+ A
A -
محسن محمد صالح كاتب وسياسي

يبدو أن حالة «النشوة» التي أصابت نتانياهو وحكومته إثر الضربات القاسية التي تلقاها حزب الله، دفعت مجلس الوزراء المصغّر (الكابينت) إلى اتخاذ قرار بالاقتحام البري لجنوب لبنان؛ لمحاولة فرض معادلات جديدة في الصراع مع الحزب، بل وربما في الحياة السياسية اللبنانية. غير أن المكاسب السريعة التي تحققت قد تتجاهل، في خضم حالة الاندفاع، عناصر فاعلة وصلبة في إدارة الصراع، قد تُجبر نتانياهو على دفع أثمان باهظة، والتّسبُّب في «فشل» جديد.

يهدف الاحتلال الإسرائيلي من تصعيده ضد حزب الله وضد لبنان إلى:

1 - إنشاء معادلة «تهجير مقابل تهجير»، من خلال تهجير مئات الآلاف من اللبنانيين.

2 - الاستفراد بقطاع غزة، وإخراج الحزب من معركة طوفان الأقصى.

3 - محاولة تحقيق مكاسب جديدة، فوق ما هو منصوص عليه في اتفاق 1701، مثل منع التواجد العسكري لحزب الله جنوب نهر الأوّلي، ونزع أسلحة الحزب، وفرض رقابة أشد (وبغطاء دولي) على الحزب وأنشطته، خصوصا العسكرية.

4 - محاولة إضعاف الحزب وإلحاق خسائر كبيرة بكوادره وقواعده الشعبية.

ويظهر أن حالة «الإغواء» التي وجد الاحتلال الإسرائيلي نفسه فيها، جعلته يمضي بعيدا في «أحلامه»، بينما تخرج العديد من التصريحات والتهديدات المتعجرفة من قيادات ورموز الاحتلال؛ في الوقت الذي استعاد فيه نتانياهو «نجوميته» في المجتمع الصهيوني، وتقدم هو وحزبه في استطلاعات الرأي بعد «الإنجازات» التي حققها في الجبهة اللبنانية.

ويظهر أننا أمام أربعة مسارات محتملة للحرب الإسرائيلية على لبنان:

الأول: الغرق في المستنقع اللبناني؛ وهو يفترض اقتحاما بريا، وتدمير الكثير من البُنى التحتية اللبنانية، حتى لو أدى ذلك لدفع أثمان باهظة.

الثاني: استمرار حالة الاشتباك المحسوب؛ وتتضمن التراجع عن فكرة الاجتياح البرِّي، وخفض وتيرة الحرب أو تصعيدها أحيانا وفق الحسابات الميدانية.

الثالث: اجتياح برِّي إسرائيلي قوي؛ وتحقيق «انتصارات» على منوال ما تمَّ إنجازه من ضربات عسكرية وأمنية للحزب وقياداته وكوادره. وبالتالي السعي لفرض معادلات جديدة وتحقيق الأهداف التي أشرنا إليها أعلاه.

الرابع: حرب إقليمية؛ وهذا مسارٌ قائم على إدراك الجانب الإسرائيلي أنه لن يضمن أمنه مستقبلا وهذا السيناريو يفترض وجود غطاء أميركي، أو جرّ أميركا للانخراط في المعركة إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي.

وتبدو المسارات المتوقعة في الوقت الراهن متأرجحة بين السيناريوهين الأول والثاني، وربما سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى المزج بين السيناريوهين من خلال «سلوك موجي» في تصعيد الوتيرة وتخفيضها.

وبشكل عام، فإن الجيش الإسرائيلي المنهك والمستنزف والفاشل في تحقيق أهدافه في قطاع غزة بعد أكثر من 360 يوما على المعارك؛ هو أفشل من أن يوفر الإمكانات البشرية واللوجستية لاجتياح برّي من 80 - 120 ألف جندي؛ وهو أعجز عن السيطرة على مساحات في جنوب لبنان، هي أكبر بكثير من قطاع غزة، وبيئتها المقاومة جاهزة ومعدّة سلفا للتعامل بقوة وفعالية مع أي اجتياح ودحره.{عربي 21

copy short url   نسخ
06/10/2024
0