء اللبنانية أكثر من 40 غارة على الجنوب طال أبرزها قرى عين قانا، وكفرفيلا، واللويزة، وبُصليا، ورشاف، والطيري، وحداثا، وكونين، وحاريص، وديرسريان، طلوسة، والقصير، وطير حرفا، ومجدل زون، وعلما الشعب، والجبين، وشيحين، وميس الجبل، وعلمان والخيام، بخلاف سقوط مسيرة إسرائيلية في بلدة عين تنتا العكارية، جنوب البلاد.

كما شن الطيران الحربي الإسرائيلي «غارات عنيفة» على مناطق وادي حامول شرق الناقورة ومنطقة التسهيلات وأطراف بلدة زبقين.

ومبكرا أعلن، وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، حالة الطوارئ لمدة 48 ساعة في عموم البلاد، بدءاً من السادسة صباح الأحد (03:00 ت غ).

{ ثالثا: نتائج أولية

فجر أمس، تحدث الجيش الإسرائيلي عن «إحباط هجوم» بعد ادعاء مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تنفيذ «هجوم استباقي» على لبنان، عقب «رصد استعدادات» لـ «حزب الله» لإطلاق صواريخ تجاه مدن إسرائيل.

ونعى حزب الله، اثنين من عناصره سقطا، أمس، في المواجهات مع إسرائيل جنوب لبنان، ليرتفع إجمالي قتلاه إلى 431 منذ 8 أكتوبر/‏ تشرين الأول الماضي.

وفي بيان لاحق، تحدث «حزب الله»، عن أن «الهجوم تم بنجاح وجميع المسيرات الهجومية أطلقت في الأوقات المحددة لها وعبرت الحدود باتجاه أهدافها»، مشيرا إلى أن «عمليتنا العسكرية لهذا ‏اليوم قد تمت وأنجزت بحمد الله تعالى».

وأكد أن «ادعاءات العدو حول العمل الاستباقي ضد عملياته وتعطيله لهجوم ‏المقاومة هي ادعاءات فارغة وسيتم تفنيدها في خطاب للأمين العام ‏لحزب الله ‏حسن نصر الله اليوم»، مشددا على أنه «إذا تم المسّ بالمدنيين فسيكون العقاب شديداً وقاسياً جداً».

ونعى الحزب في بيانين منفصلين كل من حمزة محمد زلغوط (ذو الفقار)، مواليد عام 1992، من بلدة حاريص في جنوب لبنان، وخضر موسى سويد (ذو الفقار)، مواليد عام 1987، من ذات البلدة.

وذكر الحزب في البيانين أن عنصريه «ارتقيا شهيدين على طريق القدس»، وهو تعبير يشير فيه إلى عناصره الذين يسقطون في المواجهات الدائرة مع الجيش الإسرائيلي منذ أكتوبر الماضي تضامنا مع غزة التي تتعرض لحرب مدمرة، دون مزيد من التفاصيل.

وبمقتلهما ترتفع حصيلة قتلى «حزب الله» جراء المواجهات مع إسرائيل إلى 431 عنصرا منذ 8 أكتوبر/‏ تشرين الأول الماضي، وفق رصد الأناضول.

{ رابعا: الضحايا

وزارة الصحة اللبنانية أعلنت مقتل شخص جراء غارة إسرائيلية بمسيرة على سيارة في بلدة الخيام جنوب لبنان، بينما أدى القصف الإسرائيلي على بلدة الطيري إلى مقتل شخصين، وإصابة اثنين آخرين.

من جهتها، أعلنت «حركة أمل» في بيان، مقتل عنصر لها أثناء «قيامه بواجبه الوطني والجهادي دفاعا عن لبنان والجنوب»، دون تحديد مكان مقتله.

أما الجيش الإسرائيلي فنفى وجود أضرار بشرية أو مادية في تل أبيب، وفق تصريحات صحيفة للمتحدث باسمه «أفيخاي أدرعي».

{ خامسا: مواقف لافتة

لبنانيا، عقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعا وزاريا، لمتابعة تطورات الجنوب، وأعلن أنه «يجري سلسلة من الاتصالات مع أصدقاء لبنان لوقف التصعيد والعدوان الإسرائيلي».

في الجانب الإسرائيلي، ادعى نتانياهو في بيان لمكتبه أن «الجيش دمر آلاف الصواريخ التي كانت موجهة لشمال إسرائيل وأزال تهديدات أخرى».

وأمريكيا، أعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي جو بايدن، يتابع الوضع في إسرائيل ولبنان «عن كثب»، في أعقاب التصعيد مؤكدا أن بلاده ستواصل «دعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس والعمل من أجل الاستقرار الإقليمي».

وعربيا، حذرت مصر، في بيان للخارجية، من فتح حرب جديدة في لبنان، بين حزب الله وإسرائيل، مؤكدة أهمية الحفاظ على استقرار وسيادة لبنان وحتمية الوقف الشامل لإطلاق النار في غزة لتجنيب المنطقة «حالة عدم استقرار شاملة».

وأعلنت شركة الخطوط الجوية الأردنية في بيان، تعليق رحلاتها من وإلى بيروت، بخلاف تعليق رحلات أجنبية عديدة متجهة إلى تل أبيب، وفق هيئة البث الإسرائيلية.

بينما نفت المديرية العامة للطيران المدني اللبناني إلغاء جميع الرحلات من مطار رفيق الحريري الدولي وإليه، وذلك ردا على بعض الادعاءات والأخبار على مواقع التواصل بذلك الخصوص.

وأمميا، دعت اليونيفيل ومكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، الأحد، إلى وقف إطلاق النار والامتناع عن المزيد من التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل جنوب لبنان.