لم يولد الإعلان الرسمي عن صفقة القرن كحالة منفردة أو مبادرة مقطوعة الجذور، فهناك أكثر من رصيف وتهيئة أرضية عاشتها الأمة العربية مع مركزية المشروع الصهيوني للرأسمالية الغربية، تجمع بين المصالح النفعية والأيدلوجية القومية للغرب، مهدت الطريق لهذا الواقع قبل إعلان الموقف الأميركي.
ولا يوجد اليوم نظام سياسي يملك الإرادة أو القدرة في أقطار الوطن العربي، لديه استعداد لمواجهة واشنطن، ولو كانت هناك إرادة فإن قدرة المواجهة محدودة، لو اتحد هيكل الحكم في دولة المواجهة، ولا يقصد من ذلك إخلاء المسؤولية عن الطرف الحاكم، فهو يتحمل بذل المستوى الممكن للمدافعة السياسية لصفقة القرن، وإعلان رفضها الواضح، وإغلاق وسائط تمكينها، ثم عملية التثقيف الشعبي المتحد، والوصول للمنابر العالمية لدعم عدالة القضية الفلسطينية.
لكننا اليوم نواجه منذ زمن جولات بدأت منذ عملية كامب ديفيد وما لحقها، لتسويق فكرة أخذ الممكن من حلول، لعجز الوطن العربي عن تحرير فلسطين، أو إقامة الدولة الفلسطينية على كامل القدس الشريف، وتنظيم اتفاقات الهدنة أو المشاريع السياسية مع الكيان الغاصب.
فهل كانت فعلاً حلولاً نسبية واقعية؟ المتأمل بعمق في خريطة الدحرجة الصهيونية، التي تبناها الغرب منذ الحرب العالمية الثانية، يُلاحظ أنه لا يوجد على الإطلاق أي أرضية قبول ولا تفاعل، إسرائيلي ولا أي دفع غربي لتل أبيب، لتثبيت هذه الاتفاقات على الأرض، وإنما يوجد العكس، وهو سحب زخم القضية الفلسطينية من المنابر الدولية.
باسم اقتناع الطرف الفلسطيني، بعد أوسلو بالحل السياسي الغير متاح أصلاً، ثم الالتفاف على خريطة هذا الحل المزعوم، وتفتيتها، والعبور فوقها، لتكريس الأبارتايد العنصري، ضد العرب الفلسطينيين، والدعم اللامحدود لعنصرية المشروع الصهيوني، وفقاً لفكرة التطرف اليميني الحادة وغير الإنسانية، لتعريف القومية اليهودية بالحق الحصري المطلق في فلسطين، ووضع كل ما يقابلها في موقع العدو أو الخصم.
وهذا المفهوم أصلاً هو معاد بذاته لفكرة الحق الإنساني وسكان فلسطين الأصليين، الذي تقره الأمم المتحدة، وهو توظيف مسيء وخطير يضع اليهودية كدين سماوي، وشريك تعدد بشري على هذه الأرض، في قالب احتلال صهيوني متطرف في عنصريته، ثم يقول للعالم من هنا تُعرف إنسانية اليهود، وهذا ما دفع شخصيات نضالية عديدة من اليساريين اليهود، منهم نشطاء ومفكرون، لرفض هذه القولبة التي تجمع الرأسمالية بالحركة الصهيونية، وربط الإنسان اليهودي بها.
لكن هذه الثقافة لم تقف عند مساحة الجغرافيا الغربية، وإنما تم تسويقها عالمياً ثم عربياً، وهو ما تم العمل عليه بكثافة، فالزيارات والحسابات المروجة لهذا الطرح، من الوسط العربي المروج لثقافة الحق الصهيوني وإنسانيته، وشيطنة الإنسان الفلسطيني، من مفكرين مزعومين وإعلاميين، ثم نشطاء سوشل ميديا، أُنبتوا فجأة على الأرض، ودفع بهم إلى المسرح الإسرائيلي.
إن المجتمع العربي اليوم يحتاج أن يدرك خطورة هذه اللعبة، ولغة الاشتباك التي نشرت لتفجير المشاعر الشعبية بين بعض عرب فلسطين ومن يتحد معهم من أنحاء الوطن العربي، وبين كوادر الثقافة الصهيونية، ودفع الشعوب إلى لغة كراهية وتحريض متبادل، خاصة في ظل ما يعيشه المشرق ومجمل الوطن العربي من كوارث النزاعات، ونحن اليوم نشهد كيف يستمر مشروع تصفية الثورة السورية في سوتشي بطحن ما تبقى من مدنيين في مناطق المعارضة، وبالتالي يصرع الإنسان من حجم اللامبالاة أمام الدم السوري، الذي استهدف لإسقاط طموح الشعب في دولة عدالة سورية، خشي الغرب من أن تهدد مستقبل المشروع الصهيوني، ففتح أبواب الإقليم لتصفيتها، عبر الأضلاع الثلاثة: موسكو وطهران وأنقرة، فكان الحصاد لصالح السلة الصهيونية.بقلم: مهنا الحبيل
ولا يوجد اليوم نظام سياسي يملك الإرادة أو القدرة في أقطار الوطن العربي، لديه استعداد لمواجهة واشنطن، ولو كانت هناك إرادة فإن قدرة المواجهة محدودة، لو اتحد هيكل الحكم في دولة المواجهة، ولا يقصد من ذلك إخلاء المسؤولية عن الطرف الحاكم، فهو يتحمل بذل المستوى الممكن للمدافعة السياسية لصفقة القرن، وإعلان رفضها الواضح، وإغلاق وسائط تمكينها، ثم عملية التثقيف الشعبي المتحد، والوصول للمنابر العالمية لدعم عدالة القضية الفلسطينية.
لكننا اليوم نواجه منذ زمن جولات بدأت منذ عملية كامب ديفيد وما لحقها، لتسويق فكرة أخذ الممكن من حلول، لعجز الوطن العربي عن تحرير فلسطين، أو إقامة الدولة الفلسطينية على كامل القدس الشريف، وتنظيم اتفاقات الهدنة أو المشاريع السياسية مع الكيان الغاصب.
فهل كانت فعلاً حلولاً نسبية واقعية؟ المتأمل بعمق في خريطة الدحرجة الصهيونية، التي تبناها الغرب منذ الحرب العالمية الثانية، يُلاحظ أنه لا يوجد على الإطلاق أي أرضية قبول ولا تفاعل، إسرائيلي ولا أي دفع غربي لتل أبيب، لتثبيت هذه الاتفاقات على الأرض، وإنما يوجد العكس، وهو سحب زخم القضية الفلسطينية من المنابر الدولية.
باسم اقتناع الطرف الفلسطيني، بعد أوسلو بالحل السياسي الغير متاح أصلاً، ثم الالتفاف على خريطة هذا الحل المزعوم، وتفتيتها، والعبور فوقها، لتكريس الأبارتايد العنصري، ضد العرب الفلسطينيين، والدعم اللامحدود لعنصرية المشروع الصهيوني، وفقاً لفكرة التطرف اليميني الحادة وغير الإنسانية، لتعريف القومية اليهودية بالحق الحصري المطلق في فلسطين، ووضع كل ما يقابلها في موقع العدو أو الخصم.
وهذا المفهوم أصلاً هو معاد بذاته لفكرة الحق الإنساني وسكان فلسطين الأصليين، الذي تقره الأمم المتحدة، وهو توظيف مسيء وخطير يضع اليهودية كدين سماوي، وشريك تعدد بشري على هذه الأرض، في قالب احتلال صهيوني متطرف في عنصريته، ثم يقول للعالم من هنا تُعرف إنسانية اليهود، وهذا ما دفع شخصيات نضالية عديدة من اليساريين اليهود، منهم نشطاء ومفكرون، لرفض هذه القولبة التي تجمع الرأسمالية بالحركة الصهيونية، وربط الإنسان اليهودي بها.
لكن هذه الثقافة لم تقف عند مساحة الجغرافيا الغربية، وإنما تم تسويقها عالمياً ثم عربياً، وهو ما تم العمل عليه بكثافة، فالزيارات والحسابات المروجة لهذا الطرح، من الوسط العربي المروج لثقافة الحق الصهيوني وإنسانيته، وشيطنة الإنسان الفلسطيني، من مفكرين مزعومين وإعلاميين، ثم نشطاء سوشل ميديا، أُنبتوا فجأة على الأرض، ودفع بهم إلى المسرح الإسرائيلي.
إن المجتمع العربي اليوم يحتاج أن يدرك خطورة هذه اللعبة، ولغة الاشتباك التي نشرت لتفجير المشاعر الشعبية بين بعض عرب فلسطين ومن يتحد معهم من أنحاء الوطن العربي، وبين كوادر الثقافة الصهيونية، ودفع الشعوب إلى لغة كراهية وتحريض متبادل، خاصة في ظل ما يعيشه المشرق ومجمل الوطن العربي من كوارث النزاعات، ونحن اليوم نشهد كيف يستمر مشروع تصفية الثورة السورية في سوتشي بطحن ما تبقى من مدنيين في مناطق المعارضة، وبالتالي يصرع الإنسان من حجم اللامبالاة أمام الدم السوري، الذي استهدف لإسقاط طموح الشعب في دولة عدالة سورية، خشي الغرب من أن تهدد مستقبل المشروع الصهيوني، ففتح أبواب الإقليم لتصفيتها، عبر الأضلاع الثلاثة: موسكو وطهران وأنقرة، فكان الحصاد لصالح السلة الصهيونية.بقلم: مهنا الحبيل