+ A
A -
لمَّا كان عام الحُديبية وسار النبي صلى الله عليه وسلم بالمُسلمين يُريدون مكة للعُمرة فقط، أُشيع في مكة أن المسلمين إنما جاؤوا للحرب، فقرر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُرسل إليهم رسولاً يُخبرهم أنه ما أراد إلا العُمرة، ولن يمكث في مكة أكثر من يوم وليلة! ووقع أول الأمر اختياره على عمر بن الخطاب، ولأنَّ بني عَدِيَّ يومئذ قلة في مكة ولن يقدروا أن يحموه إذا أرادتْ قريشٌ الغدر، اقترحَ الفاروق على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن يُرسل مكانه عثمان بن عفان، فهو من بني أُمية، الفخذُ القوي والثريُّ من قريش ولن يتجرأ عليه أحد…
ويقبلُ النبي صلى الله عليه وسلم رأي عمر، ويُرسلُ عثمان بن عفان مُوفَداً منه إلى قريش برسالةٍ مفادها ما أتينا للحرب، إنها العُمرة فقط!
فأتى عثمان مكة، وأبلغ أبا سُفيان وسادة قريش رسالة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبروه أنهم سينظرون في أمرهم، وقال أبو سفيان لعثمان: إن شئتَ أن تطوف بالبيت فطُفْ!
فقال له عثمان: ما كنتُ لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبقَتْهُ قريش عندها ريثما تستقر على رأي تبعثه معه إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وعندما تأخر عثمان أُشيع أنه قد قُتل، وكانت الأعراف الدبلوماسية وقتذاك تقتضي أن الرُّسل لا تُقتل، لهذا غضب النبيّ صلى الله عليه وسلم، وطلب من المُسلمين أن يُبايعوه على الموت لقتال قريش عند الشجرة بما عُرف فيما بعد ببيعة الرضوان!
ووضع النبي صلى الله عليه وسلم يده، وبدأ الصحابة يضعون أيديهم فوق يده الشريفة ويُبايعونه على الموت، ثم لما اجتمعت الأيدي فوق يده، رفع يده الشريفة الأخرى وقال: وهذه يد عثمان!
صحيح أن هذه البيعة ما كانت لتكون لولا غياب عثمان، ولكن عثمان كان حاضراً رغم غيابه، سيد الناس ينوب عنه، ويده الشريفة تسدُّ فراغ يد عثمان!
علمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن بيعة الموت لو كانت لسبب آخر وكان عثمان حاضراً ما تخلَّف عن البيعة لهذا سدَّ غيابه
فهل حفظنا نحن غيبة بعضنا؟!
هل تمَّ جمع صدقةٍ لفقير فقال أحدنا هذه عن صديقي الغائب فلو كان حاضراً لتصدَّق؟!
هل اصطحبَ أحدنا أباه أو أمه إلى المستشفى وفي لحظة خلوة قال لأحدهما: إن أخي غاب لعذر ولو كان معنا لكان هنا مكاني وما سبقته إلى بِرِّكما؟!
عندما كانت غزوة تبوك، افتقد النبيُّ صلى الله عليه وسلم كعبَ بن مالك، فسأل: ما فعلَ كعبُ بن مالك!
فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه بُرداه والنظرُ في عِطفيه!
فقام مُعاذ بن جبل وقال: بئسَ ما قلتَ، واللهِ يا رسول الله ما علمنا عنه إلا خيراً!
نعم غاب كعب، ولكنه كان حاضراً في قلب معاذ، فحفظ له غيبته!
وقال رجل للمُبرِّد النحوي الشهير: شتمني فلان فحلمتُ وسكتُّ عنه، ثم شتمكً، فساويتكَ بنفسي، وسكتُّ عنه!
فقال له المُبرِّد: ليسا سواء، إنَّ احتمالك في نفسك حِلْم، واحتمالك في صديقك غدر!
كلما غاب صديق تعرف مروءته، سُدَّ مكانه، وتذكَّرْ: هذه يد عثمان!بقلم: أدهم شرقاوي
ويقبلُ النبي صلى الله عليه وسلم رأي عمر، ويُرسلُ عثمان بن عفان مُوفَداً منه إلى قريش برسالةٍ مفادها ما أتينا للحرب، إنها العُمرة فقط!
فأتى عثمان مكة، وأبلغ أبا سُفيان وسادة قريش رسالة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبروه أنهم سينظرون في أمرهم، وقال أبو سفيان لعثمان: إن شئتَ أن تطوف بالبيت فطُفْ!
فقال له عثمان: ما كنتُ لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبقَتْهُ قريش عندها ريثما تستقر على رأي تبعثه معه إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وعندما تأخر عثمان أُشيع أنه قد قُتل، وكانت الأعراف الدبلوماسية وقتذاك تقتضي أن الرُّسل لا تُقتل، لهذا غضب النبيّ صلى الله عليه وسلم، وطلب من المُسلمين أن يُبايعوه على الموت لقتال قريش عند الشجرة بما عُرف فيما بعد ببيعة الرضوان!
ووضع النبي صلى الله عليه وسلم يده، وبدأ الصحابة يضعون أيديهم فوق يده الشريفة ويُبايعونه على الموت، ثم لما اجتمعت الأيدي فوق يده، رفع يده الشريفة الأخرى وقال: وهذه يد عثمان!
صحيح أن هذه البيعة ما كانت لتكون لولا غياب عثمان، ولكن عثمان كان حاضراً رغم غيابه، سيد الناس ينوب عنه، ويده الشريفة تسدُّ فراغ يد عثمان!
علمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن بيعة الموت لو كانت لسبب آخر وكان عثمان حاضراً ما تخلَّف عن البيعة لهذا سدَّ غيابه
فهل حفظنا نحن غيبة بعضنا؟!
هل تمَّ جمع صدقةٍ لفقير فقال أحدنا هذه عن صديقي الغائب فلو كان حاضراً لتصدَّق؟!
هل اصطحبَ أحدنا أباه أو أمه إلى المستشفى وفي لحظة خلوة قال لأحدهما: إن أخي غاب لعذر ولو كان معنا لكان هنا مكاني وما سبقته إلى بِرِّكما؟!
عندما كانت غزوة تبوك، افتقد النبيُّ صلى الله عليه وسلم كعبَ بن مالك، فسأل: ما فعلَ كعبُ بن مالك!
فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه بُرداه والنظرُ في عِطفيه!
فقام مُعاذ بن جبل وقال: بئسَ ما قلتَ، واللهِ يا رسول الله ما علمنا عنه إلا خيراً!
نعم غاب كعب، ولكنه كان حاضراً في قلب معاذ، فحفظ له غيبته!
وقال رجل للمُبرِّد النحوي الشهير: شتمني فلان فحلمتُ وسكتُّ عنه، ثم شتمكً، فساويتكَ بنفسي، وسكتُّ عنه!
فقال له المُبرِّد: ليسا سواء، إنَّ احتمالك في نفسك حِلْم، واحتمالك في صديقك غدر!
كلما غاب صديق تعرف مروءته، سُدَّ مكانه، وتذكَّرْ: هذه يد عثمان!بقلم: أدهم شرقاوي