طريق النجاح محفوف بالمخاطر ومليء بالعثرات. لا يمكن الوصول إلى القمة دون أن تدمي الأشواك أقدامنا، وتتمرغ أرجلنا في الوحل مرات ومرات، ونسقط هنا ونقع هناك. على هذا الأساس تقوم هذه المعادلة التي تفيد بأنك حتى تحصل على ما تريد، فعليك أن تواجه ما لا تريد.
قد يظن البعض أن التحديات الكبيرة والصعوبات الجسيمة التي نواجهها مقتصرة على الظروف الخارجية والذاتية فحسب. كأن تكون لديك مشكلة في التركيز تحول بينك وبين التفوق الدراسي، أو تعاني عدم قدرتك على الالتزام والمواظبة اليومية على التقدم صوب أهدافك، أو تعيش في مكان تندر فيه الفرص وتعاني وضعاً معيشيّاً صعباً لا يفتح أمامك السبل ويحجّم من الخيارات المتاحة أمامك لحياة أفضل، وهكذا دواليك.
لكن في الواقع، إن هناك تحدياً لا يقل أهمية عن كل ما سبق، بل ربما يشكّل العائق الأكبر في مسيرة الإنسان صوب النجاح الذي يخطط له؛ ألا وهو أعداء النجاح. هم أولئك الأشخاص الذين يقفون بالمرصاد في طريق كل شخص يريد أن يحقق ذاته، لا غاية لهم سوى تحطيم المعنويات وسحب البساط من تحت أرجل السائرين على طريق أحلامهم، سعادتهم تكمن في النيل من عزائم البشر، ورؤية الهزيمة تتجلى في أعين الناس، والاستمتاع بإخفاق من حولهم؛ حتى يشعروا بأنهم أفضل الموجودين ولا يذكرهم نجاح أحدهم كم هم فاشلون!
الحياة في مجملها حرب، حرب مع نفسك، وحرب مع الظروف الخارجية، وحرب مع أعداء النجاح الذي يقفون عائقاً بينك وبين تحقيق أهدافك ويسخرون من أحلامهم، لإحباطك وجعلك تتراجع عما عقدت العزم عليه.
كثير من الناس وللأسف الشديد يحبطون من كلام الآخرين، ويتوقفون عن السعي بمجرد أن يخبرهم أحد الأشخاص بأن حلمهم مستحيل التحقّق، وأنهم غير قادرين على بلوغ مسعاهم. السبب في ذلك كله، أنهم هشّون من الداخل يتأثرون بأي كلمة كما تتأثر الورقة بنسيم الهواء الخفيف، كلمة ترفعهم إلى السماء وكلمة تنزل بهم إلى القاع!
لذلك يلاحظ أن معظم الناس يبقون معظم عمرهم في دائرة الفشل المتكرر، دون أن يتمكنوا من تحقيق أمانيهم. ذلك أنهم استسلموا عند أول تعليق، ورفعوا الراية البيضاء عند أول تحدّ، وانهزموا داخليّاً إثر كلمة جارحة أو سخرية تافهة فلم يكملوا المشوار!
فما الذي بوسعك فعله تجاه أعداء النجاح؟
عليك أن تدرك بادئ ذي بدء، أنك الوحيد الذي يحدد مصيره، وأنك المسؤول الأوحد عن نجاحك أو فشلك. لا دخل لظرف فلاني ولا لشخص علاني فيما يؤول إليه حالك. إذا فشلت بعدما أخبرك أحدهم أنك فاشل، فذلك لأنك سمحت له بالتأثير فيك وعززت قلة الثقة بالنفس في داخلك. لا يمكن لإنسان على وجه الأرض أن يحطم معنوياتك إلا إذا مهدتَ له الطريق.
إن الناجحين يدركون أنهم صانعوا مستقبلهم، ويعرفون أن أفضل طريقة للتعامل مع أعداء النجاح هي تجاهلهم كليّاً، بل وجعلهم يظنون أن خططهم نجحت. إن الناجح يجعل خصومه والكارهين له يعتقدون أنه خسر، في الوقت الذي يعمل فيه بصمت كما الجندي المجهول.
لا تصرّح بكل شيء تريد القيام به، ودع عدو النجاح يظن أنك خسرت المعركة ويزهو بنصره كما الطاووس المتفاخر بريشه! اتركه يضحك ويسخر ويقيم الاحتفال تلو الآخر، بينما تركز كليّاً على صناعة أحلامك، لتضرب ضربتك القاضية في الوقت المناسب وتسحق كل توقعاته!
مثّل دور الضحية والخاسر الفاشل استعداداً للمعركة الكبرى؛ معركة إثبات الذات بصمت. صمت عظيم يسبق العاصفة والبركان الثائر. ثم اقذف لهبك في اللحظة الملائمة واحرق كل الكلمات المحبطة والادعاءات الفارغة والانتقادات الجارحة والتوقعات الساذجة بضربة واحدة قاضية.