+ A
A -
من الصعب أن يُدرج كل مثقف تحت تعريف الفلسفة، خاصة مع الخلاف على تعريف الثقافة والمثقف الذي لم يحسم، كون أنه في الأصل فكراً متحركاً، ينسحب على كل قراءة أو محاولة إنشاء أو مساهمة، أو مجرد تجميع وعي عن منظومة معلومات، لكنها ذات كتلة فهم واضحة، ولكن الرابط هنا معنى الإضافة نقلاً أو تحريراً.
هنا نعود للفلسفة باعتبار أنها أم الثقافة على الأقل، فرحلة الوعي الفكري الحديث المقارَن أو المحرَّر في أيديولوجيته الخاصة، أن الجوهر الأصلي للفلسفة هو التفسير الكلي لحدوث العالم، والتأسيس الأخلاقي لتأصيل سلوك الإنسان لصناعة مستقبله، فهذا المدخل منطلق تاريخي نفهم منه أين تقف الأخلاق من رحلة العالم، وهنا نتنبه إلى ذلك العمق الأصيل، في بلاغ الرسالة الإسلامية للعالمين، وأن رسولها الأمين عليه الصلاة والسلام، بُعث متمماً لمكارم الأخلاق.
والتوسّع في هذا المعنى هو قضية كتب لا مقال، ولذلك ندلف لقضيتنا هنا، في تحرير السؤال المهم:
هل يلزم أن يكونَ المثقف خلوقاً؟
إن هناك تدافعا نفسيا كبيرا في رحلة المثقف العربي، كلما احتشدت عليه الظروف أضحى الأمر أصعب، كيف يسعى لتثبيت معياره الأخلاقي، وعدم الإساءة للناس أو نقل ما يضرهم، أو نعتهم بما يزدريهم، وبالخصوص الند أو المماثل أو الزميل المثقف، وبالطبع هنا نحن نقصد كل مثقف رجلاً أو امرأة.
وهناك مدارات أصعب للمثقف المستقل، والاستقلال هنا ليس محصوراً أن يولد ذلك الكاتب أو الرأي أو الناقد، في كوكب آخر، فلا توجد قدرة لإنسان من تحقيق مساحة حضور وتحرير رؤية، ودفع قلمه بفكرة ناضجة دون تقاطعات، ومن رُهن في محبس الظرف من المثقفين العرب، حوصر رأيه، وإن كان الله عوّض بعضهم ذكراً ومناراً بعد رحيلهم، غير أن ذلك لا يعني أن يُلزم المثقف بالاعتكاف الشامل، عن منصات الإعلام والنشر، فهذا قدره الذي سُخّر له، كما أنه مضطرٌ للنصَبِ في سبيل وصول رأيه للناس.
إنما المعيار أكان المثقف في قبيلة المؤسسة أو التيار ذي الإمكانية، أو كان مستقلاً مشاركاً، هو في حجم تجنبه الكبائر السلوكية وهي الترويج للظلم، أو العزف الصاخب للبروباغندا، لتمرير مسلك سوء، أو دفق حبره الحرام على مثقف بريء، لم يجد هذا المثقف الناقد أو الحاقد، إلا توجيه سهامه ضده، وهكذا اختلط على الناس فصل مادته الثقافية عن ضميره المريض.
إنها رحلة صعبة بالفعل، سواء لجمهور التلقي أو لحركة الجدل المعرفي الحر، خاصة حين تكون حالة المرض في هذ المثقف متقدمة جداً، فهو في وضع يجعله مجهر تسلط تثور مشاعره وتجيش نفسه بالحسد، لكل إنتاج فكري، ولا يقصد من ذلك ألا يكون للقلم النقدي حقه، وإلا لهَوَت موازين الناس، وإنما القصد هو أن تتملك هذا الشخص حالة فزع نفسية من ظهور قلم أو طرح قضية، أو بروز فكرة، فتنكفئ نفسه على كراهية أي نجاحٍ محتمل، فينطلق للطعن قبل أن تستوي الفكرة على منصة الرأي.
وأكبر الآثمين المزايد الذي يترصد لقلم تغرب في كفاحه، وقد جهل الحاقد ما يُلاقيه، وحين أدرك بعض منصات الوصول، لتكون راحلته إلى الشباب لعله يساهم في صناعة فكر راشد للمستقبل، والإنسان العربي المعذب، فانطلق الحاقد يروي غله في آثار المهاجر، الذي تواصل معه بعفوية لعل الله أن يجعل بينهما وداً، يعزز أخلاق المثقف وتحالف الفكرة، فتدعم قضايا المجتمع العربي بهذه الشراكة. إن هنا تحديا كبيرا جداً لأي مجتمع يسعى لحضور الثقافة في ميادين أبنائه، وصناعة وطنه، وهي أن يحذر من وقوع الحركة الثقافية في أودية سحيقة من الصراعات الشخصية، أو النرجسيات المتطرفة، لأن ذلك يُحبط رحلة المثقف، ويعزل الشباب عنهم، والأسوأ أنه يورد أبناء المجتمع أمراض الصراع، قبل أن تتمكن فكرة الوعي من أجيالهم، ولذلك فإن الشرط الأخلاقي هنا مقدمة لتحقيق الفارق المعرفي.بقلم: مهنا الحبيل
هنا نعود للفلسفة باعتبار أنها أم الثقافة على الأقل، فرحلة الوعي الفكري الحديث المقارَن أو المحرَّر في أيديولوجيته الخاصة، أن الجوهر الأصلي للفلسفة هو التفسير الكلي لحدوث العالم، والتأسيس الأخلاقي لتأصيل سلوك الإنسان لصناعة مستقبله، فهذا المدخل منطلق تاريخي نفهم منه أين تقف الأخلاق من رحلة العالم، وهنا نتنبه إلى ذلك العمق الأصيل، في بلاغ الرسالة الإسلامية للعالمين، وأن رسولها الأمين عليه الصلاة والسلام، بُعث متمماً لمكارم الأخلاق.
والتوسّع في هذا المعنى هو قضية كتب لا مقال، ولذلك ندلف لقضيتنا هنا، في تحرير السؤال المهم:
هل يلزم أن يكونَ المثقف خلوقاً؟
إن هناك تدافعا نفسيا كبيرا في رحلة المثقف العربي، كلما احتشدت عليه الظروف أضحى الأمر أصعب، كيف يسعى لتثبيت معياره الأخلاقي، وعدم الإساءة للناس أو نقل ما يضرهم، أو نعتهم بما يزدريهم، وبالخصوص الند أو المماثل أو الزميل المثقف، وبالطبع هنا نحن نقصد كل مثقف رجلاً أو امرأة.
وهناك مدارات أصعب للمثقف المستقل، والاستقلال هنا ليس محصوراً أن يولد ذلك الكاتب أو الرأي أو الناقد، في كوكب آخر، فلا توجد قدرة لإنسان من تحقيق مساحة حضور وتحرير رؤية، ودفع قلمه بفكرة ناضجة دون تقاطعات، ومن رُهن في محبس الظرف من المثقفين العرب، حوصر رأيه، وإن كان الله عوّض بعضهم ذكراً ومناراً بعد رحيلهم، غير أن ذلك لا يعني أن يُلزم المثقف بالاعتكاف الشامل، عن منصات الإعلام والنشر، فهذا قدره الذي سُخّر له، كما أنه مضطرٌ للنصَبِ في سبيل وصول رأيه للناس.
إنما المعيار أكان المثقف في قبيلة المؤسسة أو التيار ذي الإمكانية، أو كان مستقلاً مشاركاً، هو في حجم تجنبه الكبائر السلوكية وهي الترويج للظلم، أو العزف الصاخب للبروباغندا، لتمرير مسلك سوء، أو دفق حبره الحرام على مثقف بريء، لم يجد هذا المثقف الناقد أو الحاقد، إلا توجيه سهامه ضده، وهكذا اختلط على الناس فصل مادته الثقافية عن ضميره المريض.
إنها رحلة صعبة بالفعل، سواء لجمهور التلقي أو لحركة الجدل المعرفي الحر، خاصة حين تكون حالة المرض في هذ المثقف متقدمة جداً، فهو في وضع يجعله مجهر تسلط تثور مشاعره وتجيش نفسه بالحسد، لكل إنتاج فكري، ولا يقصد من ذلك ألا يكون للقلم النقدي حقه، وإلا لهَوَت موازين الناس، وإنما القصد هو أن تتملك هذا الشخص حالة فزع نفسية من ظهور قلم أو طرح قضية، أو بروز فكرة، فتنكفئ نفسه على كراهية أي نجاحٍ محتمل، فينطلق للطعن قبل أن تستوي الفكرة على منصة الرأي.
وأكبر الآثمين المزايد الذي يترصد لقلم تغرب في كفاحه، وقد جهل الحاقد ما يُلاقيه، وحين أدرك بعض منصات الوصول، لتكون راحلته إلى الشباب لعله يساهم في صناعة فكر راشد للمستقبل، والإنسان العربي المعذب، فانطلق الحاقد يروي غله في آثار المهاجر، الذي تواصل معه بعفوية لعل الله أن يجعل بينهما وداً، يعزز أخلاق المثقف وتحالف الفكرة، فتدعم قضايا المجتمع العربي بهذه الشراكة. إن هنا تحديا كبيرا جداً لأي مجتمع يسعى لحضور الثقافة في ميادين أبنائه، وصناعة وطنه، وهي أن يحذر من وقوع الحركة الثقافية في أودية سحيقة من الصراعات الشخصية، أو النرجسيات المتطرفة، لأن ذلك يُحبط رحلة المثقف، ويعزل الشباب عنهم، والأسوأ أنه يورد أبناء المجتمع أمراض الصراع، قبل أن تتمكن فكرة الوعي من أجيالهم، ولذلك فإن الشرط الأخلاقي هنا مقدمة لتحقيق الفارق المعرفي.بقلم: مهنا الحبيل