حين تختار أن تحب شخصاً ما، فأنت تمنحه الحق في إيذائك. فمن تملكه مفاتيح قلبه يصبح قادراً على كسرك وإلحاق الأذى بك بغض النظر عن مدى صلابتك. وفي بعض الحالات، سيغادرك بعض من تحبهم غدراً وخيانة بعد أن يتذرعوا بعشرات الأسباب والمبررات، لكنك ستظل تبحث عن سبب واحد للتمسك بهم مهما فعلوا بك. هكذا هو الحب، يجعلك ضعيفاً أمام من تحبهم، ويجعلك ضعيفاً بسببهم.
إن محبة الشخص الصحيح تجعلك ضعيفاً أمام إغواء الحب وحاجتك الدائمة له. أما إذا وقعت ضحية حب الشخص الخطأ، فذاك الحب سيشكل نقطة ضعف كبيرة يمكن استغلالها من قبله للتحكم بك والإساءة إليك وقتما يريد وكيفما يشاء.
ببساطة شديدة، إن محبة شخص معين تمنحه التحكم في حياتك عن قرب أو بعد. فكن حكيماً في اختيار من تحبهم حتى لا تقع ضحية النرجسيين والاستغلاليين، وتحمي نفسك قدر المستطاع من الضعف الذي لا بد منه في كلتا الحالتين، مع فارق مهم ألا وهو أن من يحبك بصدق سيحاول جاهداً ألا يضعفك عن قصد.
إن العلاقات غير الصحية، هي أشبه بخلايا سرطانية تلتهم موارد قلبك، وتدمر تلافيف عقلك المشغول ليل نهار بالطرف الآخر كأنه أصبح محور الكون، وكل شيء بالنسبة لك في هذه الحياة؛ لا أحد قبله ولا بعده.
إن مثل هذا الهوس والتعلق الشديد هو أحد أهم أسباب فشل العلاقات، ودخول الكثير من الناس في حالات الكآبة باختلاف درجاتها. وفي الحقيقة إن 90 % من العلاقات هذه الأيام فاشلة لا بسبب التعلق فحسب، بل لأنه من النادر أن تعثر في هذا الزمن المادي على شخص يحبك لشخصك، ولا يتملك قلبه حب المال والجشع.
إذاً فأمام الحب نحن أضعف، وهذا يعني أنك بالتأكيد أقوى إذا كنت تعتمد على نفسك كلياً؛ لأن كل القوة بداخلك، ولا تحتاج بفضلها أي دعم أو قوة خارجية. بينما باسم الحب فإنك تتوقع ولو القليل من الدعم الخارجي مما يجعلك أكثر ضعفاً.
إن معتقداتك ومشاعرك الباطنية هي أقوى كيانات في حياتك. أما الاعتماد على شيء خارج نطاق الذات مثل الحب، فهو يجعل أفكارك ومشاعرك تتحدد بناء على ردود الفعل من شخص آخر، مما يؤدي في حالات كثيرة إلى إضاعة الوقت والطاقة.
إذا أدركت حقيقة أن القوة تأتي من الداخل، وأنه لا توجد قوة تأتي من الخارج على الإطلاق؛ فسوف تصبح أكثر قوة بدلاً من أن تضعف باسم الحب. وهذا لا يعني ألا تحب أبداً، بل يعني ألا ترهن مشاعرك بيد أحد، وألا تجعل سعادتك منوطة بأي شخص في العالم؛ لأن النهاية هي أن البساط الأحمر سيسحب من تحت قدميك يوماً.
حتى عندما تشعر في بعض الأحيان أنك تستمد القوة من الخارج، فإن القوة التي تنبع من داخلك هي القوة الحقيقية؛ لأنها قابلة للتجدد متى أردت ذلك.
إن درب الحب عموماً مليء بعدم اليقين، ولا يمكن السير فوقه إلى من قبل الشجعان الذين يتحملون صعوباته والأذكياء الذين يحسنون الاختيار. لكن في كافة الأحوال لو كان الإنسان وحده لما استطاع أحد هزيمته، ولكن يهزم المرء بالأشياء التي يحبها. فلا شيء يكسر القلب أكثر من فراق عزيز، أو غياب حبيب تخلى عنا، أو الابتعاد عمن نحبهم بسبب الظروف القاهرة.
فإذا لم تكن لديك الشجاعة الكافية، والقدرة على تحمل صفعات الحياة الموجعة؛ فإياك أن تحب فتتورط وتفقد رباطة جأشك وقوتك. الحب ليس ضعفاً بالمطلق لكنه يجعلنا عرضة للألم أكثر، لذلك يتطلب قلباً جريئاً وعقلاً منيعاً ضد الصدمات، وحنكة لاختيار الشخص المناسب، وعدم السماح لأحد باستغلالنا باسم الحب.