تُعاني المنظومة السياسية اللبنانية من حالة مستفحلة من العُقم والفشل، بحيث تبقى تتخبط في مواقفها الجامدة، وسجالاتها، دون أن تتمكن من مجاراة تطورات المرحلة العصيبة التي يمر بها البلد، أو على الأقل، الحد من تداعياتها الكارثية على البلاد والعباد.

العدو الإسرائيلي يُعربد في الجو، وينشر الدمار والخراب في مختلف المناطق اللبنانية، ساحلاً وجبلاً، جنوباً وبقاعاً، وصولا إلى الشمال وجرود البترون، وأهل السياسة مازالوا يحملون مصباح ديوجين في عز نهار الأزمات، ويبحثون عن المصالح الفئوية والحزبية الضيقة، وكأن الحرب المدمرة محتدمة في بلد آخر!

المبادرة الجديّة الوحيدة المطروحة على الطاولة في الداخل، كما في المحافل الدولية وعواصم القرار في الخارج، هي البيان الثلاثي الذي أعلنه الرئيس نجيب ميقاتي من عين التينة، بموافقة وبشهادة الرئيس نبيه بري والزعيم وليد جنبلاط، والذي تضمن ثلاث نقاط رئيسية: وقف النار فوراً. انتخاب رئيس توافقي. تطبيق القرار الدولي 1701، بكل مندرجاته.

قد يكون من المتوقع أن يُشوّش العدو الإسرائيلي على هذه المبادرة، ويحاول تأخير بحثها بشكل مركّز وجدّي في مجلس الأمن الدولي، حتى يحقق كل أهداف عدوانه السافر على لبنان، خاصة بعد تعثر العملية البرية في اختراق المواقع الحدودية، وعدم التمكن من التقدم نحو جنوب الليطاني على مسافة 18كلم على الأقل، بحجة إبعاد قوة الرضوان وعناصر حزب لله عن الحدود المجاورة لمستعمرات الشمال، مما يعني العودة إلى إقامة الشريط الحدودي العازل بين طرفي الحدود.

ولكن السؤال الذي يشغل بال كل لبناني، يتطلع إلى الخلاص من كابوس العدوان: ماذا يمنع البحث الجدّي في انتخاب الرئيس التوافقي، ليكون لبنان جاهزاً في «اليوم التالي» لوقف الحرب، بكامل مؤسساته الدستورية، لخوض المعركة الدبلوماسية المتوقعة لتنفيذ القرار 1701، والمطالبة بانسحاب جيش الاحتلال من كافة الأراضي اللبنانية، كما نصّت عليه بنود القرار الأممي منذ عام 2006.

انتخاب الرئيس التوافقي يعزز حضور لبنان الدولي، ويُخرج البلد من دوامة الخلافات الخرقاء، ويُنقذ الدولة من حالة الانهيارات. والتردي الراهنة، ويُعيد بعض الأمل إلى نفوس اللبنانيين.

أما الكلام عن مضاعفات تأخير انتخاب الرئيس التوافقي فنتركه لجهابذة ساسة آخر زمان، وتنظيراتهم الهمايونية التي أدت إلى هدم الدولة وتعطيل حياة الناس!!