ما من شك في أن إسرائيل تمتلك قدرات إلكترونية شديدة الذكاء، بتقنيات غاية الدقة، متطورة جدًا ولها فاعليتها، تعمل على تطويرها وتطويعها لخدمة أغراضها التجسّسية على الدول والأحزاب والفصائل، وعلى البلاد والعباد، وهي الذراع الحديث الأساسي الذي تعتمد عليه في تنفيذ مهامها بالمراقبة والتجسس، وتنفيذ العمليات وأهمها عمليات الاغتيال، وقد شكلت لها علامة مهمة إذ أنها أفضل بكثير من العنصر البشري، ومن مهمات تجنيد العملاء، حيث نسبة الخطأ تساوي الصفر، ودقة المعلومات أكيدة، والوصول إلى الهدف في الزمان والمكان المحدد، وهي قادرة على التتبع والرصد وتحديد الهدف، وما خفي كان أعظم. إسرائيل واحدة من أكثر الدول تطورًا في عالم التكنولوجيا وهي تسخر هذه الإمكانيات لخدمة أهداف سياسية واقتصادية، وأهداف استعمارية وتعمل من خلالها على السيطرة وبسط الهيمنة وليس الأمر بجديد، بل إنها الدولة الوحيدة التي تمتلك أكبر سجل اغتيالات نفذتها في العصر الحديث، وهي دولة تقوم على فكرة التجسس وتعطي لنفسها الحق بما استطاعت من قوة، ولا تبالي بشر أعمالها وما اقترفت من مجازر ومذابح مستمرة ومتواصلة وهذا ديدنها.

عمليات الاغتيال التي نفذت في الأيام الأخيرة بحق قادة حزب الله آخرها سماحة السيد حسن نصر الله الذي قضى بتفجير ضخم استهدف مربعًا كاملًا يضم مقر قيادة الحزب وبأطنان من المتفجرات، يعبر عن قوة المعلومات وحالة الاختراق التي لم تبقِ ولم تذر.

قادة ميدانيون وقادة رفيعو المستوى وقادة قطاعات تم اصطيادهم في فترة وجيزة جدًا لا تتعدى الأيام، وبطريقة واحدة متشابهة عبر القصف الجوي من خلال تحديد الهدف، أو عبر تفخيخ أجهزة الاتصال، كما حدث في أجهزة «البيجر»، أو بتدمير مربع سكني بالكامل ونسفه كما حدث في الضاحية الجنوبية حيث استهدف السيد حسن نصر الله.

حوادث الاغتيال الأخيرة تكشف مدى وحجم الاختراق في صفوف حزب الله، وهذا الاختراق منح إسرائيل الغلبة في هذه الجولة، وأعطاها قوة فوق قوتها ومكنها من الوصول إلى أرفع شخصية في الحزب، إلى جانب قادة عسكريين بارزين، وآخرين مقاومين.baharahhal@gmail.com -