+ A
A -
جريدة الوطن
الدوحة /قنا/ أكدت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة التعليم فوق الجميع عضو مجموعة المدافعين عن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، أن الهجوم على التعليم لا يعني سوى الانقضاض الهمجي على حياة التلاميذ ومعلميهم، حتى لا يتبقى سوى الدمار والفراغ والظلام مخيما بعباءته القاتمة على أحلام بعثرت وآمال خيبت..منوهة إلى أن من يستهدفون التعليم يدركون بلا شك ما يفعلون ويقصدونه مع سبق الإصرار.

وقالت صاحبة السمو خلال احتفاء مؤسسة التعليم فوق الجميع باليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات الذي يقام هذا العام تحت عنوان /التعليم في خطر: التكلفة الإنسانية للحرب/ "عندما أتحدث عن الهجوم على التعليم لا أقصد، بطبيعة الحال، المعنى المجرد للتعليم وإنما دلالته الشاملة فالتعليم يعني صفوفا تكتظ بأطفال أبرياء يحلمون، ويحلم أهاليهم، بمستقبل يريدون من مركب التعليم أن يحملهم إليه، التعليم يعني أيضا معلمين يسخرون علمهم ويبذلون قصارى جهودهم من أجل تأهيل هؤلاء الأطفال لتحقيق أحلامهم وأحلام أهاليهم".

ونبهت سموها خلال الاحتفاء الذي أقيم اليوم بمركز قطر الوطني للمؤتمرات بالقول "لا بدء أكثر إلحاحا وواقعية وأخلاقية من الاستهلال بغزة التي تتعرض لقصف وحشي يمثل إمعانا في الإبادة الجماعية بمجازر يومية متكررة كان من فظائعها المجزرة التي قتل فيها أكثر من مائة نازح فلسطيني كانوا يحتمون بمدرسة التابعين بمنطقة حي الدرج.. ولو أقدمت أية دولة في آسيا أو إفريقيا على ارتكاب هذه المجزرة لسارع المجتمع الدولي، بلا تردد، إلى حصارها ومعاقبتها".

وأضافت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر أنه منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي سجل استشهاد أكثر من 10000 طالب في غزة، وما لا يقل عن 400 مدرس، وتدمير 93% من المدارس التي كان معظمها بمثابة سكن في حالات الطوارئ ويحتمي بها النازحون الذين أصبحوا بلا مأوى بسبب الحرب، وفي هذا السياق، نتذكر أن تسعة عشر خبيرا ومقررا أمميا مستقلا حذروا ببلاغة، في أبريل الماضي، من "إبادة تعليمية متعمدة" في قطاع غزة.

ومضت سموها بالقول "لقد انقضى عام وحل آخر، ولا تزال الأدراج في الصفوف تنتظر طلبتها، دون أن تعلم من سيعود إليها ومن لا يعود، فمنهم من قضى نحبه استشهادا ومنهم من على فراش المرض مبتور الساعدين أو القدمين ومنهم من ينتظر قدره المجهول الذي يحاصره الموت من كل جانب ويتضاءل فيه الأمل بالسلام والحرية والعدالة.. لقد خذلناكم يا أطفال غزة، فلم يحمكم قانون دولي ولا شرعية أممية ولا اتفاقيات دولية".

????وتساءلت صاحبة السمو "فماذا بعد؟ هل وصلنا إلى هذه الحال؟ وأية حال؟ هل استسلمنا إلى الحد الذي جعلنا نشاهد مدنا بأكملها تدمر وسكانا يستهدفون بالرصاص ويحرمون من العلاج الطبي ويعذبون ويجوعون، دون أن تكون لنا ردة فعل تناسب ما يحدث؟ هل وصلت بنا الحال أن نترك الأطفال وحيدين خائفين أسرى لشبح الموت في المستشفيات لم يبق فيها لا دواء ولا مداو؟ هل وصلت بنا الحال بحيث نسمح للمدارس المليئة باللاجئين اليائسين أن تستهدف عمدا بالقصف الجوي وإطلاق النار؟

????ولفتت سموها إلى أن الهجمات على التعليم تتواصل دون انقطاع، حيث تتضرر المدارس من الحروب ويتشرد ملايين الطلبة، كما يحصل في السودان وأوكرانيا، ويدفع الطلبة الأبرياء في نيجيريا والكونغو الديمقراطية وكولومبيا وغيرها ثمنا باهظا للانقسامات المريرة.. لقد فشلنا كمجتمع دولي في حماية التعليم وفشلنا في حماية الطلبة.

وتابعت رئيس مجلس إدارة مؤسسة التعليم فوق الجميع "ليس بيننا من لا يعرف السياسات التي يدار بها العالم والآليات التي تنفذ بها هذه السياسات، ولكل ما نشهده نجد دائما تفسيرا ما، ولكن ما لا نجد له تفسيرا أن يسمح المجتمع الدولي للمعتدين على التعليم بتنفيذ هجماتهم وأن يفلتوا من العقاب دون أن يردعهم ردعا حاسما كما يفعل في حالات أخرى! وسوى ذلك، هناك تكاليف مادية بالمليارات تتطلبها إعادة إعمار البنى التحتية بما في ذلك المدارس والجامعات في غزة واليمن وسوريا وأوكرانيا وميانمار وغيرها، الأمر الذي يوجب توحيد المواقف والرؤى في أن الدول التي ترتكب التدمير تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة لإعادة إعمار ما خلفه تدميرها بمنظومة التعليم".

وبينت سموها أنه في ظل كل هذه الأحوال التي تصدر اليأس، يبقى الأمل الوحيد مرهونا بالشباب، فهؤلاء الطلبة الذين يواصلون الاحتجاج ضد الحرب والمعاناة في جميع أنحاء العالم يرمزون إلى الفطرة السليمة لإنسانيتنا قبل أن تشوه بأجندات المصالح والبرغماتية السياسية.

????واعتبرت سموها أنه مع تزايد تحديات تغير المناخ والأمراض والحروب التي يواجهها هذا العالم الهش، فإنه يجب الاستفادة من موهبة وقدرة كل طفل وشاب لإطلاق إمكانياتهم، ومواصلة تعليمهم، وتأهيلهم للتدريس والقيادة والدفاع عن حق الأطفال والشباب بالسلام والتعليم..مؤكدة بالقول "قبل كل شيء: إننا بحاجة إليهم أحياء".

????وشددت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر على أن "التكلفة الإنسانية" للحرب على غزة لا يقبلها ذو ضمير وأخلاق ومبادئ إنسانية و"إنني واحدة من الذين ينتابهم الغضب حيال ما يرتكب من جرائم بحق الفلسطينيين وبحق القانون الدولي".

????وعبرت سموها عن غضبها مما يجري بالقول "أنا غاضبة من حجم وعدد الجرائم التي ترتكب في غزة، غاضبة من فرط الصمت الفاضح لإنسانيتنا التي هربت من واقع الفجيعة وانخرطت في ما يتعارض مع نبل مبادئها، غاضبة من مجتمع دولي يدعي أنه متحضر فإذا بغزة تطيح بادعائه وتعلن عن احتضاره، غاضبة من زعماء دول انتفضوا غضبا لحرب وصمتوا طويلا عن أخرى، غاضبة من زعماء دول يتحدثون كثيرا عن حقوق الإنسان وولاية القانون الدولي ويسكتون عما يجري في غزة من إبادة جماعية، غاضبة من زعماء كثيرا ما سمعناهم يقولون إن فلسطين قضيتهم المركزية ولا نرى شيئا من هذه المركزية في مواقفهم. غاضبة لهند (طفلة فلسطينية استشهدت برصاص الاحتلال واستشهد المسعفون الذين ذهبوا لإنقاذها وظلت في السيارة 12 يوما حتى رحلت قوات الاحتلال عن المكان) ومن رحل قبلها وبعدها، غاضبة والغاضبون كثر وغضب الرب ليس ببعيد، ومن يحلل عليه غضب الرب فقد هوى".

وأشارت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة التعليم فوق الجميع عضو مجموعة المدافعين عن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة إلى أن "ما يحدث في غزة أماط اللثام عن وحشية عالم زعم أنه متحضر وظنناه كذلك وخاب ظننا. ولا أقصد هنا من يرتكبون الجرائم ويقتلون الأطفال والنساء فحسب، بل كل من دعم هذا العدوان الغاشم بالمال والعتاد ومن اختار الصمت أو التفرج على ما يجري في غزة، ومن شجع على العدوان بشكل سافر أو مستتر.. وبعد سقوط أقنعة البعض وغياب المرجعيات القيمية والثقافية لم تتبق لنا سوى مرجعية غزة: نساء وأطفالا يذكروننا بأن الله حق والدين حق والوطن حق، وإن إنسانا بلا كرامة لا يستحق الحياة".

copy short url   نسخ
09/09/2024
5