تكون فرنسا على موعد مع الإضرابات الاجتماعية هذا الأسبوع بعد أن أعلنت النقابات العمالية عن تعبئة ضخمة لمواجهة قوانين التقاعد الجديدة التي تنوي الحكومة وضعها قيد التنفيذ. هذه الموجة الجديدة من الإضرابات لا ترتبط باحتجاجات السترات الصفراء التي تجاوزت مدتها عامين وتسببت في حرج كبير للسلطة السياسية الحاكمة التي لم تستطع إخمادها بشكل نهائي.
هذه الموجة الجديدة تشكل تحديا كبيرا لنظام الرئيس ماكرون الذي يعتبره كثيرون ممثلا للطبقة الغنية ولمجاميع رجال الأعمال والشركات الكبرى الفرنسية. لكنها تختلف أيضا عن موجة السترات الصفراء بأنها ستشمل كل القطاعات الحيوية مثل النقل والقضاء والإدارة وكثير من القطاعات التي أعلنت عن قبولها دعوة النقابات العمالية المركزية للتعبئة.
ليست فرنسا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي تعرف أصداء أزمة اجتماعية خانقة بل إن أغلب دول الاتحاد الأوروبي باستثناء ألمانيا تعرف هي الأخرى موجات احتجاجية تظهر في شكل تصاعد حركات اليمين المتطرف وتنامي الخطاب المعادي للأجانب والمهاجرين بشكل خاص. إن صعود الأحزاب الشعبوية والحركات العنصرية المتطرفة دليل على مقدمات أزمة اجتماعية واقتصادية يتم تصعيدها في شكل تعبيرات تحمّل الأجانب مسؤولية تردي الأوضاع العامة.
ففي سابقة من نوعها منذ سنوات تجنّد الإعلام الفرنسي برمته من أجل شيطنة الإسلام والمسلمين خاصة من العرب ومن سكان المغرب العربي تحديدا وتحوّل النقاش العام إلى اتهام هذه الجالية بتهديد الهوية الفرنسية في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من الفساد السياسي ومن العجز الاقتصادي ومن هجرة الأدمغة ورؤوس الأموال والتهرب الضريبي.
ليست حرب الاقتصاديات الأوروبية هي السبب الوحيد الخارجي بل إن الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على الصادرات الفرنسية تشكل هي الأخرى مصدرا من مصادر أزمة باريس. كما أن تغوّل الاقتصاد الصيني وتغلغله داخل المستعمرات الفرنسية القديمة وتراجع الصادرات الصناعية مقارنة بالسنوات الماضية شكلت هي الأخرى منشطات للأزمة الاجتماعية الفرنسية.
حاولت باريس ولا تزال تعويض هذا النقص بتقليص النفقات الاجتماعية وفرض مزيد من الضرائب على الطبقة المتوسطة وتشجيع رؤوس الأموال وأصحاب الشركات الكبرى وهو ما انعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطن خاصة من ضعاف الحال والموظفين والمتقاعدين.
لن يكون الشتاء الفرنسي باردا هذه السنة بل سيكون شتاء ساخنا بالمطالب الاجتماعية التي ستجبر فرنسا حتما على تقليص نفقاتها العسكرية في الخارج والبحث عن بدائل جديدة قد تظهر في شكل تقارب روسي أو انصياع إلى الشروط الأميركية لإنقاذ الاقتصاد الفرنسي ومنع الانفجار الاجتماعي.بقلم: محمد هنيد
هذه الموجة الجديدة تشكل تحديا كبيرا لنظام الرئيس ماكرون الذي يعتبره كثيرون ممثلا للطبقة الغنية ولمجاميع رجال الأعمال والشركات الكبرى الفرنسية. لكنها تختلف أيضا عن موجة السترات الصفراء بأنها ستشمل كل القطاعات الحيوية مثل النقل والقضاء والإدارة وكثير من القطاعات التي أعلنت عن قبولها دعوة النقابات العمالية المركزية للتعبئة.
ليست فرنسا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي تعرف أصداء أزمة اجتماعية خانقة بل إن أغلب دول الاتحاد الأوروبي باستثناء ألمانيا تعرف هي الأخرى موجات احتجاجية تظهر في شكل تصاعد حركات اليمين المتطرف وتنامي الخطاب المعادي للأجانب والمهاجرين بشكل خاص. إن صعود الأحزاب الشعبوية والحركات العنصرية المتطرفة دليل على مقدمات أزمة اجتماعية واقتصادية يتم تصعيدها في شكل تعبيرات تحمّل الأجانب مسؤولية تردي الأوضاع العامة.
ففي سابقة من نوعها منذ سنوات تجنّد الإعلام الفرنسي برمته من أجل شيطنة الإسلام والمسلمين خاصة من العرب ومن سكان المغرب العربي تحديدا وتحوّل النقاش العام إلى اتهام هذه الجالية بتهديد الهوية الفرنسية في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من الفساد السياسي ومن العجز الاقتصادي ومن هجرة الأدمغة ورؤوس الأموال والتهرب الضريبي.
ليست حرب الاقتصاديات الأوروبية هي السبب الوحيد الخارجي بل إن الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على الصادرات الفرنسية تشكل هي الأخرى مصدرا من مصادر أزمة باريس. كما أن تغوّل الاقتصاد الصيني وتغلغله داخل المستعمرات الفرنسية القديمة وتراجع الصادرات الصناعية مقارنة بالسنوات الماضية شكلت هي الأخرى منشطات للأزمة الاجتماعية الفرنسية.
حاولت باريس ولا تزال تعويض هذا النقص بتقليص النفقات الاجتماعية وفرض مزيد من الضرائب على الطبقة المتوسطة وتشجيع رؤوس الأموال وأصحاب الشركات الكبرى وهو ما انعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطن خاصة من ضعاف الحال والموظفين والمتقاعدين.
لن يكون الشتاء الفرنسي باردا هذه السنة بل سيكون شتاء ساخنا بالمطالب الاجتماعية التي ستجبر فرنسا حتما على تقليص نفقاتها العسكرية في الخارج والبحث عن بدائل جديدة قد تظهر في شكل تقارب روسي أو انصياع إلى الشروط الأميركية لإنقاذ الاقتصاد الفرنسي ومنع الانفجار الاجتماعي.بقلم: محمد هنيد