أطلقت بكين حملة إعلامية ضخمة ولوجستية سياسية ذكية، وأعادت تصوير مشهد مدينة ووهان الصينية، تحت هجوم الوباء والحجر القمعي على البنايات وسكّانها، بنموذج نجاح جديد ومبهر، فاصطفاف كتيبة من القوات العسكرية الصينية لتحية المناضلين من أطباء وأطقم خدمات صحية، قَدِموا من مدن صينية عدة للمساهمة في إنقاذ الصين من خلال معركة ووهان، كان تصويراً حيوياً يأخذ النفس لهذ النجاح الكبير.
لم تكتف بكين بذلك، بل إنها اختطفت اللحظة الحاسمة للانهيار الأوروبي، وخاصة في إيطاليا وإسبانيا، ورسالة الزعيم الصربي الذي كاد أن يبكي، وهو يعلن للشعب بأن الاتحاد الأوروبي خذل بلغراد، وأنه يقف اليوم ليُعلم الشعب بالحقيقة، فيوجه رسالته لسور الصين العظيم، الذي عاد لينهض.
وهكذا خرج الناطق باسم الحكومة الصينية، ليُعلن جهود بكين لدعم إيطاليا وصربيا وغيرهما من بلدان أوربية، في ذات اللحظة التي برز فيها التخبط الأميركي والبريطاني، وأعلن الرئيس الفرنسي، استدعاء الجيش للمساهمة في مواجهة حرب كورونا العالمية.
فوراً التقط الرئيس الأميركي الرسالة، وأدرك أن بكين تحوّل فاجعتها إلى بنية أرضية جديدة، تستثمر فيها، نجاتها (المفترضة) في العالم الذي ينهار اقتصادياً أمام كورونا القادم من ووهان، وتصنع لشمسها مساحة كبرى تباغت بها النفوذ الأميركي من جديد.
فبادر ترامب بشن هجوم سياسي يُذكّر الصين بأنها رفضت الانفتاح على العالم وعلى واشنطن تحديداً، والتي بحسب زعمه كان من الممكن أن تقضي على الفيروس في مهده، مذكراً بما اعتُبر مصطلحاً عنصرياً بالفيروس الصيني.
وفي الوقت ذاته صعدت على السطح فكرة الفوز بأول لقاح شفاء يأذن به الله، تحققه بكين أو واشنطن التي عززت نفوذها الدوائي في الأوساط الغربية لهذا الهدف تحديداً، وهو السبق قبل معادلة الإنقاذ الجامعة، وإن اشترك الجميع بالإيمان بأهمية ولادة اللقاح، لإنقاذ دولهم ومصالحهم.
لكن المسابقة أيضا برزت من جديد في أركان العالم الرأسمالي، الذي لا فرق فيه بين مسمى الصين الشيوعية، وأميركا الإمبريالية، فكلا الإمبراطوريتان، بات الإله المقدم لديها هو إله المال، حتى لو استُدعيت الصلوات للبيت الأبيض، فهي تختص بشعب هذا الإله.
وقبل العودة لتصريحات ترامب وواقع واشنطن وموقفها السياسي والأخلاقي، نُشير إلى صفحة الحقيقة التي أرادت بكين طيّها، وبلا تجن ضد الشرق الصيني الذي دوّن حكمته في الزمن القديم، فإن نجاح الصين في التطويق لا يُلغي إغفال نشأة الفيروس، ولا يمكن إغفال الفيديوهات المهمة للطبيب المكتشف وآخرين، الذين نادوا بسرعة المعالجة وكشفوا التباطئ الأول وتم قمعهم.
إن فكرة تحويل الحيوانات الحية والحشرات الغريبة طعاماً كانت بحسب الدراسات العلمية أحد أسباب انفجار الكون الفيروسي وتطرفّه، ورغم أن هناك انتقادات غربية لطبخ الحيوانات وتقديمها للأكل وهي تلفظ الروح في بيئات صينية. إلا أنها لا تمثل شيئاً أمام الهجوم الغربي على أعراف إسلامية، ومهما كان هذا العدد لا يمثل كل الشعب الصيني، فهو نموذج للطعام الشاذ الغرائبي المتسلط على الحيوان، الذي قد تكمن فيه فيروسات، لها في العالم الكوني الكلي رسالة، لا تدرك حكمتها إلا بعد زمن. وهنا ليس المقام مطلقا للحط من الثقافات، وإنما لتفعيل الحكمة الإنسانية الجامعة، خاصة في ظل ما أظهره العلم، من دور خطير لهذا التوحش الشاذ على الحيوان، ونرصد اليوم تطرفاً معاكساً بين البيئة الصينية التي تقهر الحيوان خارج الأنعام أو الدواجن التي فطر الله الناس عليها، وبين عالم الغرب الحديث الذي قرر أن يُشرك الكلاب في مكانة الأطفال، وصولاً لبعض الحالات الشاذة للبحث عن علاقة رومانسية معها.
في الوقت ذاته الذي يُزّهّد الغرب في قيم العائلة والزوجية، وروح التضامن الأخلاقي، بين الآباء والأجيال، حيث يخفق في فكر المسلمين قول الله عز وجل (وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا). إننا هنا لا نعرض لغة دينية ولكن خطاب معرفة إنسانية ترى من واجبها بلاغ العالم بفلسفتها المختلفة عن هذين العالمين.
وللحديث بقية.بقلم: مهنا الحبيل
لم تكتف بكين بذلك، بل إنها اختطفت اللحظة الحاسمة للانهيار الأوروبي، وخاصة في إيطاليا وإسبانيا، ورسالة الزعيم الصربي الذي كاد أن يبكي، وهو يعلن للشعب بأن الاتحاد الأوروبي خذل بلغراد، وأنه يقف اليوم ليُعلم الشعب بالحقيقة، فيوجه رسالته لسور الصين العظيم، الذي عاد لينهض.
وهكذا خرج الناطق باسم الحكومة الصينية، ليُعلن جهود بكين لدعم إيطاليا وصربيا وغيرهما من بلدان أوربية، في ذات اللحظة التي برز فيها التخبط الأميركي والبريطاني، وأعلن الرئيس الفرنسي، استدعاء الجيش للمساهمة في مواجهة حرب كورونا العالمية.
فوراً التقط الرئيس الأميركي الرسالة، وأدرك أن بكين تحوّل فاجعتها إلى بنية أرضية جديدة، تستثمر فيها، نجاتها (المفترضة) في العالم الذي ينهار اقتصادياً أمام كورونا القادم من ووهان، وتصنع لشمسها مساحة كبرى تباغت بها النفوذ الأميركي من جديد.
فبادر ترامب بشن هجوم سياسي يُذكّر الصين بأنها رفضت الانفتاح على العالم وعلى واشنطن تحديداً، والتي بحسب زعمه كان من الممكن أن تقضي على الفيروس في مهده، مذكراً بما اعتُبر مصطلحاً عنصرياً بالفيروس الصيني.
وفي الوقت ذاته صعدت على السطح فكرة الفوز بأول لقاح شفاء يأذن به الله، تحققه بكين أو واشنطن التي عززت نفوذها الدوائي في الأوساط الغربية لهذا الهدف تحديداً، وهو السبق قبل معادلة الإنقاذ الجامعة، وإن اشترك الجميع بالإيمان بأهمية ولادة اللقاح، لإنقاذ دولهم ومصالحهم.
لكن المسابقة أيضا برزت من جديد في أركان العالم الرأسمالي، الذي لا فرق فيه بين مسمى الصين الشيوعية، وأميركا الإمبريالية، فكلا الإمبراطوريتان، بات الإله المقدم لديها هو إله المال، حتى لو استُدعيت الصلوات للبيت الأبيض، فهي تختص بشعب هذا الإله.
وقبل العودة لتصريحات ترامب وواقع واشنطن وموقفها السياسي والأخلاقي، نُشير إلى صفحة الحقيقة التي أرادت بكين طيّها، وبلا تجن ضد الشرق الصيني الذي دوّن حكمته في الزمن القديم، فإن نجاح الصين في التطويق لا يُلغي إغفال نشأة الفيروس، ولا يمكن إغفال الفيديوهات المهمة للطبيب المكتشف وآخرين، الذين نادوا بسرعة المعالجة وكشفوا التباطئ الأول وتم قمعهم.
إن فكرة تحويل الحيوانات الحية والحشرات الغريبة طعاماً كانت بحسب الدراسات العلمية أحد أسباب انفجار الكون الفيروسي وتطرفّه، ورغم أن هناك انتقادات غربية لطبخ الحيوانات وتقديمها للأكل وهي تلفظ الروح في بيئات صينية. إلا أنها لا تمثل شيئاً أمام الهجوم الغربي على أعراف إسلامية، ومهما كان هذا العدد لا يمثل كل الشعب الصيني، فهو نموذج للطعام الشاذ الغرائبي المتسلط على الحيوان، الذي قد تكمن فيه فيروسات، لها في العالم الكوني الكلي رسالة، لا تدرك حكمتها إلا بعد زمن. وهنا ليس المقام مطلقا للحط من الثقافات، وإنما لتفعيل الحكمة الإنسانية الجامعة، خاصة في ظل ما أظهره العلم، من دور خطير لهذا التوحش الشاذ على الحيوان، ونرصد اليوم تطرفاً معاكساً بين البيئة الصينية التي تقهر الحيوان خارج الأنعام أو الدواجن التي فطر الله الناس عليها، وبين عالم الغرب الحديث الذي قرر أن يُشرك الكلاب في مكانة الأطفال، وصولاً لبعض الحالات الشاذة للبحث عن علاقة رومانسية معها.
في الوقت ذاته الذي يُزّهّد الغرب في قيم العائلة والزوجية، وروح التضامن الأخلاقي، بين الآباء والأجيال، حيث يخفق في فكر المسلمين قول الله عز وجل (وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا). إننا هنا لا نعرض لغة دينية ولكن خطاب معرفة إنسانية ترى من واجبها بلاغ العالم بفلسفتها المختلفة عن هذين العالمين.
وللحديث بقية.بقلم: مهنا الحبيل