+ A
A -
حسن أبو هنية كاتب ومحلل

جاءت عملية اغتيال الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله؛ بعد أن تيقنت القيادة الإسرائيلية باستحالة التوصل إلى اتفاق مع الحزب بوقف حرب الإسناد وفصل وحدة الساحات والتخلي عن المقاومة في غزة وتأمين عودة المهجرين إلى مستوطنات الشمال. ويبدو أن القيادة الإسرائيلية قد اكتسبت الجرأة باغتيال نصر الله عقب سلسلة من العمليات الاستخباراتية والعسكرية الدقيقة والناجحة ضد حزب الله، وبعد إصرار الحزب على الالتزام بوتيرة منخفضة من التصعيد ودون تغيير جذري على مبدأ الإسناد وقواعد الاشتباك.

وعقب النشوة التي أصابت نتانياهو بعد اغتيال نصر الله قال: «إن القضاء على الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله يمثل نقطة تحول تاريخية يمكن أن تغير ميزان القوى في الشرق الأوسط»، لكنه حذر في الوقت ذاته من «أيام صعبة» مقبلة.

إن الأيام الصعبة التي تنتظر المستعمرة الصهيونية آتية دون ريب، فحزب الله الذي تعرض خلال الأسابيع الماضية لصدمة قاسية واختبار صعب بخسارة مجموعة كبيرة من قيادات الصف الأول، سوف يعمد إلى اختيار قادة جدد وإعادة هيكلة قد تتطلب بعض الوقت، ومن المرجح أن يتولى هاشم صفي الدين منصب الأمين العام، لكن عمليات القتل المستهدف لقيادات بارزة لن تقوض الهيكلية التنظيمية الصلبة والقدرات العملياتية الميدانية، كما أن عمليات القصف الوحشية لا تضعضع حواضن المقاومة الصلبة.

إن التوترات بين حزب الله وإسرائيل ليست جديدة فهي تتصاعد منذ وقت طويل، وقد تعهد باستنزاف إسرائيل كجبهة إسناد تضامنا مع غزة، وتأكيدا لوحدة ساحات المقاومة.

إن الأهداف الإسرائيلية العميقة من التصعيد مع حزب الله تنشد توسيع نطاق الحرب وإجبار إيران والحزب على رد واسع يجبر الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين على الانخراط في حرب إقليمية واسعة.. ورغم الضربات الجوية الإسرائيلية القاسية على لبنان، والشروع بمد حرب الإبادة، إلا أنها مترددة حول خوض حرب برية، فالعملية البرية ضد حزب الله الذي يمتلك قدرات كبيرة على الأرض قد تسفر عن أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف القوات الإسرائيلية، كما حصل في حرب 2006. إن خيارات حزب الله في مواجهة التصعيد الإسرائيلي لا تنفصل عن رؤية إيران، فالحزب هو الأكثر صلة بإيران من كافة أطراف محور المقاومة، وقد عبرت إيران بوضوح شديد بأنها لا تريد الانخراط في حرب مفتوحة ساخنة، فهي تعتقد أن شبكة محور المقاومة تتضرر لكنها لن تُكسر، وهي لا تخاطر بالدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل التي تتمتع بمساندة الولايات المتحدة وحليفاتها الأوروبية، والتي ستدخل في الحرب إلى جانب إسرائيل، ولذلك فإن النهج الإيراني هو الصبر الاستراتيجي الذي يشير إلى أن إيران تفوز فعليا في حرب الاستنزاف.

copy short url   نسخ
30/09/2024
25