إن ارتكاب الأخطاء أمر يستحيل تجنبه ما دمنا على قيد الوجود، بغض النظر عن أي طريق نسلكه. المهم في الأمر أن نحاول تفادي الأخطاء الفادحة، ونتعلم من أخطائنا حتى نرتقي إلى مكان أفضل.
يمكن أن تكون غالبية أخطائك، إن لم تكن جميعها، فرصاً تعليمية ثمينة. وفي الواقع، غالباً ما يكون الإخفاق هو مفتاح النجاح الحقيقي، عبر فهم أخطائنا، والعمل على تداركها وتلافيها مستقبلاً، إلى جانب التعلم من دروس الأيام وصولاً إلى النسخة الأفضل من أنفسنا.
مع ذلك، تبدو الأخطاء أمراً مخيفاً وغير مرغوب، وهو الأمر الذي يؤدي إلى ارتكابنا مزيداً منها بسبب خوفنا من أن نكون ناقصين. لذا فنقطة البداية تكمن في إدراكك لطبيعتك البشرية، واستعدادك لارتكاب الأخطاء في سبيل النمو والتقدم. فمن لا يخطئ لا يتطور، ويبقى في مكانه دون الوصول إلى المحطة التالية.
صحيح أن بعض الأخطاء تحدث بسبب سوء النوايا في مرحلة ما من حياتنا، لكن على صعيد آخر، فإن العديد من الأخطاء هي مجرد حوادث غير متعمدة، يمكن أن تحدث ببساطة لأنك لم تكن تعرف كيف تتصرف بشكل أفضل، سواء في حياتك الشخصية أو المهنية.
ونظراً لأن البشر ليسوا مثاليين، فإن الأخطاء أمر يستحيل تجنبه. لكن الخبر المفرح هو أن الأخطاء والإخفاقات هي تجارب تعليمية رائعة تنقلك إلى محطة النجاح التالية، إن أنت استفدت منها بدلاً من أن تدعها تحطم عزيمتك.
قد لا يبدو ارتكاب الأخطاء أمراً جيداً، لكن الحقيقة تشير إلى أن ارتكاب الأخطاء له فوائد في حال اتبعت بعض الخطوات الآتية بعد حدوث الخطأ:
1) اعترف بأخطائك:
يعد الاعتراف بالخطأ الخطوة الأولى للنمو والتطور. لا تحاول إنكار أخطائك أو التستر عليها أو تجاهلها؛ لأن ذلك سيزيد الطين بلة، ويعزز توترك، ويضر بسمعتك في بعض الأحيان. فإذا كنت بحاجة إلى التراجع عن موقف معين، فلا تتردد. وإذا كان عليك الاعتذار من شخص ما، فسارع إلى الاعتذار، وهلم جراً.
2) حلل الخطأ وأعد صياغته:
إن تغيير رؤيتك للخطأ بعد حدوثه، وتغيير وجهة نظرك حوله هو خطوة لا غنى عنها في عملية التعلم، ورؤية الصورة الأكبر، وزيادة المرونة. فاسأل نفسك الأسئلة التالية: ماذا الذي كنت أحاول فعله؟ ماذا حدث؟ متى وقع الخطأ؟ لماذا حدث الخطأ؟ لتكتشف كيفية تجنب تكرار الخطأ نفسه من خلال الإجابات المطروحة.
3) تعلم الدرس، وابدأ التنفيذ:
الاعتراف بالخطأ أمر ضروري، وتحليل الأخطاء بعد حدوثها يعطيك الإجابات. لكن التطبيق العملي هو أساس التغيير، وعدم الوقوع في نفس الأخطاء مجدداً. فتعلم من أخطائك، وضع ما تعلمته موضع التنفيذ، كأن تحسن مهارات التواصل لديك، أو تضع استراتيجيات تساعدك على عدم إضاعة الوقت.. إلخ.
4) تذكر أن الأخطاء لا يمكن تجنبها:
إن التغيير هو الشيء الوحيد الثابت في حياتنا. والتغيير يؤدي إلى أماكن غير مألوفة بالنسبة لنا، ومع وجودنا خارج منطقة الراحة تأتي الأخطاء؛ لأنه من المستحيل توقع ما سيحدث. كل ما بوسعنا فعله وبذل قصارى جهودنا، وطلب المساعدة من أهل الثقة، ومساندة الآخرين. لذا لا تقلق أبداً، فلست وحدك من يخطئ، وما دمت حياً فإن الأخطاء أمر لا مفر منه عليك تقبله في رحلتك نحو النجاح.
تذكر دوماً أن من لا يرى أخطاءه لا يتعلم، ومن لا يدركها لا يتطور، ومن لا يعترف بها لا يتعلم الصواب أو يتغير نحو الأفضل. فاعترف بأخطائك، وأعد صياغتها، وتعلم من دروسها الثمينة، ثم طبق ما تعلمته على أرض الواقع.