الدوحة /قنا/ عام كامل مر على الفلسطينيين في قطاع غزة، مثقل بالفقد والمعاناة، حيث عاشوا مشاهد من القهر والتهجير القسري والتدمير الواسع، وتواصلت الإبادة الإسرائيلية الجماعية، لتطال أيضا أهل الضفة الغربية، ورغم كل ذلك، برزت عزائم لا تلين، وبطولات تتجلى في كل زاوية، منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث تواصلت الملاحم في التصدي للعدوان والتوغل، مبرهنة على قوة الإرادة الفلسطينية التي لا تعرف الاستسلام، في مواجهة تحديات جسيمة وعدو لا يعرف إلا لغة القوة.

وما يشهده قطاع غزة هو أمر غير مسبوق إذ تعد هذه أطول حرب يخوضها الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948، حيث حشد الكيان الإسرائيلي نحو 360 ألف جندي احتياطي، في أكبر تعبئة منذ حرب أكتوبر عام 1973.

وقد كشفت هذه الفترة عن أبعاد إنسانية كارثية لم يسبق لها مثيل، فالمدن والقرى تعرضت لتدمير شامل، مما أدى إلى تدهور حاد في الأوضاع المعيشية، وضغط هائلا على المنظمات الإنسانية التي تحاول تقديم الدعم في ظل هذه الظروف القاسية، ومع استمرار هذه الحرب، تبرز الحاجة الملحة لجهود دولية حقيقية لإنهاء الصراع وتحقيق السلام، في وقت يخشى فيه من أن تتعقد الأمور أكثر، مما يجعل الأفق أمام الفلسطينيين أكثر غموضا.

وفي هذا التقرير وبمناسبة الذكرى الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومرور عام على طوفان الأقصى، أكد الدكتور تحسين الأسطل نقيب الصحفيين الفلسطينيين، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أنه بعد مرور عام على العدوان الإسرائيلي على غزة، لم تعد هناك حياة في القطاع بفعل ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من عمليات تدمير طالت كل حقوقه في الصحة والتعليم والحياة والكرامة الإنسانية، لنجد أن الفلسطينيين في غزة يواجهون حرب إبادة جماعية.

وأضاف الأسطل أن الاحتلال الإسرائيلي بعد عام من العدوان، ما زال يتجاهل كل الأعراف الدولية والقوانين التي تحرم وتجرم استهداف المواطنين الفلسطينيين وحياتهم، خاصة الأبرياء الذين ليس لهم علاقة بالصراع، والذين اعتمدهم الاحتلال هدفا رئيسيا في الحرب ووسيلة ضغط يمارسها لتحقيق أهدافه.

وتابع: "لقد مر العدوان الإسرائيلي على غزة بمراحل سريعة ومتلاحقة من التطورات، تعرفنا عليها جميعا من الأخبار ووسائل الإعلام المختلفة، والأفضل هنا أن نشير إلى محصلتها، فقد دمر الكيان كل ما كان في قطاع غزة من منازل، وقتل نحو 50 ألف فلسطيني، وما زال حوالي 15 ألفا بين عداد المفقودين، واستهدف الأطفال والنساء، فضلا عن أكثر من 90 ألف جريح".

وأضاف الدكتور تحسين الأسطل نقيب الصحفيين الفلسطينيين في تصريحاته لـ/قنا/: "دون أطفال العالم يواجه أطفال غزة ظروفا عصيبة وغاية في القسوة، فرضتها حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ 12 شهرا، ولطالما كان الأطفال في غزة هدفا رئيسيا لآلة الإجرام الإسرائيلية، منذ بدء الإبادة الجماعية، حيث يصل عدد الأطفال الشهداء إلى ما يقرب من 15 ألف طفل حاليا، في حين أن 17 ألف طفل فقدوا والديهم".

وأشار الأسطل إلى ما أعلنته منظمة العمل الدولية يونيو الماضي، حيث قالت إن معدل البطالة في غزة وصل إلى نحو 80 بالمئة، ما يرفع متوسط البطالة في أنحاء الأراضي الفلسطينية إلى أكثر من 50 بالمئة، مقارنة مع 23 بالمئة عشية 7 أكتوبر 2023، كما ذكرت المنظمة التابعة للأمم المتحدة، في تقييمها الرابع لتأثير الإبادة الإسرائيلية على التوظيف، أن معدل البطالة وصل إلى 79.1 بالمئة بقطاع غزة، وإلى حوالي 32 بالمئة بالضفة الغربية المحتلة، ليصل المعدل الإجمالي إلى 50.8 بالمئة.

وقال نقيب الصحفيين الفلسطينيين: "أضف إلى ذلك أن ثلثي إجمالي المباني بقطاع غزة لحقت به أضرار، تمثل 66 بالمئة من المباني المتضررة في قطاع غزة والبالغة 163 ألفا و778 مبنى، وتشمل الأضرار الآن وفقا للأرقام الرسمية المعلنة، حوالي 52564 مبنى دمرت، و18913 مبنى تضررت بشدة، و35591 مبنى تضررت هياكلها، و56710 مبان لحقت بها أضرار متوسطة"، موضحا أنه حتى منتصف أغسطس الماضي، خلفت الغارات الإسرائيلية أكثر من 42 مليون طن من الحطام في مختلف أنحاء القطاع، بحسب بيانات حديثة صادرة عن الأمم المتحدة.

ونبه إلى أن هذه الكمية من الحطام والأنقاض قد يستغرق إزالتها نحو 3 سنوات من العمل، وقد تكلف ما يصل إلى 700 مليون دولار، وستتعقد المهمة بسبب القنابل غير المنفجرة والمواد الملوثة الخطيرة والبقايا البشرية تحت الأنقاض، لافتا إلى أن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى وجود أكثر من 10 آلاف جثة تحت الأنقاض، عجز الفلسطينيون عن انتشالها منذ 7 أكتوبر حتى اليوم بسبب غياب أدوات وآليات الإنقاذ، وحتى قبل انتهاء الحرب، تخشى المؤسسات الأممية من رفض إسرائيلي في نقل الأنقاض لطمر البحر، لأنها قد ترى في ذلك زيادة بمساحة قطاع غزة، بحسب ما أوردته تقارير صحفية إسرائيلية.

وأكد على أن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة شكلت مرحلة انتقالية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك على الرغم من الأرقام الصادمة لأثر الحرب الإنساني على الصعيد الاجتماعي.

ويشدد الأسطل في الختام أنه يمكن التأكيد أن تلك الخطوات، هي بالفعل مخطط إسرائيلي لإبادة الفلسطينيين، وهو مخطط يمارسه الاحتلال في إطار استراتيجية ودعم كامل من الإدارة الأمريكية التي تمارس التضليل بحق المجتمع الدولي، فهي في الظاهر كما تعلن تقوم بدور الوساطة من أجل وقف العدوان، لكن في حقيقة الأمر هي تنفذ أو تشارك مع الاحتلال أجندة كبيرة لإبادة الفلسطينيين، والاحتلال ينفذ هذه المحطات من مرحلة إلى مرحلة وصولا إلى إنهاء كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.