أشارت د. طيبة سلوان أخصائي طب أسرة في مركز الثمامة الصحي التابع لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية الى أن اكتئاب الفصول، نوع مميز غير مشهور من أنواع الاكتئاب المرتبط بتغيرات فصول السنة، وغالبا ما يحدث في فصلي الصيف أو الشتاء ليعرف باسم اكتئاب ذلك الفصل، ويبرز تميزه عن الاكتئاب العام باختلاف مدة الأعراض حيث تظهر الأعراض عادة في نفس الوقت كل عام، سواء في بداية الخريف أو الربيع، وتختفي مع تغير الموسم، وفي المقابل فإن الاكتئاب العام قد يستمر طوال السنة بدون ارتباط واضح بالتغيرات الموسمية.
ولفهم سبب حدوثه علينا إدراك فسيولوجية أجسامنا وتفاعلنا مع المحيط، حيث إن تغيرات ضوء النهار تؤثر على الساعة البيولوجية للجسم، مما يؤدي إلى اضطرابات في النوم، أما في حالة قلة ضوء النهار كما هو في الشتاء، فذلك سيؤدي إلى زيادة إنتاج هرمون الميلاتونين اللاعب الأكبر في الشعور بالنعاس والاكتئاب.
أما عن الناقل العصبي السيروتونين فإن اعتدال ضوء الشمس يساعد في تنظيم مستوياته بالتالي فإن زيادة التعرض للشمس أو قلته سيؤدي إلى اضطراب إفرازه.
ونوهت د. طيبة إلى أن الأسباب التي تساعد على الإصابه بهذا الاكتئاب:
الجغرافيا: يلعب موقع البلدان دورا كبيرا حيث ان الأشخاص الذين يعيشون في المناطق البعيدة عن خط الاستواء (مثل شمال أوروبا أو كندا) أكثر عرضة للإصابة باكتئاب الشتاء بسبب انخفاض ساعات النهار شتاء، والعكس صحيح، وفي منطقتنا الخليجية قلة التعرض للشمس.
التاريخ العائلي والوراثة: وأشارت الأبحاث العلمية إلى أن هناك عنصرًا وراثيًا لاضطراب الاكتئاب الموسمي.
الجنس للشخص: حيث ان النساء أكثر عرضة للإصابة باكتئاب الفصول من الرجال، بالرغم من ان الأعراض لدى الرجال تكون عادةً أكثر حدة.. وأما عن هوس التكنولوجيا فإن الاستغراق فيها أو في الأجهزة الإلكترونية بدلًا من الخروج إلى الهواء الطلق والتعرض لأشعة الشمس قد يفاقم من أعراض الاكتئاب الموسمي.
وأضافت إلى آلية للتعامل مع الاكتئاب الموسمي كخارطة عمل وإجراءات يتم الحصول عليها من خلال زيارة طبيب الأسرة بعد تثقيفه للعائلة وتقديم الدعم العاطفي المطلوب؛ حيث تتاح لهم مجموعه مميزة من الخدمات الصحية والمرافق المتخصصة بمؤسسة الرعاية الصحية الأولية على راحة كل المواطنين والمقيمين، ومنها على سبيل الذكر: خدمات اخصائيي التغذية لضمان غذاء متوازن يتناسب مع حاجات الجسم للطاقة هدفها العناية بالجسم والعقل على مدار العام، تجهيزا للحصول على أفضل شكل صحي وجسماني خاصة في الصيف.
وخدمات الجم ومراكز اللياقة البدنية: حيث ان ممارسة الرياضة تساعد في إطلاق الإندورفين، وهو الهرمون الذي يعمل على تحسين المزاج والشعور بالسعادة، وبالإضافة إلى ذلك، النشاط البدني يعزز القدرة على النوم الجيد ويساهم في تحسين الطاقة العامة، ما يساعد في مكافحة الشعور بالخمول وما تحتويه المراكز الصحية من خدمات اضافية للعلاج بالزيوت العطرية مثل زيت اللافندر أو النعناع، والتي تساعد في تهدئة الأعصاب وتحسين النوم.
ولا ننسى خدمات اليوغا وتقنيات التنفس والتي تستخدم في تخفيف التوتر العصبي والتوتر العضلي المرتبط باكتئاب الفصول، مثل هذه التقنيات تحسن من تدفق الدم إلى الدماغ وتقلل من القلق، كذلك قياس مستويات فيتامين دال من خلال خدمة الفحص السنوي الشامل المقدم من المراكز الصحية.
وذكرت ضرورة الحفاظ على التغذية الصحية والنشاط والتعرض المناسب لاشعة الشمس بعيدا عن أوقات الذروة كما ان العناية بالنوم والحفاظ على جدول نوم منتظم موضوع جوهري للصحة، كما وأن الإنسان الكفؤ هو الذي يعمل على تنظيم وقته وتقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر يمكن التحكم فيها.
وأضافت ان التخطيط للسفر والجدولة المبكرة للوجهة والتكاليف ونوع الأنشطة يقلل من عامل المفاجأة غير المرغوبة ويقلل مستويات القلق، والبحث عن الأنشطة الإبداعية مثل الرسم أو الكتابة الإبداعية قد تكون وسيلة تعبير جيدة تساعد في تحسين المزاج في أوقات إجازات نهاية الاسبوع على سبيل المثال والإبقاء على نشاط ذهني مثل قراءة الكتب، حل الألغاز، أو تعلم مهارات جديدة يمكن أن تحفز العقل وتصرف الانتباه عن المشاعر السلبية.
ونوهت بأهمية التواصل مع الآخر من الأصدقاء والأسرة البحث عن الدعم الاجتماعي، يمكن أن يحسن الحالة المزاجية بشكل كبير.
وأما تعديل البيئة المنزلية على سبيل المثال فيمكن استخدام الألوان الفاتحة في المنزل وزيادة الإضاءة الطبيعية.
وقد يظن الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب الفصول ان التغيب عن الدوام هو الحل الامثل، ولكنه على العكس فان الشخص سينحدر بالأداء الوظيفي، كما انه سيميل إلى العزلة والوحدة والتي بدورها ستزيد من الضغط النفسي ويؤدي إلى تفاقم الحالة.. وعند استيفاء الخطوط الوقائية أعلاه وعند احتياجنا إلى علاج فإن شدة الاعراض ورغبة المريض تؤخذ بعين الاعتبار لاختيار الانسب حيث نلجأ إلى العلاج بالضوء لعلاج اكتئاب الشتاء من خلال تعريض المرضى لضوء صناعي يحاكي ضوء الشمس، كما ان العلاج النفسي يُستخدم العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لتحديد الأفكار السلبية وتغييرها، كما توفره مراكزنا الصحية المتميزة من خلال عيادات الدعم النفسي وعيادات الطب النفسي، كما يتوفر أدوية للاكتئاب الفصلي في حال كانت الأعراض شديدة.