1 - مضى عامٌ، فشكراً غزّة لأنك علَّمتِنا أن مجلس الأمن عصابة، وأن القانون الدولي مجرَّد حبر على ورق، وأن شِرعة حقوق الإنسان نكتة!
2 - مضى عامٌ، فشكراً غزّة لأنك علَّمتِنا أن هذا العالم أعور، يديرُ عينه المُبصرة حيث شاء، ويدير العوراء حيث شاء، فأطفال غزَّة ليسوا كأطفال أوكرانيا!
أولئك رومٌ مثلهم، أما نحن.. فعرب!
3 - مضى عامٌ، فشكراً غزّة لأنك علَّمتِنا أنَّ الحقَّ يُنتزع انتزاعاً ولا يُستجدى، لن يأتي أحدٌ إليكَ ليقول أنتَ طيَّب وسأعطيكَ ما تريدُ.. إذا كنتَ تريدُ شيئاً مُدَّ يدكَ وخذه رغماً عن العالم!
4 - مضى عامٌ، فشكراً غزّة لأنك علَّمتِنا أن تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها ممكن، وأنَّ ما حدث هذه المرَّة ما هو إلا «بروفة» مصغَّرة لما سيأتي!
5 - مضى عامٌ، فشكراً غزّة لأنك علَّمتِنا أنّ من يرِدْ يستطعْ، وأن المسألة لم تتعلّق يوماً بالإمكانيات وإنما بالإرادة، من كان يتخيَّل، مجرَّد تخيلٍ أن غزَّة المحاصرة بإمكانها أن تصنع سلاحها وتُحارب به وتُدهش أحبابها قبل أعدائها!
6 - مضى عامٌ، فشكراً غزّة لأنك علَّمتِنا أنْ نحترم النِّعم، هناك حيث تغدو شربة الماء النَّظيف حُلُماً، والرَّغيف الطازج إنجازاً، والاستحمام رفاهية تُشبه التمدد على شواطئ المالديف، والبيت الصّغير جداً أثمن من قصور الدُّنيا ما دام لم يسقط على رؤوس ساكنيه!
7 - مضى عامٌ، فشكراً غزّة لأنك علَّمتِنا أنَّ أشباه الصَّحابة يعيشون بيننا، أحفاد خالد بن الوليد يقتحمون صفوف الأعداء بشراسة، وأحفاد سعد بن أبي وقاص يرمون بدقّة، وأحفاد عكرمة ما زالوا يتبايعون على الموت، وأحفاد القعقاع صوتهم في الجيش يخلع القلب من مكانه، سمعناهم يقولون: باسم الله الغالب!
8 - مضى عامٌ، فشكراً غزّة لأنك علَّمتِنا أن الخنساء لم تمُتْ، وأن عشرات آلاف النُّسخ منها ما زلنَ يعِشْنَ بيننا، يُقدِّمنَ أولادهُنَّ في سبيل الله صابراتٍ محتسباتٍ ولسان حالهنَّ: اللهُمَّ خذ من دماء أولادنا حتى ترضى!
9 - مضى عامٌ، فشكراً غزّة لأنك علَّمتِنا أنَّ الأطفال إذا ربَّتهم المصاعب كبروا قبل أوانهم، وبلغُوا مبلغ الرَّجال قبل أقرانهم، وكأنهم صبيُّ الأخدود الذي أحيا دمه قوماً مؤمنين أُحرقوا جميعاً أحياء ولم يرتدُّوا، هذا الدَّين تُحييه الدَّماء وتُطفئه الدموع، فامسحوا دموعكم، وربُّوا شُهداء الغد!
10 - مضى عامٌ، فشكراً غزّة لأنك علَّمتِنا أنَّ العقيدة سلوكٌ لا سُطور، لم نرَ أحداً فيكِ ساخطاً على قضاء اللهِ، يجمعون أشلاء أحبائهم ويحمدون ربَّهم، يمسحون دموعهم بيد ويُتابعون الجَمع بيد أُخرى، عقيدتهم امتلأت بها قلوبهم ففاضتْ على جوارحهم....!