حين تنظر إلى أحد الضفادع، لا بد أن تلاحظ كيف تجحظ عيناه إلى الخارج، وهذه سمة تمتاز بها هذه الكائنات بشكل واضح. ومن الأشياء المعروفة أن بعض الناس لديهم عيون جاحظة تجعل البعض يقولون لهم أشياء من قبيل: «لماذا عيناك جاحظتان كأعين الضفادع!».

لكن ما لا يعرفه الكثيرون منا حول هذه الميزة أو الخاصية التي تتسم بها الضفادع، هي أن العيون البارزة تمنح الضفدع وهو ثابت في مكانه، قدرة على رؤية كل شيء يقع أمام ناظريه، أو يتواجد في أحد جانبي عينيه، وبشكل جزئي خلفه وحواليه، ما يتيح له رؤية شاملة تسهل عليه عملية اصطياد الحشرات، صعبة التحرك، مهما كانت صغيرة وسريعة الحركة، وحتى مع شبه انعدام الضوء.

ولو أسقطنا رؤية الضفادع الفريدة على حياة البعض منا – خصوصاً الناجحين، فربما نستطيع القول بأن بعض جهابذة الفكر والعلماء والأثرياء والمؤثرين يمتلكون بصيرة شاملة، تمهد لهم الطريق نحو النجاح، وتتيح لهم القدرة على التأقلم مع المستجدات، والاستعداد لأي طارئ يحدث في حياتهم؛ لأنهم بشكل مستمر يقظون تماماً لأي حدث يجري على طول الطريق المؤدي إلى حيث يطمحون.

إن هذه المقدرة على توقع المشكلات، والتنبه لأدق التفاصيل، والاستعداد المسبق للمفاجآت الطارئة يمكن أن تكون سبباً رئيسياً في نجاحك وتحقيق لما تريده. تعلمنا الطبيعة أن الانتباه واليقظة والأعين القوية التي تراقب الأشياء عن كثب تصطاد الفرص مهما كانت صغيرة أو صعبة. وهكذا ينبغي أن يكون كل إنسان يرنو إلى القمة، ويهدف إلى التربع على عرش الناجحين.

الانتباه هو طريقة للوصول إلى حيث تريد، ومهارة ضرورية لتخطي العقبات وتجاوز المحن. وفي عصر مليء بالمشتتات والملهيات لا بد أن تتحكم في تركيزك، وتصب انتباهك في المكان المناسب حتى تحقق ما تصبو إليه.

لا يكفي أن تكون عينك على الجائزة الكبرى فحسب، بل ينبغي أن تكون صاحب رؤية مستقبلية شاملة، حيث لا تكتفي بالتخطيط ليومك بل تخطط للشهر القادم والسنة القادمة، ولخمس سنوات لاحقة. فمن يسر وفق خطة مدروسة فسوف يحقق نتائج أكبر بكثير ممن يسير دون مخطط مسبق.

كما ينبغي عليك أن تكون صياد فرص ماهرا، بحيث تكون مستعداً لاقتناص أي فرصة ذهبية بمجرد أن تلوح في الأفق؛ لأن الفرص أشبه بزائر خفيف الظل، يطرح بابك بخفة ورقة، ما يتطلب أذناً قوية تستطيع سماع صوت طرقاته. وهذا يعني أن الاستعداد المسبق والرؤية الشمولية هما أساس كل نجاح.

لهذا السبب يجب أن تعزز انتباهك، وتنتبه إلى ألاعيب العقل، الذي يحاول أن يتجنب زيادة الانتباه لأن ذلك يتطلب بعض الجهد من جانبك، والتخلي عن بعض العادات أو المتع الآنية.

إن القدرة على الانتباه تعني التركيز، والتركيز مهارة نفتقدها هذا اليوم في ظل التقدم التكنولوجي الذي جعل أجهزتنا المحمولة المصدر الرئيسي للتشتت؛ لهذا السبب يجب أن تعمل على تقوية تركيز من خلال تحييد مصادر الإلهاء أثناء العمل، وتقليل الوقت الذي تقضيه على الهاتف والكمبيوتر في أشياء غير مفيدة مثل مشاهدة الأفلام والمسلسلات والدردشة.

عن طريق زيادة انتباهك للأشياء من حولك، ولأدق تفاصيل الحياة اليومية لن تعزز فرصك في النجاح والترقي الوظيفي فحسب، بل ستدرك قيمة أبسط الأشياء في حياتك؛ فتقدر الصحة التي وهبك الله إياها، وتمتن كل يوم لعشرات النعم التي منحها الخالق لك؛ مما يجعلك أكثر سعادة، ويحسن حياتك الشخصية والمهنية.

كل كائن حي في هذه الحياة لديه سمات مميزة يمكن أن نتعلم منها شيئاً مفيداً. سواء كان الكائن ضفدعاً أو حصاناً أو مجرد نحلة صغيرة، فهناك دوماً دروس قيمة بوسعنا أن نتعلمها لنحسن حياتنا وواقعنا. فاطلب العلم ولو في الصين، وتعلم من كل شيء حولك لترتقي بذاتك وروحك.

www.hamadaltamimiii.com