في مثل هذا اليوم من العام 2008م أصدر الطبيب اللبناني «منير شماعة» كتابه «إقلاع وهبوط، سيرة طبيب من رأس بيروت» والكتاب من أمتع ما كُتب في السيرة الذاتية، لما فيه من جودة الصياغة، والصراحة، وقول الأشياء كما هي لو كانتْ على صاحبها، وفي الكتاب مواقف تصلُح أن تكون دروساً للعمر، هذا واحد منها:
أذكُرُ حادثة فريدة أثناء عملي في السعودية، إذ ظهرَ لي في الأفق البعيد رجل معه دابة على ظهرها شخص مسطح أفقياً، وبدأت الصورة تتّضح شيئاً فشيئاً، حتى وصلا إلى باب المستوصف، رجل بدوي يجر دابة عليها صبي في الخامسة عشرة من عمره، حمل الرجل الولدَ ووضعه على سرير الفحص وإذا به جثة هامدة!
فسألته من يكون هذا الولد؟ فقال: ابني الوحيد، فقلتُ له إن ابنك ميت!
فقال: الحمد لله!
فصفعته بغضب وقلتُ له كيف تقول الحمد لله، فقد كان مفهومي وقتها لهذه الكلمة أنها لا تُقال إلا عند الأمور الجيدة!
فقال لي مجدداً: الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه!
فترقرقت عيناي بالدموع وقلتُ له: والله أسلمتُ!
كان لهذه الحادثة أثر كبير في تفكيري، فبالرغم من أنني لا أزال أتأرجح بين الإيمان وعدمه، فإن ما قاله هذا البدوي الأمي وعمق إيمانه بالله أكّدا لي عظمة الفلسفة الإسلامية في نظرتها إلى الموت!
وقد تأكّدتْ لي هذه الحقيقة على مر السنين عبر تجربتي مع المرضى المسلمين وخصوصاً السعوديين الذين يقبلون الموت لكونه حتمياً!
فهم برغم حزنهم لا يجدون داعياً للمسرحيات أو النحيب والبكاء، وكل المظاهر الفلكلورية التي يمارسها أبناء الديانات الأخرى في حالات الموت وعند إقامة الجنائز، ويكفيني من الإسلام هذه الفكرة وهذه النظرية الرصينة لفلسفة الموت!
نحن لدينا ما ينقص كل سكان هذا العالم: الطمأنينة! شيء ما زرعه النبي صلّى الله عليه وسلّم في قلوبنا فصرنا نعرف أن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا وما أصابنا لم يكن ليخطئنا فرضينا، لأننا نعلم أنه قد رُفعت الأقلام وجفَّتْ الصُحف!بقلم: أدهم شرقاوي
أذكُرُ حادثة فريدة أثناء عملي في السعودية، إذ ظهرَ لي في الأفق البعيد رجل معه دابة على ظهرها شخص مسطح أفقياً، وبدأت الصورة تتّضح شيئاً فشيئاً، حتى وصلا إلى باب المستوصف، رجل بدوي يجر دابة عليها صبي في الخامسة عشرة من عمره، حمل الرجل الولدَ ووضعه على سرير الفحص وإذا به جثة هامدة!
فسألته من يكون هذا الولد؟ فقال: ابني الوحيد، فقلتُ له إن ابنك ميت!
فقال: الحمد لله!
فصفعته بغضب وقلتُ له كيف تقول الحمد لله، فقد كان مفهومي وقتها لهذه الكلمة أنها لا تُقال إلا عند الأمور الجيدة!
فقال لي مجدداً: الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه!
فترقرقت عيناي بالدموع وقلتُ له: والله أسلمتُ!
كان لهذه الحادثة أثر كبير في تفكيري، فبالرغم من أنني لا أزال أتأرجح بين الإيمان وعدمه، فإن ما قاله هذا البدوي الأمي وعمق إيمانه بالله أكّدا لي عظمة الفلسفة الإسلامية في نظرتها إلى الموت!
وقد تأكّدتْ لي هذه الحقيقة على مر السنين عبر تجربتي مع المرضى المسلمين وخصوصاً السعوديين الذين يقبلون الموت لكونه حتمياً!
فهم برغم حزنهم لا يجدون داعياً للمسرحيات أو النحيب والبكاء، وكل المظاهر الفلكلورية التي يمارسها أبناء الديانات الأخرى في حالات الموت وعند إقامة الجنائز، ويكفيني من الإسلام هذه الفكرة وهذه النظرية الرصينة لفلسفة الموت!
نحن لدينا ما ينقص كل سكان هذا العالم: الطمأنينة! شيء ما زرعه النبي صلّى الله عليه وسلّم في قلوبنا فصرنا نعرف أن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا وما أصابنا لم يكن ليخطئنا فرضينا، لأننا نعلم أنه قد رُفعت الأقلام وجفَّتْ الصُحف!بقلم: أدهم شرقاوي