ما بين جيل وجيل فرق، وما بين زمن وزمن حياة أخرى وطباع أخرى، قلت ذلك وأنا أتصل بالطالب معاذ عمر، الأول على الثانوية العامة بمعدل لامس الـ100%، فوجدت أن الخبر وصله قبل أن يصل إلى الصحافة بأربع ساعات..
وضعت يدي على خدي، وقلت: هذا زمن التكنولوجيا، ووسائل التواصل، فبمجرد أن وضع المدققون أقلامهم، ظهرت النتائج وظهر العشرة الأوائل الذين تنافسوا جميعا على الرقم 100، فكانوا فقط عشرة طلاب بالمراكز الستة الأولى وغرد الأول وحيدا بمركزه بمعدل 99.75 والثاني بمعدل 99.63، فيما كان العاشر بالمركز السادس مكرر بمعدل 99.38، شاركه فيه خمسة طلبة آخرين وفي نفس المركز بينما كان الثالث والرابع والخامس بمعدلات تقل عُشرا واحدا أو عُشرين، أما الحادي عشر الذي خرج من العشرة الأوائل بعُشر وهو من المتفوقين.
تفوق.. قوبل ببسمة وكأنه أمر عادي.. والسبب أن سرعة وصول الخبر إليه كان أسرع من أجهزة الإعلام المكتوبة التي كانت تنتظر النتائج على أحر من الجمر لتعد الملاحق الخاصة والمقابلات المميزة لهذه المناسبة التي تأتي مرة واحدة في كل عام.
ذهب زمن التجمهر أمام الجريدة.. من طلبة ينتظرون نتائجهم ولا يمكن أن يعرفوها إلا عبر الصحيفة.. وأذكر أول نتائج عملنا لها ملحقا ضخما بالوطن حيث ذهبت مع الزميل علي حمود المدير الفني إلى مطابع علي بن علي بالوكرة نحمل كشوف الناجحين لعمل ملحق من خلال القص واللزق، فكان لدينا 28 صفحة أسماء فقط، فكان عملا استمر من الساعة الخامسة عصرا إلى السادسة فجرا.. وفي العام التالي طالبنا التعليم بأن ترسلها لنا على (فلوبي ديسك) وفي العام الذي يليه طالبنا بأن ترسل لنا على سي دي.. وبعدها ومع التطور قلنا ابعثوها إيميل.. وحين انتشر التواصل لم نعد نطلبها فالطلبة يعلمون بنتائجهم أولا بأول.. ولم تعد هواتف الجريدة ترن طول ليلة النتائج.. نعمة التكنولوجيا.. لكنها نقمة على الفرح والشعور به..
أذكر أنني تابعت نتيجتي الثانوية عبر الراديو وحين سمعت اسمي وسمع الحضور أنني ناجح ولست متفوقا.. انطلقت الزعاريد ولعلع البارود.. وحملني ابن عمي على كتفيه ودار بي في الحارة.. والكل يغني الناجح يرفع إيدو.. كان هذا الحال في استقبال نتائج الثانوية من لبنان إلى السودان.
نقول مبروك للأول والناجحين.. مبروك لمدرسة طارق بن زياد التي دفعت بثلاثة من الأوائل العشرة (الأول والسادس والسابع). مبروك لمدرسة آمنة التي قدمت ثلاثا من بناتها للعشر الأوائل (الثانية والخامسة والتاسعة) مبروك لمدرسة الزبارة التي كان الثالث منها، والرسالة التي خرجت الرابع ومصعب بن عمير التي قدمت الثامن ومبروك للوكرة الثانوية للبنات التي قدمت العاشرة..
مبروك لكم جميعا.. والمستقبل أمامكم ولكم..
بقلم : سمير البرغوثي