+ A
A -
فاز الحزب الليبرالي في كندا، بقيادة جاستن ترودو بصدارة النتائج في انتخابات أكتوبر الماضي، لكنه لم يستطع أن يحصل على غالبية تؤهله لتشكيل حكومة مطلقة، فتحالف مع الحزب الديمقراطي الجديد، لحكومة مشتركة قد تصمد زمناً، وقد تنهار لخلاف قد يطرأ بين الحزبين فتعاد الانتخابات، كما يجري في واقع التداول الحزبي للسلطة في كندا، والدول التي تقوم على أساس الديمقراطية الحزبية.
وتنفسّت الأقليات ومنهم المسلمون الكنديون واللاجئون الجدد الصعداء، لضمان عدم قيام حكومة محافظين تنفذ التهديدات التي أُعلنت أو تسربت لخططهم، والتي تقوم على مبدأ يميني متشدد، يرفض القبول بكندا متعددة الأطياف، وهو مفهوم الموزاييك الذي ظل ترودو ينشره وفعاليات حزبه، باعتبار أن كندا الجديدة تقوم على هذه القاعدة الجديدة في المواطنة.
وهو مفهوم يحتاج لتقييمه في الحياة التطبيقية، إلى عرض وتشريح، لا يسمح به هذا المقال لتبيان الفرق بين اليمين والليبراليين في كندا، لكن موقف الحزب المحافظ وصلفه في التمسك بيمينيته المتشددة، حفّز الأقليات في آخر الموسم الانتخابي فعادوا للتكتل، ونجح الصوت الكندي المسلم المتحالف مع أقليات الحزب الليبرالي، في إسقاط شخصيات يمينية دفع بها المحافظون لإسقاط الليبراليين، من خلفيات مسيحية شرقية، وهي قضية خطرة، فيجب أن يسعى المجتمع العربي بكل طوائفه، إلى تحييد أي صراع ديني شرقي لصالحهم ولصالح كندا.
لكن هذا الفوز حمل مؤشرات خطيرة لمستقبل التعايش الكندي، خاصةً بين الكتلة الكبرى للشريحة الكندية الغربية، وبين المواطنين الكنديين من أصول مهاجرة، فهناك تسرّب متتالٍ يتجه بأصوات الغربيين الأقدم والذين يحملون إرث تأسيس الدولة الحديثة، بغض النظر عن الجانب الإنساني والحقوقي في تاريخهم مع الهنود الحمر، لكنهم واقع سياسي واجتماعي يُمثل شعب كندا القديم الأعرق هجرة.
هذا التسرب الضخم من صناديق الحزب الليبرالي وغيره، سواءً الممتنع أو الذي اتجه إلى الحزب المحافظ، ليست كل دوافعه يمينية متشددة بالضرورة، ولكنها حالة قلق متصاعدة، ترى أنها تفقد موقعها، ويتم تعويم الشخصية الكندية لصالح تحالفات مهاجرين، وأن الحزب الليبرالي يلعب على هذا الوتر لصالح تمكّنه، على حساب شخصية كندا وفرصهم المعيشية والوظيفية.
وهذا وحده يعزز واقع اليمين العنيف الذي يستمد روح الكراهية، وتتوسع مساحته في مثل هذا الانقسام الاجتماعي، فتنتشر مشاعر الإحباط والشك ثم الكراهية، في مقابل مساحة الود والتعامل الأخلاقي والتقدير القانوني والإنساني بين كل سكان كندا، هذا بالطبع لا يُلغي أصلاً منظومة الانحياز القائمة في الكتل الاقتصادية الكبرى، التي تراعي قوميتها الغربية العريقة في كندا.
ومن الخطورة بمكان أن تتوسع هذه الفجوات التي لا يمكن معالجتها، عبر مواسم الانتخابات السياسية، ولا حتى عبر تثقيف وتنظيم حركة التصويت الضرورية للمواطنين، لتمكين حقوقهم، وإنما في صناعة مشاريع وثقافة تعايش عملية على الأرض، لا تكتفي بترديد القيم الكندية الإيجابية، وإنما تحاول أن تصنع جسوراً حيوية مع المجتمع الغربي الكندي ذاته، وقد أشارت إحصائيات غربية عن عوامل انتشار الفكر اليميني المتشدد، تشير إلى أن هذا الانتشار يقل عند الشريحة ذات التعارف مع المسلمين.
فجهل شريحة واسعة من الكنديين، مع الجهل في ذات المجتمع المسلم لقيم الإسلام، والأخطاء السلوكية في التعامل، وعدم وجود مبادرات، تقوم على قناعة ذاتية بأهمية شراكة المجتمع، وقلة فعاليات الخدمة الاجتماعية النافعة للصالح العام، والاكتفاء بخطاب الضحية، تجاه هذا اليمين، يفاقم مشكلة الكنديين المسلمين، وطرحي هنا لمصطلح العرب الكنديين، لوجود أرضية لغة وإمكانية صناعة تبادل فكري بينهم، تساعد في قيادة الخطاب وتنميته .بقلم: مهنا الحبيل
وتنفسّت الأقليات ومنهم المسلمون الكنديون واللاجئون الجدد الصعداء، لضمان عدم قيام حكومة محافظين تنفذ التهديدات التي أُعلنت أو تسربت لخططهم، والتي تقوم على مبدأ يميني متشدد، يرفض القبول بكندا متعددة الأطياف، وهو مفهوم الموزاييك الذي ظل ترودو ينشره وفعاليات حزبه، باعتبار أن كندا الجديدة تقوم على هذه القاعدة الجديدة في المواطنة.
وهو مفهوم يحتاج لتقييمه في الحياة التطبيقية، إلى عرض وتشريح، لا يسمح به هذا المقال لتبيان الفرق بين اليمين والليبراليين في كندا، لكن موقف الحزب المحافظ وصلفه في التمسك بيمينيته المتشددة، حفّز الأقليات في آخر الموسم الانتخابي فعادوا للتكتل، ونجح الصوت الكندي المسلم المتحالف مع أقليات الحزب الليبرالي، في إسقاط شخصيات يمينية دفع بها المحافظون لإسقاط الليبراليين، من خلفيات مسيحية شرقية، وهي قضية خطرة، فيجب أن يسعى المجتمع العربي بكل طوائفه، إلى تحييد أي صراع ديني شرقي لصالحهم ولصالح كندا.
لكن هذا الفوز حمل مؤشرات خطيرة لمستقبل التعايش الكندي، خاصةً بين الكتلة الكبرى للشريحة الكندية الغربية، وبين المواطنين الكنديين من أصول مهاجرة، فهناك تسرّب متتالٍ يتجه بأصوات الغربيين الأقدم والذين يحملون إرث تأسيس الدولة الحديثة، بغض النظر عن الجانب الإنساني والحقوقي في تاريخهم مع الهنود الحمر، لكنهم واقع سياسي واجتماعي يُمثل شعب كندا القديم الأعرق هجرة.
هذا التسرب الضخم من صناديق الحزب الليبرالي وغيره، سواءً الممتنع أو الذي اتجه إلى الحزب المحافظ، ليست كل دوافعه يمينية متشددة بالضرورة، ولكنها حالة قلق متصاعدة، ترى أنها تفقد موقعها، ويتم تعويم الشخصية الكندية لصالح تحالفات مهاجرين، وأن الحزب الليبرالي يلعب على هذا الوتر لصالح تمكّنه، على حساب شخصية كندا وفرصهم المعيشية والوظيفية.
وهذا وحده يعزز واقع اليمين العنيف الذي يستمد روح الكراهية، وتتوسع مساحته في مثل هذا الانقسام الاجتماعي، فتنتشر مشاعر الإحباط والشك ثم الكراهية، في مقابل مساحة الود والتعامل الأخلاقي والتقدير القانوني والإنساني بين كل سكان كندا، هذا بالطبع لا يُلغي أصلاً منظومة الانحياز القائمة في الكتل الاقتصادية الكبرى، التي تراعي قوميتها الغربية العريقة في كندا.
ومن الخطورة بمكان أن تتوسع هذه الفجوات التي لا يمكن معالجتها، عبر مواسم الانتخابات السياسية، ولا حتى عبر تثقيف وتنظيم حركة التصويت الضرورية للمواطنين، لتمكين حقوقهم، وإنما في صناعة مشاريع وثقافة تعايش عملية على الأرض، لا تكتفي بترديد القيم الكندية الإيجابية، وإنما تحاول أن تصنع جسوراً حيوية مع المجتمع الغربي الكندي ذاته، وقد أشارت إحصائيات غربية عن عوامل انتشار الفكر اليميني المتشدد، تشير إلى أن هذا الانتشار يقل عند الشريحة ذات التعارف مع المسلمين.
فجهل شريحة واسعة من الكنديين، مع الجهل في ذات المجتمع المسلم لقيم الإسلام، والأخطاء السلوكية في التعامل، وعدم وجود مبادرات، تقوم على قناعة ذاتية بأهمية شراكة المجتمع، وقلة فعاليات الخدمة الاجتماعية النافعة للصالح العام، والاكتفاء بخطاب الضحية، تجاه هذا اليمين، يفاقم مشكلة الكنديين المسلمين، وطرحي هنا لمصطلح العرب الكنديين، لوجود أرضية لغة وإمكانية صناعة تبادل فكري بينهم، تساعد في قيادة الخطاب وتنميته .بقلم: مهنا الحبيل