+ A
A -
حوار- أنس عبدالرحمن
كسائر الشعوب العربية والإسلامية يتمتع شهر رمضان المبارك عند القطريين بخصوصية فريدة؛ حيث ارتبط الشهر الفضيل عند الناس بمجموعة من العادات والتقاليد التي يحرص الناس على تنظيمها والمشاركة فيها، مثل القرنقعوه والغبقة ومدفع رمضان وغيرها، وبعضها طوته الأيام. الوطن التقت الأستاذة سلمى النعيمي، الباحثة في التراث والمستشار الثقافي بالمؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا»، وتحدثت معها حول الموروثات الشعبية والعادات والتقاليد الرمضانية في قطر في الوقت الماضي والحاضر..
• ارتبط شهر رمضان عند القطريين بمجموعة من الموروثات الشعبية مثل القرنعقوه والمسحِر وغيرهما.. ما أوجه الشبه والاختلاف بين هذه الموروثات قديماً وحديثاً؟
- يعتبر شهر رمضان من أهم أشهر السنة وأفضلها لدى الشعب القطري؛ حيث إنه شهر السكينة والعبادة والإكثار من قراءة القرآن، وعند الحديث عن رمضان في السابق وفي الوقت الحاضر، نجد أن هناك اختلافاً كبيراً في جميع نواحي الحياة، لقد كانت الحياة بسيطة جداً، وكانت هناك قرى صغيرة وفرجان تتمركز أكثرها على سواحل البحر لامتهان وعمل أهل قطر سابقاً في البحر لصيد السمك والغوص على اللؤلؤ، والعمل في صناعة المراكب التقليدية التي يستخدمونها في موسم الغوص. وكانت البيوت قليلة وجميع أهل الفريج يعيشون كأسرة واحدة تربطهم مشاعر الأخوة والمحبة يتضح من خلال تعاملاتهم اليومية اجمل صور التكافل الاجتماعي.
وأجمل ما كان يميز رمضان في السابق هو احتفالية «دق الحب» وهو موسم متعارف عليه لدى سيدات الحي أو الفريج؛ ففي شهر شعبان تجتمع النسوة في أحد بيوت الأعيان ويقمن بدق الحب وسط مشاعر من الفرح والسرور والغناء حيث يدق الحب «حب الهريس» لعمل مجموعة من الأطعمة التقليدية أهمها خبز الرقاق واللقيمات والجريش، وفي منتصف شعبان هناك احتفالية تراثية أخرى هي النافلة؛ حيث يتم توزيع الأطعمة على الفقراء والأهل والأصدقاء بواسطة الأطفال وهم يوزعون الأكل في أطباق تراثية ويغنون: «يالنافلة يا أم الشحم واللحم»، وهي أغنية متعارف عليها في قطر، ولكن احتفالية دق الحب اختفت من المجتمع القطري، بسبب تطور العصر وتوفر أصناف عديدة ومتنوعة من الأطعمة في الجمعيات والسوبر ماركت والانفتاح الاقتصادي والتجاري على دول العالم.
وليلة القرنقعوه من أهم المناسبات التراثية في قطر والخليج؛ حيث إنها مناسبة خاصة بالأطفال، فبعد صلاة المغرب يدور الأطفال الفرجان قديماً لجمع الحلويات والمكسرات وكانت مواد بسيطة جداً من حب النخي أو الرطب، وفي قتنا هذا برزت هذه المناسبة بشكل أكبر وبشكل مبالغ فيه من الاستعدادات.
• كانت ليالي رمضان مسرحاً للألعاب الشعبية التي يلعبها الكبار والصغار.. ما الألعاب الشعبية التي سقطت من ذاكرة القطريين؟
- بالنسبة للألعاب التي تمارس في رمضان فهي جميع الألعاب الشعبية المتعارف عليها ولكن نظراً لان الأطفال يصومون في رمضان كانوا يلعبون بعد العصر ألعاب «القيس» للبنات ولعبة «التيلة» للأولاد، وفي المساء الحشيشة وعظيم سرى وهي لعبة لا تلعب إلا بالليل، ولا توجد ألعاب محددة لرمضان، والجميل في هذه الألعاب أن معظمها يصاحبه اهزوجات وكلمات غنائية جميلة مثل «طاق طاق طاقية، وقوم يا شويب، وعكرة بكرة.. إلخ من ألعاب، وما يميزها أيضاً أن جميع الألعاب الشعبية تلف في شكل جماعي لا ترى طفلاً يلعب بمفرده، عكس هذه الأيام الذي أصبح فيه الطفل ينفرد بلعبة إلكترونية ويغلق عليه باب غرفته لساعات تتجاوز 12 ساعة يومياً عند البعض.
• سيطرت وسائل التكنولوجيا الحديثة على مفاصل الحياة العامة ما أسقط مجموعة من العادات الرمضانية.. ما تعليقك على ذلك؟
- من الأمور التي سقطت من ذاكرة الناس وكادوا ينسونها هي المسحِر الذي كان يقوم منتصف الليل ليوقظ الناس للسحور وهو يدور الفرجان يومياً وهو يردد سحور ياعباد الله سحور. لمدة ساعتين يومياً بصحبة حماره الذي يعود به إلى المنزل إذا ما وصل إلى نهاية الفريج. وكثير من الأطفال يسعدون بملاحقة المسحر ويرددون الكلمات التي يقولها، وحقيقة اكثر ما أتمنى عودته في شهر رمضان المبارك هو مسحر رمضان في كل منطقة من مناطق قطر وأن يتم تأهيل عدد من المسحرين لإصفاء أجواء رمضانية جميلة، كذلك التهاني والتبريكات كانت تحصل بين الناس بشكل مباشر من خلال الزيارات سواء كان للنساء أو الرجال كان لابد من التهنئة بهذا الشهر الفضيل. أما في وقتنا الحاضر تعددت وسائل التواصل الاجتماعي لتهنئة الأصدقاء والأهل ومازال ولله الحمد المجتمع القطري يحرص على زيارة الأهل والأقارب في رمضان وتهنئتهم، أما بالنسبة للإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي جميعها برزت التراث القطري بشكل جميل وساهمت في تثقيف الجيل الحالي بتراثه
• كيف تنظرين إلى ارتباط الجيل الجديد بالتراث؟
- ارتباط الجيل الحالي بالتراث حقيقة تسعى الدولة جاهدة إلى ربط الجيل الحالي بتراثه والتمسك به والحفاظ عليه من خلال إدماج التراث في المناهج التعليمية وأشيد بتجربة مؤسسة قطر فونديشن بعمل منهج خاص للتراث الشعبي وأنا جداً سعيدة بهذه التجربة كذلك وزارة التربية والتعليم ضمنت مناهجها كثيراً من تراث وتاريخ قطر الأمر الذي يوضح اهتمام قطر بتنشئة جيل ملم بتراثه وتاريخه.
كذلك المهرجانات التراثية في دولة قطر كثيرة واليوم الوطني يتم إبراز جميع عناصر التراث القطري في هذا اليوم وبذلك فرصة كبيرة للتعرف على التراث وإشراكهم في أنشطة اليوم الوطني. وهناك عدد من الجهات تحرص على إبراز التراث والثقافة القطرية بأجمل صورها وعلى رأسها المؤسسة العامة للحي الثقافي ووزارة الثقافة والرياضة وهيئة متاحف قطر ووزارة التربية والتعليم.
• كلمة أخيرة.. ما أهم العادات التي تحرصين عليها خلال الشهر المبارك؟
- أحرص خلال شهر رمضان المبارك على التفرغ التام من أي التزامات، واستغلال أيام شهر رمضان المبارك في قراءة القرآن والإشراف على مائدة الإفطار لأسرتي، واستقبال زيارات الأهل اليومية وشراء متطلبات العيد للأسرة والاستمتاع بالأجواء الروحانية في رمضان.
copy short url   نسخ
29/05/2018
7997