+ A
A -
تعود تركيا اليوم - بعد إفشال «الانقلاب» الذي استهدف نظام الرئيس رجب طيب أردوغان- أقوى مما كانت عليه بعد القفزة الاقتصادية والصناعية التي حققتها خلال العقدين الأخيرة بشكل خاص. كما طورت تركيا صناعاتها الحربية والعسكرية وأسست لأذرع اقتصادية وصناعية صلبة قادرة على إسناد حضورها الدولي ودعمه بشكل كبير.
لم تساند تركيا الانقلابات على الثورات العربية ولم تتورط في بث الفوضى في جوارها الإقليمي، رغم حدودها المباشرة مع سوريا بل كانت أول ضحايا الثورة السورية سواء من خلال العمليات الإرهابية التي استهدفت الأراضي التركية، أو من خلال أمواج اللاجئين الذين استقبلتهم بالملايين.
رغم التدخل المتأخر نوعا ما للفاعل التركي فإنّ الثابت الأكيد هو أنه تدخل قلب موازين القوى وألغى كثيرا من الحسابات الاقليمية والدولية، بعد إفشال الانقلاب في تركيا ومساهمتها في كسر محاولة النيل نظام الحكم في قطر عبر الحصار الجائر تحركت أنقرة في اتجاه منع خنقها من قبل القوى الدولية التي تتحرك في ليبيا وسوريا والعراق وفي حوض المتوسط.
اليوم تحقق القوات التركية تقدما كبيرا في سوريا مواجِهةً خذلان القوى الأوروبية والغربية عامة ممثلة في حلف الناتو ومواجهة محاولات روسيا إرباك الأتراك وتوريطهم في المستنقع السوري عبر مناورات تكتيكية وعسكرية. هذا الحضور التركي القوي في المنطقة أعاد ترتيب الحسابات سواء منها ما تعلق بحسابات الأنظمة الانقلابية العربية وداعميهم أو حسابات القوى الأوروبية التي تحاول تجديد قبضتها مشرقا.
رغم عداء النظام الرسمي العربي لتركيا الذي عبرت عنه الجامعة العربية في قمتها الأخيرة إلا أن الرأي العام الإقليمي لا يُخفي اعتزازه بالدور التركي في المنطقة وهو ما يعمّق من حالة الحرج والقطيعة التي تعاني منها الأنظمة الرسمية العربي في علاقتها بشعوبها. سيعيد تدخل تركيا توزيع الأوراق في المشرق العربي كما سيفرض حالة توازن جديدة لن تكون في صالح النظام الرسمي العربي بشكله القديم.بقلم: محمد هنيد