+ A
A -
متابعة آمنة العبيدلي

الأسرة هي المؤسسة الأولى التي ينشأ الأبناء فيها، ويتعلمون في رحابها القيم الجميلة والمفاهيم النبيلة التي تساعدهم على شق طريقهم في الحياة بنجاح، محبين للوطن، حريصين على التعلم، ناجحين في العمل، فاعلين للخير، ولذلك تحرص الدول على استقرار الأسرة لأنها الأساس الذي يقوم عليه بناء المجتمع، ودورها محوري في تخريج أبناء صالحين، فالأبناء هم نصف الحاضر وكل المستقبل، لذا يتوجب على أولياء الأمور من آباء وأمهات إنشاء حوار حضاري بينهم وبين الأبناء لاستطلاع آرائهم وأفكارهم والوقوف على مشاعرهم، ومن ثم التأكيد على ما لديهم من مفاهيم سوية أو تصحيح ما عندهم من مفاهيم غير سوية.

الحوار الإيجابي مع الأبناء عامل فاعل في استقرار الأسرة وتقوية أواصرها، وترسيخ الثقة في النفس لدى الطفل، ولأهميته تناوله كثير من المغردين والمؤثرين القطريين الذين على تماس بطبيعة المجتمع القطري المحافظ على القيم الجميلة.

الاستماع للأبناء باهتمام

وأطلق المغرد محمد البنعلي وهو ناشط على منصة إكس تغريدة وجه حديثه من خلالها إلى الآباء والأمهات قائلا: «‏لما تجلس مع عيالك ويبدى بينكم نقاش على موضوع معين وتسمع لآرائهم واللي ممكن تختلف مع وجهة نظرك لكن تكتشف أنها أكثر واقعية وصحة.. لا تزعل على نفسك بالعكس افرح لأنك استثمرت في تجارة ناجحة وهذي مخرجاتها».

فعلا يلعب حوار الآباء والأمهات دورا مهما في تنمية الطفل، فالأم والأب يشكلان ظهيرا آمنا يستند عليه الأطفال، ومن المعروف أن الأبناء الذكور يقلدون الآباء في أغلب الأمور حتى في الكلام، مثلما تقلد البنات أمهاتهن، ويجب على الوالدين قضاء المزيد من الوقت مع الأبناء والانخراط في أنشطة معهم لتعزيز الحوار بينهم.

وليس هدف الحوار إقامة الحجة على الابن أو محاولة إجباره على اعتناق فكر أو رأي معين، بل للتعرف على أفكارهم وإعطائهم الثقة في أنفسهم بأنهم أصحاب رأي مستقل، فهم خلقوا لزمان غير زمان الأب والأم، ويهدف الحوار أيضا إلى التغلب على الخجل لديهم في الكلام.

ومثلما يلعب الحوار بين الآباء والأمهات أيضا دوراً أساسياً في استقرار الأسرة والترابط القوي بين أفرادها، فإنه أيضا يساعد في النمو العاطفي والاجتماعي، والتعبير السليم عن عواطف الأبناء والإفصاح عما يجيش بداخلهم في مكنونات صدورهم والتحكم فيها، وتطوير مهاراتهم بالإضافة إلى تقوية علاقاتهم مع أسرهم وزيادة الثقة بينهم.

أطفال اليوم محظوظون

وتتغير أساليب التربية مع مرور الزمن، كما تتغير العديد من أنماط المعيشة المختلفة، فمثلًا كانت العقوبة الجسدية في الماضي جزءًا لا يتجزأ من طرق التربية القديمة عند قيام الطفل بسلوكيات سيئة، ولكن قل استخدام هذا الأسلوب مع مرور الزمن، والتطورات التي شهدتها المجتمعات جراء وفرة المعلومات والدراسات وتخصصها وإتاحتها للجميع، بل إن المؤسسات والمنظمات المعنية بشؤون تربية الأطفال قد حظرت العقوبات الجسدية أثناء التربية من خلال توعيتها للمجتمعات وعرض الآثار السلبية التي تخلفها على الطفل سواء أكانت تؤثر مباشرةً على الحالة النفسية للطفل، أو على الحالة الاجتماعية، أو على سلوكياته، أو في طريقة استقباله للمعرفة والمعلومات، وهذا ما جاء ضمن تقرير على موقع بنيان وعبرت عنه المغردة شيخة بالقول: «‏‎صح كلامك، ما شاء الله هم محظوظين الدنيا مفتوحة لهم بمعلومات وأفكار ومصادر للي يبي يتثقف ويتطور مش مثلنا، رد محمد البنعلي عليها قائلاً: لكل زمان دولة ورجال».

وأكد المغرد يوسف صحة الرأي الذي أبدته المغردة شيخة بأن جيل اليوم محظوظ لتوفر أدوات التثقيف وسهولة الوصول إلى المعلومة، والحظ الأوفر من التعليم، فكتب يقول: «أنا عيالي الله يحفظهم يتناقشون فالرياضيات وأنا أكثر مادة كنت أغش فيها وأرسب» وهنا رد عليه محمد البنعلي الذي بدأ مناقشة الموضوع قائلا: «كلمهم في العقيدة، فإذا بيوسف يرد: أشطر مني من أعمارهم ثلاث سنين وعندهم مدرس شريعة والحين أعمارهم 14 و15 يدرسهم كل شيء عن الشريعة وحفظ القرآن»، على العموم أثبت يوسف أنه أب إيجابي رغم أنه كان يغش في الامتحانات فها هو اليوم حريص على تعليم أبنائه ويلمح في حواره مع البنعلي أن الأبناء من الممكن أن يكونوا أصحاب الرأي الصائب، ولذلك فهو يتجنب الحوار معهم كي لا يبدو ضعيفا.

مبادئ الحوار السليم

المغرد راشد المري ألقى الضوء على جانب من الحوار مع الأبناء، يتمسك الأب فيه برأيه، وطبعا هذا الأب لا يصنف كديكتاتور مع الأبناء ولكن يبالغ في الخوف عليهم، فوسائل التواصل الاجتماعي أصابت بعض الأبناء بالتمسك بالرأي وإن كان غير سديد، وهنا يواجه بصرامة الأب والتمسك هو الآخر برأيه ويمارس سلطته الأبوية، كتب راشد يقول: «أعرف واحد عنده نظام أنا صح وأنت غلط» وهنا لابد من التذكير ببعض قواعد الحوار البناء بين الآباء والأبناء، أبرزها أن يوضح الأب للأبناء أنه حريص على مصالحهم وأنه يقدم لهم خلاصة تجاربه في الحياة كي يستفيدوا منها، وأنه مستعد للحوار معهم في أي وقت وأن يسلم بسلامة رأيهم متى كان مقنعا، ولكي يوضح لهم أن الحوار معهم ذو أهمية، وعليه ألا ينشغل بشيء وهو يحاورهم كمشاهدة التليفزيون أو التحدث في الهاتف، ويجب أن يجري الحوار معهم في جو من الود والصفاء النفسي والذهني، وعليه أن يستمع جيدا لما يقوله الطفل ويستوعبه وعدم مقاطعته أثناء سرد قصته، وأن يتجنب الأب أو الأم استخدام ألفاظ وكلمات جارحة مثل غبي، أو أنت طفل صغير ولا تفهم، فكلها ستمنع الطفل عن الكلام مرة أخرى وتفقده ثقته في نفسه.

الطفل الأناني

الأطفال بشكل عام سريعو الغضب إذا لم يحصلوا على ما يريدون وينخرطون في نوبات من البكاء والصراخ تجعل الأب أو الأم يفقد كل منهما هدوءه، وهذا ما عبرت عنه المغردة وردة في تغريدة لها قالت: «ما أقدر واجد ينرفزوني، فأفضل إني ما أناقش، وجيلهم غير يحر وأفكارهم غير». واضح أن وردة وصلت إلى حالة من اليأس، لكن لحسن الحظ هناك طرق كثيرة للتعامل مع الطفل الأناني، إذ يقول الخبراء إن الغضب ونوبات البكاء الشديد لأسباب مختلفة هي الأشهر بين الصغار، وليس من الحكمة أن يتعامل الأب أو الأم مع هذه الحالات بالندية، وأيضا ليس من الحكمة التراخي وفعل ما يريده الطفل لوقف نوبة الغضب بأي شكل، وإنما يجب تفهم مشاعره وتعليمه التعبير عنها بالكلام لا بالبكاء، والحديث معه بهدوء عن أسباب الغضب واستخدام القصص والألعاب المفضلة لديه لتعديل السلوك، وهناك المزيد من الطرق الإبداعية التي يمكن للأم أن تبتكرها.

احترام الأبناء للآباء

بو دهام يركز في تغريدة له على ضرورة تواضع الأبناء للآباء كونهم ينشأون في عصر توفرت لهم فيه كل سبل المعرفة والثقافة، وخلق عنده شجاعة في الرأي فكتب يقول: «أهم شي إذا اطلعو صح، ما يشوفون نفسهم علينا، وبعدها نقول علمته الرماية ولما اشتد ساعده رماني. طبعا، كل واحد يبي عياله يكونون أحسن منه» وهكذا استشهد بو دهام ببيت شعري ينسب إلى معد بن أوس المزني، وإن كان البعض ينسبه إلى مالك بن فهم الأزدي.نكتفي بهذا القدر من التغريدات وكان هدفنا هو إقامة حوار بناء بين الآباء والأبناء للحفاظ على الروابط الأسرية والتفاهم بين أجيال اليوم وأجيال المستقبل من أجل مستقبل مشرق ومزدهر.

copy short url   نسخ
08/09/2024
0