لطالما كانت القصصُ والأمثالُ مطيَّةً لتقريب المعاني، ولأنها كذلك فقد كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُكثر من أن يُحدِّثَ بها أصحابه، فأرادَ مرةً أن يُخبرهم عن حبِّ اللهِ سبحانه للتائب وفرحه بتوبته، فأخبرهم أنَّ الله أفرح بتوبة عبده من رجل كان في صحراء، وكانت معه ناقته التي عليها طعامه وشرابه ومتاعه، ثم لما اشتدَّ الحرُّ، أوى الرَّجُلُ إلى شجرة يتفيَّأ ظلالها وينام قليلاً، ولكنه نسيَ أن يُحكم ربطها، فلما نام شردتْ الناقة، فلما استيقظ ولم يجِدْها أخذ يبحثُ عنها يميناً وشمالاً ولكن دون جدوى، ولما يئِس أن يجدها قال في نفسه: أرجعُ إلى المكان الذي كنتُ فيه فأنام حتى أموت! فلما نام ما شاء الله له أن ينام، استيقظ فإذا ناقته عند رأسه، فقال من شدة الفرح: «اللهم أنتَ عبدي وأنا ربك»!
وجعلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: أخطأ من شدة الفرح!
اُنظُرْ لحكمة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في ضرب المثل، لقد اختارَ قصةً من بيئة القوم الذين يُحدثهم، فهم يعيشون في الصحراء، ويُسافرون قاطعي الفيافي والقفار، ويعلمون ما تعني الناقة التي عليها الزاد والماء، ويعلمون أن فقدها يعني الموت المحتَّم، ويعلمون بالتالي مقدار فرح المسافر بالعثور على ناقته بعد فقدها، لهذا وصلتْ الفكرة التي أراد أن يُوصلها إليهم بيُسر وسلاسة.
لهذا، على الدُّعاة والمُربِّين أن يُخاطبوا الناس بحسب واقعهم، وبالشيء الذي يفهمون به، فالمثل الذي يُعطى لطلاب الجامعات في محاضرة قد لا يناسب العَوَام في المساجد، والقصة التي تُقال للمرأة في الأربعين مثلاً لا تُقال للطفلة في العاشرة، وقد قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «نحن معاشر الأنبياء أُمرنا أن نُخاطب الناس على قدر عقولهم»! وعقولهم هذه تشمل لُغاتهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وواقعهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي!
أخطأ من شدة الفرح!
إن قول الرجل لا شك أنه في ظاهره كفرٌ بواح! ولكن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أراد لنا أن نلتمس العُذر للناس في بعض المواقف! يمرُّ الإنسان بأطوار نفسية قد يفقدُ فيها زمام عقله، فلا يعود ذلك الشخص الذي نعرفه، فالمُصيبة أحياناً تُفقدُ الإنسان صوابه، وربما قال فيها كلاماً جارِحاً لمن حوله، فلا يجب مُؤاخذته خصوصاً إذا كنا نعرف أنَّ هذه ليستْ حاله، وأنه في ظروفٍ طبيعيةٍ ما كان له أن يقول ما قال!
والفرح أحياناً كالمصائب يُفقدُ الإنسان صوابه، فتجده في حالة من عدم الاتزان، وقد يقول ما لم يكن له أن يقوله في حالة استقرار نفسي! فقدِّروا ظُروف الناس واعلموا أن النفس البشرية أطوار، جبال ووِهاد، مرةً في الأعلى ومرةً في الأسفل، وكما قال مصطفى محمود: نحن لا نملكُ أكثر من أن نُهوِّن على بعضنا الطريق!
بالمُقابل علينا أن نُحاول أن نملك زمام أنفسنا ما استطعنا حين نكون في حالة نفسية استثنائية، ومن أجمل ما قال الأوائل:
لا تقطع وعداً وأنتَ سعيد، ولا ترُدْ وأنتَ غاضب، ولا تُقرر وأنت حزين!بقلم: أدهم شرقاوي
وجعلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: أخطأ من شدة الفرح!
اُنظُرْ لحكمة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في ضرب المثل، لقد اختارَ قصةً من بيئة القوم الذين يُحدثهم، فهم يعيشون في الصحراء، ويُسافرون قاطعي الفيافي والقفار، ويعلمون ما تعني الناقة التي عليها الزاد والماء، ويعلمون أن فقدها يعني الموت المحتَّم، ويعلمون بالتالي مقدار فرح المسافر بالعثور على ناقته بعد فقدها، لهذا وصلتْ الفكرة التي أراد أن يُوصلها إليهم بيُسر وسلاسة.
لهذا، على الدُّعاة والمُربِّين أن يُخاطبوا الناس بحسب واقعهم، وبالشيء الذي يفهمون به، فالمثل الذي يُعطى لطلاب الجامعات في محاضرة قد لا يناسب العَوَام في المساجد، والقصة التي تُقال للمرأة في الأربعين مثلاً لا تُقال للطفلة في العاشرة، وقد قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «نحن معاشر الأنبياء أُمرنا أن نُخاطب الناس على قدر عقولهم»! وعقولهم هذه تشمل لُغاتهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وواقعهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي!
أخطأ من شدة الفرح!
إن قول الرجل لا شك أنه في ظاهره كفرٌ بواح! ولكن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أراد لنا أن نلتمس العُذر للناس في بعض المواقف! يمرُّ الإنسان بأطوار نفسية قد يفقدُ فيها زمام عقله، فلا يعود ذلك الشخص الذي نعرفه، فالمُصيبة أحياناً تُفقدُ الإنسان صوابه، وربما قال فيها كلاماً جارِحاً لمن حوله، فلا يجب مُؤاخذته خصوصاً إذا كنا نعرف أنَّ هذه ليستْ حاله، وأنه في ظروفٍ طبيعيةٍ ما كان له أن يقول ما قال!
والفرح أحياناً كالمصائب يُفقدُ الإنسان صوابه، فتجده في حالة من عدم الاتزان، وقد يقول ما لم يكن له أن يقوله في حالة استقرار نفسي! فقدِّروا ظُروف الناس واعلموا أن النفس البشرية أطوار، جبال ووِهاد، مرةً في الأعلى ومرةً في الأسفل، وكما قال مصطفى محمود: نحن لا نملكُ أكثر من أن نُهوِّن على بعضنا الطريق!
بالمُقابل علينا أن نُحاول أن نملك زمام أنفسنا ما استطعنا حين نكون في حالة نفسية استثنائية، ومن أجمل ما قال الأوائل:
لا تقطع وعداً وأنتَ سعيد، ولا ترُدْ وأنتَ غاضب، ولا تُقرر وأنت حزين!بقلم: أدهم شرقاوي