+ A
A -
أدهم شرقاويخرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى «مرِّ الظَّهران» وهي قرية قرب مكة، وكان مِمَّن خرجَ معه الصحابيُّ خَوَّاتُ بن جُبير. خرجَ خَوَّات من خيمته، فإذا نسوةٌ يتحدثنَ، فأُعجِبَ بهنَّ! فرجعَ إلى خيمته وأخرجَ حُلَّةً جميلة من بين ثيابه ولبسها، ثم جلسَ إليهنَّ! فرآه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وقال له: يا أبا عبد اللهِ ما يُجلسكَ إليهنَّ؟
فقال له: يا رسول الله لي جملٌ شَرود، أبتغي له قيداً!
فأشار إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن قُمْ!
ثم ارتحلوا يقصدون المدينة، فكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم كلما رآه في الطريق قال له: السلام عليكَ يا أبا عبد الله، ما فعلَ شِرادُ جملك؟!
وعندما وصلوا المدينة، اجتنبَ خوَّاتٌ المسجد حياءً من النبي صلى الله عليه وسلم أياماً، ثم عاد أخيراً إلى المسجد، وقام يصلي، فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فصلى ركعتين، وخوَّاتٌ يُطيل في صلاته يريدُ أن يذهبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى لا يُذكِّره بما كان منه! ولكن النبيّ العظيم والمُربِّي الرائع قال له: طوِّل أبا عبد الله ما شئتَ، فلستُ راحلاً حتى تنتهي!
فلما لم يجد حلاً غير أن يُنهي صلاته، أتمَّها وسلم، فإذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ له: ما فعلَ شِرادُ جَملكَ؟!
فقال له خوَّاتٌ: والذي بعثكَ بالحق ما شردَ ذاك الجمل منذ ذلك اليوم!
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يرحمك الله! ولم يعد يسأله بعدها!
عَلِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن لخوَّات جمل شارد، وإنما جلسَ إلى النسوة في لحظة ضعفٍ بشري، ولأنه كان يعلمُ عنه خيراً لم يُرِدْ أن يفوتها له، ولكن انظرْ إلى الأسلوب، لم يقلُ له أعلمُ أنك تكذبُ عليَّ ولا جملَ لكَ، ولكن بسؤاله المتكرر: ما فعَلَ شِرادُ جملك! كان يقول له أنا أعلمُ حقيقة الأمر!
إحدى مآسينا في هذا الزمان أننا نتعامل مع بعضنا البعض بغلظة، ننتظِرُ الهفوات أن تقع لنمحو كل عمل نبيل، وماضٍ مشرق لصاحب الهفوة، ربما شهَّرنا به، أما النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقد أبقى الأمر بينه وبين صاحبه، وبشيء من التكرار الحلو، والتأنيب العذب، جعله يقرُّ بخطئه دون أن يفضحه!
نحن في نهاية المطاف بشر، المُؤمن والكافر، الطَّائع والعاصي، العالِم والأُمِّي، الغني والفقير، الوزير والخفير، فينا شهوات تستعر، وحبٌّ للمال جُبلنا عليه، ورغبة الرجال في النساء والنساء في الرجال تسري في دمائنا، «فطرة اللهِ التي فطر الناس عليها»!
نحن نرتكبُ المعاصي في لحظة ضعف بشري، لا في لحظة كُفر، واستهانة بمراقبة الله لنا، واستخفافاً بالشريعة المُحمَّدية، لهذا علينا أن ننظر في ذنوب الناس على أننا عباد لا على أننا أرباب!
صحيح أنه علينا أن لا نرضى المعصية، وأن نُنكرها بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا، ولكن علينا أن نعرف أن المعصية التي ارتكبها فلان، والذنب الذي ارتكبته فلانة، قد عصمنا الله منه رحمةً وفضلاً، ولو رفع عنا عصمته وفضله لارتكبنا مثلهم وأكثر، فاستُروا ولا تُعيِّروا، فما عيَّرَ أحدٌ أحداً بذنبٍ إلا ووقع فيه لاحقاً!
هذا صحابي، رآه النبي صلى الله عليه وسلم، وسافر معه، وجاهد معه، وصلى معه في المسجد، ثم إذا به يضعف لحظةً، ويغلبه هواه ونزعته الإنسانية، فما بالك بنا نحن، فترفَّقوا بالناس!
فقال له: يا رسول الله لي جملٌ شَرود، أبتغي له قيداً!
فأشار إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن قُمْ!
ثم ارتحلوا يقصدون المدينة، فكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم كلما رآه في الطريق قال له: السلام عليكَ يا أبا عبد الله، ما فعلَ شِرادُ جملك؟!
وعندما وصلوا المدينة، اجتنبَ خوَّاتٌ المسجد حياءً من النبي صلى الله عليه وسلم أياماً، ثم عاد أخيراً إلى المسجد، وقام يصلي، فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فصلى ركعتين، وخوَّاتٌ يُطيل في صلاته يريدُ أن يذهبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى لا يُذكِّره بما كان منه! ولكن النبيّ العظيم والمُربِّي الرائع قال له: طوِّل أبا عبد الله ما شئتَ، فلستُ راحلاً حتى تنتهي!
فلما لم يجد حلاً غير أن يُنهي صلاته، أتمَّها وسلم، فإذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ له: ما فعلَ شِرادُ جَملكَ؟!
فقال له خوَّاتٌ: والذي بعثكَ بالحق ما شردَ ذاك الجمل منذ ذلك اليوم!
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يرحمك الله! ولم يعد يسأله بعدها!
عَلِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن لخوَّات جمل شارد، وإنما جلسَ إلى النسوة في لحظة ضعفٍ بشري، ولأنه كان يعلمُ عنه خيراً لم يُرِدْ أن يفوتها له، ولكن انظرْ إلى الأسلوب، لم يقلُ له أعلمُ أنك تكذبُ عليَّ ولا جملَ لكَ، ولكن بسؤاله المتكرر: ما فعَلَ شِرادُ جملك! كان يقول له أنا أعلمُ حقيقة الأمر!
إحدى مآسينا في هذا الزمان أننا نتعامل مع بعضنا البعض بغلظة، ننتظِرُ الهفوات أن تقع لنمحو كل عمل نبيل، وماضٍ مشرق لصاحب الهفوة، ربما شهَّرنا به، أما النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقد أبقى الأمر بينه وبين صاحبه، وبشيء من التكرار الحلو، والتأنيب العذب، جعله يقرُّ بخطئه دون أن يفضحه!
نحن في نهاية المطاف بشر، المُؤمن والكافر، الطَّائع والعاصي، العالِم والأُمِّي، الغني والفقير، الوزير والخفير، فينا شهوات تستعر، وحبٌّ للمال جُبلنا عليه، ورغبة الرجال في النساء والنساء في الرجال تسري في دمائنا، «فطرة اللهِ التي فطر الناس عليها»!
نحن نرتكبُ المعاصي في لحظة ضعف بشري، لا في لحظة كُفر، واستهانة بمراقبة الله لنا، واستخفافاً بالشريعة المُحمَّدية، لهذا علينا أن ننظر في ذنوب الناس على أننا عباد لا على أننا أرباب!
صحيح أنه علينا أن لا نرضى المعصية، وأن نُنكرها بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا، ولكن علينا أن نعرف أن المعصية التي ارتكبها فلان، والذنب الذي ارتكبته فلانة، قد عصمنا الله منه رحمةً وفضلاً، ولو رفع عنا عصمته وفضله لارتكبنا مثلهم وأكثر، فاستُروا ولا تُعيِّروا، فما عيَّرَ أحدٌ أحداً بذنبٍ إلا ووقع فيه لاحقاً!
هذا صحابي، رآه النبي صلى الله عليه وسلم، وسافر معه، وجاهد معه، وصلى معه في المسجد، ثم إذا به يضعف لحظةً، ويغلبه هواه ونزعته الإنسانية، فما بالك بنا نحن، فترفَّقوا بالناس!