مثلت الزيارة الأخيرة لرئيس الجمهورية التونسية المنتخب حديثا إلى الجزائر أول زيارة خارجية لرئيس تونس في سياق إقليمي ومحلي مضطرب. لكن رغم حساسية السياق في الإقليم وفي الجوار الليبي خاصة إلا أن الزيارة كانت علامة مضيئة في سماء المنطقة الموشى بالغيوم والأزمات.
تمثل الجزائر امتداد طبيعيا لتونس ويمكن القول دون مبالغة إن الحدود بين البلدين لا قيمة لها من الناحية الاجتماعية والبشرية والثقافية اللغوية، هذا الأمر انعكس تاريخيا على العلاقة بين البلدين منذ بدايات القرن الماضي وعبر تاريخ مقاومة المستعمر الفرنسي حيث انتفت الحدود تقريبا بين البلدين وكانت تونس أهم معابر السلاح نحو الجزائر، بعد الاستقلال وخروج المستعمر لم تشهد العلاقات بين البلدين توترات تُذكر مثلما كان الحال على الحدود الجزائرية المغربية أو الحدود التونسية الليبية.
خلال الثورة وإلى وقت قريب جدا تميزت العلاقة باحترام رابطة الجوار بسبب طبيعة الأوضاع في كلا البلدين رغم العمليات والاختراقات التي حصلت على حدود البلدين من خلال العمليات الإرهابية في منطقة جبال الشعانبي، لكن كل ذلك وغيره لم يؤثر على الرابطة القائمة بينها بحكم الوزن الشعبي المحدّد الأساسي للعلاقة بين البلدين.
صحيح أن الجزائر تمثل ثقلا جيوسياسيا لا يقارن بتونس سواء من ناحية الاقتصاد أو الجيش أو الثروات أو الجغرافيا لكن هذا الأمر لا ينقص من القيمة النوعية للفاعل التونسي على الحدود الشرقية للجزائر.
يشترك البلدان كذلك في مجال حيوي متشابه سواء من جهة البحر الأبيض المتوسط شمالا أو الامتداد الصحراوي جنوبا وهو ما يجعل من تواصل البلدين على الأقل في الملفات الأمنية والاقتصادية مسألة وجودية لكليهما.
بناء على ما تقدم يكون التقارب التونسي الجزائري على مستوى الرئاسة على الأقل اتجاها إيجابيا في إطار محاولة دول المغرب العربي التأثير في القضايا العربية والإقليمية التي تهمهما، تحدث الرئيسان عن موقفهما من الملف الليبي الذي يمكن للدولتين اليوم التأثير فيه رغم تفويت فرص سابقة كثيرة إذ كيف يمكن لدول جارة بحجم الجزائر وتونس واقعتان على الحدود الليبية مباشرة أن تُغفلا ملفا كالملف الليبي؟
من المبكر الحديث عن تقارب حقيقي بين تونس والجزائر ومن المبكر أيضا توصيف طبيعة العلاقة في ظل المتغيرات العربية المتسارعة لكن مطلب التكامل بين البلدين وبين مختلف دول المغرب الكبير صار أكثر من ضرورة بل يمكن القول إنها أصبحت مسألة وجودية لكل دول شمال إفريقيا.بقلم: محمد هنيد
تمثل الجزائر امتداد طبيعيا لتونس ويمكن القول دون مبالغة إن الحدود بين البلدين لا قيمة لها من الناحية الاجتماعية والبشرية والثقافية اللغوية، هذا الأمر انعكس تاريخيا على العلاقة بين البلدين منذ بدايات القرن الماضي وعبر تاريخ مقاومة المستعمر الفرنسي حيث انتفت الحدود تقريبا بين البلدين وكانت تونس أهم معابر السلاح نحو الجزائر، بعد الاستقلال وخروج المستعمر لم تشهد العلاقات بين البلدين توترات تُذكر مثلما كان الحال على الحدود الجزائرية المغربية أو الحدود التونسية الليبية.
خلال الثورة وإلى وقت قريب جدا تميزت العلاقة باحترام رابطة الجوار بسبب طبيعة الأوضاع في كلا البلدين رغم العمليات والاختراقات التي حصلت على حدود البلدين من خلال العمليات الإرهابية في منطقة جبال الشعانبي، لكن كل ذلك وغيره لم يؤثر على الرابطة القائمة بينها بحكم الوزن الشعبي المحدّد الأساسي للعلاقة بين البلدين.
صحيح أن الجزائر تمثل ثقلا جيوسياسيا لا يقارن بتونس سواء من ناحية الاقتصاد أو الجيش أو الثروات أو الجغرافيا لكن هذا الأمر لا ينقص من القيمة النوعية للفاعل التونسي على الحدود الشرقية للجزائر.
يشترك البلدان كذلك في مجال حيوي متشابه سواء من جهة البحر الأبيض المتوسط شمالا أو الامتداد الصحراوي جنوبا وهو ما يجعل من تواصل البلدين على الأقل في الملفات الأمنية والاقتصادية مسألة وجودية لكليهما.
بناء على ما تقدم يكون التقارب التونسي الجزائري على مستوى الرئاسة على الأقل اتجاها إيجابيا في إطار محاولة دول المغرب العربي التأثير في القضايا العربية والإقليمية التي تهمهما، تحدث الرئيسان عن موقفهما من الملف الليبي الذي يمكن للدولتين اليوم التأثير فيه رغم تفويت فرص سابقة كثيرة إذ كيف يمكن لدول جارة بحجم الجزائر وتونس واقعتان على الحدود الليبية مباشرة أن تُغفلا ملفا كالملف الليبي؟
من المبكر الحديث عن تقارب حقيقي بين تونس والجزائر ومن المبكر أيضا توصيف طبيعة العلاقة في ظل المتغيرات العربية المتسارعة لكن مطلب التكامل بين البلدين وبين مختلف دول المغرب الكبير صار أكثر من ضرورة بل يمكن القول إنها أصبحت مسألة وجودية لكل دول شمال إفريقيا.بقلم: محمد هنيد