مع دخول العدوان على غزة عامه الثاني عبر عدد من الطلاب والأكاديميين في مؤسسة قطر عن مشاعرهم وأحلامهم بتحرير دولة فلسطين، مؤكدين أن ما يحدث في غزة ووقوف العالم متفرجا هي جريمة إبادة جماعية.

فتقول غزل عثمان، فلسطينية غادرت غزّة في عُمر 13 عامًا بعد رحيل والدتها عام 2021: لقد مرَّ العام الماضي وكأنَّه دهرٌ بأكمله، لم نتخيل أن يبقى العالم متفرجًا على معاناة غزة بينما تستقبل عامها الجديد. كان أملنا دائمًا أنْ ينتهي العدوان في رمضان، ثم في العيد، ولكن لم ينتهِ، وها نحن الآن على أعتاب عام 2025 والإبادة الجماعية لا تزال مستمرة. من الصعب جدًا علينا تقبل ذلك.

وتتابع: في بداية العدوان، لم أكن أجرؤ على الخروج من المنزل، وحينما قررت ذلك أخيرًا، كانت لحظة قاسية للغاية حيث العالم يواصل حياته كأنَّ شيئا لم يكن، غافلًا عن المعاناة التي نعيشها.

لم يسلب الاحتلال أمي مني مرة واحدة فقط، بل مرتين. الأولى عندما منعها من السفر للعلاج بالخارج، والأخيرة خلال هذه الإبادة الجماعية. أفكر يا ترى هل تشعر ماما بالوحدة الآن بعدما أجبرنا جميعًا على الرحيل وتركها؟ ترعبني فكرة ألا أتمكن من زيارة قبرها أبدًا، لا أدري حتى إن كان قبرها ما زال أصلًا محتفظًا بمعالمه.

لم نلتق بأختي التي تعيش في الضفة الغربية منذ عام 2015، كما لدي أخت أخرى في أميركا، وأخرى في لوكسمبورغ، وأنا هنا في الدوحة، وعائلتي في مصر، لقد أجبرتنا الحياة على أن نعيش متفرقين.

عزائي الوحيد أنَّ عائلتي خارج غزة الآن، لكن هذا لا يعني أبدًا أنَّ حبيبتي غزة لم تعد في البال، صحيح أنني أعيش حاليًا في الدوحة، ولكن كنت كلما ساورني القلق من احتمالية الفشل هنا، أتذكر أنَّه على الأقل لدي وطن أنتمي إليه، وأنَّ بيتي وغزة لن يبخلا على احتضاني حينها.

اما منى المسلماني، متطوّعة وخريجة مؤسسة قطر فتقول: رغم الأحداث المؤلمة التي تلت 7 أكتوبر، إلا أن الفلسطينيين كانوا يواجهون ذلك منذ سنوات. أوّل ما أفكّر فيه دائمًا هو لماذا يحدث ذلك؟ منذ متى ونحن لا نبالي؟ هل فشلنا في حمايتهم؟ وهذه ليست تساؤلات أطرحها على نفسي فقط، بل على المجتمع أيضًا، فحتى من ليس لديهم أي صلة بفلسطين يتأثرون بما يجري في غزّة. من الصعب ألا نتأثر عندما نرى هذه المجازر، فهذا ما تمليه علينا إنسانيتنا.

أملنا في كلّ يومٍ هو أن تُحرَّر فلسطين، ونعلمُ يقينًا أنها ستتحرر بإذن الله، وأن تحريرها مسألة وقت ليس إلا، وأننا سنصحو يومًا على خبر تحرير فلسطين. رُبما نشعرُ أحيانًا أننا عاجزون أمام ما يحدث للشعب الفلسطيني، وأن الحرب لن تتوقف مهما فعلنا، لكنّ التفكير بهذه الطريقة خطأ كبير.

لا يُمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي أمام ما يحدث في غزّة، فكلٌ منا لديه قدرات وإمكانات، وعلينا أن نسأل أنفسنا: «هل يمكننا تكريس قدراتنا لخدمة هذه القضية؟ سواء من خلال رفع الوعي، أو نشر الرسالة، أو التعبير عن آرائنا والدفاع عن مواقفنا».

د. يوسف مرعي، بروفيسور فلسطيني أميركي في جامعة جورجتاون، وأستاذ مشارك زائر في جامعة جورجتاون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر يقول: في الأسابيع التي تلت 7 أكتوبر 2023، شعرت برعب ويأس شديدين تجاه عجز الحكومات عن إيقاف الإبادة الجماعية وإراقة المزيد من الدماء، لكنني أيضًا رأيت في هذا الحدث فرص لتعزيز الوعي والمعرفة.

في خريف 2023، كنت أقدّم دورةً تعليميةً عن الأدب الفلسطيني في جامعة جورجتاون. شعرتُ أن ما يمكنني تقديمه في هذا الوقت هو تعليم الطلاب عن فلسطين وتاريخها والعلاقات التي كانت موجودة بين المسلمين والمسيحيين واليهود قبل عام 1948. يُمكن أن يتخذ الطلاب والأساتذة خطوات صغيرةً لكنها ذات معنى وأثر كبير، وعلينا أن نخوض نقاشات حول موضوعات لم نعتد مناقشتها مثل الإبادة الجماعية في غزّة، لأن حلّ تلك القضايا يُشكّل تحديًا فكريًا بالنسبة للطلاب.

علينا أن ننظر في إمكانية وضع برامج تعليمية في المدارس الثانوية والجامعات، وكذلك على مستوى المدارس الابتدائية، لتعزيز الوعي بالثقافة والمجتمع الفلسطيني، وكذلك بالعلاقات بين الأديان.