خمس نساء من أصل سبع، يتصدرن طليعة الموسم السادس عشر من برنامج «نجوم العلوم»، فبعيداً عن الأرقام والإحصائيات، يُعَّد هذا التمثيل التاريخيّ بمثابة شهادة على قوة الثورة الناعمة التي تجتاح عالمنا العربي، من تفوق لنساء أبدعن في المختبرات وورش العمل. إن الموسم الحالي من «نجوم العلوم» لا يقتصر على إلقاء الضوء على إنجازات المرأة فحسب، بل يحتفي أيضاً بنقلتها التحويلية نحو مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، متحدية للأعراف السائدة، ومعيدة لتعريف مفهوم الابتكار في العالم العربي.

منذ بداية انطلاقه، دعم برنامج «نجوم العلوم» 37 خريجة من المتسابقات، حيث أتاح لهن فرصة تطوير أفكار مبتكرة من ثم إلى منتجات أو خدمات. ففي موسم سابق استطاعت المتسابقة القطرية إيمان الحمد إحراز المركز الثالث، بفضل تطبيقها المبتكر الذي يكشف عمليات التصيد الاحتيالي عبر المحادثات الهاتفية باللغة العربية. أما سمية السيابي، باحثة علمية عمانية ووالدة لثلاثة أبناء، فهي أول مشاركة أنثى تحرز المركز الأول في البرنامج. لقد تداعت كافة الحواجز التي لطالما بدت وكأنها غير قابلة للتخطي، وها هو الموسم السادس عشر تتصدر طليعته النساء.

على مر التاريخ، واجهت النساء عقبات كبرى في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بينما يشهد عالمنا العربي في الوقت الحالي، تحولاً غير مسبوق. فبحسب تقرير منظمة اليونسكو، سجلت كل من قطر والأردن والمملكة العربية السعودية أعلى نسبة من خريجات كليات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مقارنة بالعديد من دول الغرب.

وفي كلمة ألقتها خلال احتفال الاتحاد الدولي للاتصالات باليوم العالمي للفتيات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تحدثت سعادة الدكتورة هند بنت عبدالرحمن المفتاح، المندوب الدائـم لدولة قطر لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، حيث ألقت الضوء على أهمية دعم وتمكين المرأة، مشيرة إلى أنه في عام 2021، بلغت نسبة الإناث الخريجات نحو 70 % من إجمالي عدد الخريجين، في مجالات أنظمة المعلومات، هندسة الكمبيوتر، الهندسة العامة، الطب والصيدلة والعلوم، كما أكدت على ضرورة تسهيل الوصول إلى التكنولوجيا، باعتبارها عاملاً أساسياً في تحويل اقتصاد قطر إلى اقتصاد قائم على المعرفة، يشمل الجميع بوجه عام والنساء على وجه الخصوص. تعكس هذه الطفرة تحولاً مجتمعياً واسع النطاق ينظر إلى النساء بعين الاعتبار، معترفاً بدورهن المتزايد في تحقيق تقدم علمي وتكنولوجي.

إن الأفكار المبتكرة التي شاركت بها سيدات الموسم السادس عشر لـ «نجوم العلوم»، ليست مجرد إنجازات تقنية فحسب، بل هي حافز قوي للتغيير في العالم العربي وخارجه. ومن عمل خديجة فلاح عربي في مجال الرعاية الصحية مستعينة بابتكارها «جهاز ذكي لمراقبة مستويات جلوكوز الدم عن طريق تخطيط القلب الكهربائي»، إلى مساعي إيما سليمان في سبيل تحسين تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال عبر «جهاز تشخيص لفرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD»، تتضح أهمية مساهماتهن في سد فجوات الرعاية الصحية على المستوى الإقليمي.

وفي مجال الاستدامة والرعاية الصحية، تضع كل من ندى رأفت الخراشي ومريم منتصر معايير جديدة، حيث يلقي الابتكار الذي تطوره الخراشي في مجال التكنولوجيا المستدامة، «ملصق حيوي ذاتي التشغيل (الجلد الكهربائي)»، و«مجموعة اختبار الأمراض التنفسية البكتيرية» التي تطورها منتصر، الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه النساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لمواجهة التحديات العالمية، بينما يجمع ابتكار سناء بلكتبي «مسيّرة لتفحص هياكل المساجد»، بين الحفاظ على التراث العريق والهندسة الحديثة، مشيراً إلى حرص المنشغلات بالمجالات العلمية من النساء، على إحراز تقدم علمي دون المساس بالإرث الثقافي.