+ A
A -
حنان جواعة

في عصر يتزايد فيه الاعتماد على التكنولوجيا وتوسيع نطاق الإنترنت ليشمل جميع جوانب الحياة اليومية، يزداد التحدي المتعلق بالأمن السيبراني بشكل غير مسبوق. وفي هذا السياق، تحدث لـ «الوطن » مجموعة من الخبراء السيبرانيين عن بعض المفاهيم الخاطئة التي تسود بين الناس حول الأمن السيبراني.

في البداية أشار الدكتور غابرييل أوليجيري، أستاذ مشارك في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة إلى أن البعض يعتقد بأن الأمن السيبراني هو فقط مسألة تهم الشركات الكبيرة، أو أن برامج مكافحة الفيروسات كافية لحمايتهم. هذا الاعتقاد خاطئ تماما، فالجميع هدف محتمل للمجرمين السيبرانيين. الأمر لا يقتصر على حماية الشركات أو المؤسسات الكبرى، بل يجب أن يكون مصدر قلق لكل فرد يستخدم الإنترنت. برامج مكافحة الفيروسات، رغم أهميتها، لا تمثل سوى جزء صغير من الحل. يوضح الدكتور أوليجيري أن الأمن السيبراني عملية مستمرة تتطلب وعيا دائما وتحديثات متواصلة لضمان حماية الأصول الرقمية.

ويضيف الدكتور أوليجيري أن البنية التحتية للأمن السيبراني في أي منظمة لا يمكن أن تكون غير قابلة للاختراق بشكل كامل. الأمان في الشركات يتطلب تحقيق توازن دقيق بين الموارد المتاحة ومستوى الأمان المطلوب. يجب أن تكون عملية إدارة المخاطر وتحليل مشهد التهديدات في مقدمة اهتمامات المؤسسات لتحقيق مستوى أمان مناسب. التهديدات السيبرانية تتطور باستمرار، مما يجعل البحث عن استراتيجيات رئيسية لمواجهتها عملية لا تتوقف. يلعب العنصر البشري دورا حاسما في هذه المعادلة، حيث يعتبر التدريب والوعي لدى الأفراد العاملين في المنظمة من أهم عوامل تعزيز الأمن السيبراني.

ومن جانب آخر، تحدث الدكتور أوليجيري عن التحديات التي تواجه المستخدمين في التعرف على رسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية والمحتالين عبر الإنترنت. هذه الهجمات أصبحت أكثر تعقيدا بفضل التقدم الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي. يشير إلى أن المجرمين السيبرانيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتطوير هجمات مقنعة، مما يجعل من الصعب على المستخدمين التفريق بينها وبين الرسائل الحقيقية. ينصح الدكتور أوليجيري بأهمية التركيز على بعض المؤشرات الرئيسية مثل عنوان البريد الإلكتروني للمرسل ومدى إلحاح المحتوى وشرعية الطلبات المقدمة، بالإضافة إلى تجنب النقر على الروابط أو فتح المرفقات غير المتوقعة.

وفيما يتعلق باستخدام الشبكات العامة، أكد الدكتور أوليجيري أن الواي فاي العام يشكل خطرا كبيرا على الأمان السيبراني. يسمح هذا النوع من الشبكات للمجرمين السيبرانيين بالانضمام إلى الشبكة بسهولة، وبالتالي الوصول إلى المعلومات الشخصية والبيانات الحساسة للمستخدمين. يعتبر التشفير من النهاية إلى النهاية، كما هو الحال في بروتوكول HTTPS أو استخدام الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN)، من أهم الأدوات التي تساعد في تقليل المخاطر عند استخدام الشبكات العامة. ومع ذلك، يبقى الخطر قائما، خاصة مع التطورات التقنية التي تمكن المهاجمين من تتبع المستخدمين حتى على هذه الشبكات.

وفيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، أشار الدكتور أوليجيري إلى أن هذه المنصات تتيح للمستخدمين مشاركة معلوماتهم بشكل واسع، مما يجعل من الخصوصية تحديا كبيرا. الأفراد غالبا ما يكونون على استعداد لمشاركة معلوماتهم الخاصة، ولكنهم قد لا يدركون الحدود التي يمكن للمنصة ضمانها لحماية خصوصيتهم.

وفيما يتعلق بالتدابير القانونية في قطر، تناول محامون القوانين القطرية الخاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية. ومن بينها القانون رقم 14 لسنة 2014 الذي يتضمن عقوبات صارمة ضد الجرائم الإلكترونية، وقانون رقم 14 لسنة 2016 الذي يركز على حماية خصوصية البيانات الشخصية. ويوضح المحامي الأستاذ وليد أبو نيده أن الجرائم الإلكترونية تشمل أفعالا غير قانونية تستهدف الأفراد أو المؤسسات باستخدام وسائل الاتصال الحديثة بهدف الابتزاز أو التشهير أو لتحقيق أهداف سياسية.

ومن جهة أخرى، أشار المحامي أحمد علي النعمة إلى أهمية دور إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في قطر، والتي تعمل على فحص الأجهزة والكشف عن المجرمين باستخدام أحدث التقنيات، مما ساهم بشكل كبير في الحد من انتشار هذه الجرائم.

وختاما، يشدد الخبراء على ضرورة زيادة الوعي الأمني بين المستخدمين وتبني ممارسات أمنية قوية لحماية المعلومات الشخصية والأصول الرقمية. في ظل التطور السريع في التكنولوجيا، تظل التهديدات السيبرانية تحديا دائما يتطلب استجابة متعددة الأوجه تشمل الجوانب التكنولوجية، القانونية، والتوعوية. حماية الأفراد والمؤسسات من هذه التهديدات ليست مسؤولية تقع على عاتق جهة واحدة، بل هي مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر الجهود على جميع المستويات.

copy short url   نسخ
02/09/2024
5