+ A
A -
رصد محمد مطر

أكد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أن افتتاح الدورة الحالية من مجلس الشورى جاء مختلفا عن الدورات السابقة، وطُرحت خلاله قرارات تسجل في التاريخ، مثمناً تلك القرارات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن، كما أوضح معاليه أن صاحب السمو قد حرص على الحفاظ على اللحمة الوطنية، والوحدة ما بين المواطنين، وتعزيز المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، والتأكيد على سيادة القانون، مبيناً أن الدولة أقدمت على خطوة انتخابات ثلثي أعضاء مجلس الشورى 2021، رغم كثرة الآراء المخالفة لهذا القرار، ولكن صاحب السمو أصر على تطبيق الدستور.

وأشار معاليه، في لقاء خاص لتلفزيون قطر، أمس، تطرق فيه لأهم المستجدات على الساحة المحلية والإقليمية والدولة، إلى أن آلية صنع القرار اشتملت على العديد من الآراء التي طرحت على الطاولة، ومن بينها مسألة الانتخابات، نظراً لطبيعة البيئة لدينا، وكان سمو الأمير قد أكد على أن هناك دستوراً قد صوّت عليه الشعب وتم الاستفتاء عليه عام 2005، وبيّن معاليه أن صاحب السمو حرص على مسألة الاستفتاء الشعبي بأكبر مشاركة ممكنة، موضحاً أن الانتخابات كانت «خيرة لأهل قطر» وتم تدارك هذا الشيء ومواجهته بكل شفافية كما اعتدنا، فمشاورة حاكم البلاد لأصحاب الحل والعقد تتفرد بها قطر منذ عهد المؤسس.

وأضاف أن الآليات المتبعة في مجتمعنا أهلية ومتعارف عليها منذ عقود، موضحاً عدم وجود فرق بين مجلس منتخب أو مُعين، ولا يمكن أن تقارن قطر بدولة أخرى، فقطر تقارن بقطر، كيف كانت في الماضي وكيف هي في الحاضر وكيف ستكون في المستقبل؟.

مضامين الخطاب

في بداية اللقاء أشاد معاليه بمضامين الخطاب الذي افتتح به صاحب السمو دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الأول الموافق لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين لمجلس الشورى، وقال: توجيهات صاحب السمو كانت واضحة، فقد أصر سموه على تطبيق الدستور بانتخاب ثلثي أعضاء الشورى، ونحن دولة صغيرة وعادةً لا توجد تجربة تكون ناجحة بكاملها، وبدورنا سنتوكل على الله ونخوض التجربة ومن ثم نعمل على قياس مدى نجاحها وإسهامها في تحقيق رفاه المواطن وتقدم ونمو الدولة.

وأضاف معاليه: عندما أقدمنا على عملية الانتخابات وجدنا أن هناك أمورا تركت أثرها في المجتمع لم تكن موجودة من قبل، خاصة أن مجتمعنا يقوم في الأساس على تلاحمه وانسجامه، والقوانين التي تركت آثارا كانت مؤثرة في البيت الواحد والعائلة الواحدة، وصاحب السمو كانت توجيهاته واضحة بأن تحسم تلك القوانين وبناءً عليه عملنا في مجلس الوزراء على تنفيذ تلك التوجيهات.

وحول شمولية هذه التشريعات قال معاليه: من المؤكد أن الدولة لن تقوم بأي إجراء لن يصب في صالح المواطنين، فتوجيهات سمو الأمير نعمل عليها بكل جد، وقد نصيب ونخطئ فنحن بشر، ولكن ما أقوله أننا درسنا الموضوع بعناية وكانت هناك استعانة دائمة بأهل الخبرة ممن مروا بتجارب على مر الزمن وما تمت صياغته سيخدم المرحلة المقبلة.

وتابع: المرحلة الرئيسية فيما قمنا به خلال تلك التعديلات كانت الحفاظ على اللُحمة الوطنية والمواطنة المتساوية والتأكيد على سيادة القانون، الذي يعد أحد أركان الدولة الحديثة، واستطرد معاليه قائلاً: ذهبنا إلى بعض العناصر التي رأينا أنها مفيدة من حيث العمر، فرأينا أنه يجب الاعتماد على الشخص المؤهل بصرف النظر عن السن، فلم يحدد السن بسقف، والدستور سيخدم المرحلة المقبلة بأفضل شكل ومستوى.

وأضاف: هناك بعض المواد التي كان يجب تعديلها لتحقيق مسألة المساواة، وهناك وظائف أخرى حساسة في الدولة والقانون لا يمنع الوصول لها، وهذا لا يعتبر شرطا مانعاً لها، فالمبدأ الأساسي لدينا كان المحاولات الدائمة قدرالإمكان لتنفيذ توجيهات سمو الأمير بأن هذا المجتمع له مكانة متأصلة، ومن قدم لهذا الوطن لا يمكن أن ترسخ تضحياته بقانون أو تتغير بقانون، ومن أتى إلى البلد في مرحلة تالية وشارك في بناء الوطن، فلن نفرق بين مواطن وآخر، فعندما مرت قطر بظروف صعبة كان الكل متكاتفا والحمد لله قطر معروفة بكرم أخلاقها، فبلادنا ربي حافظها، بسبب تكاتفها في فعل الخير، والرسول الكريم قال: «صنائع ‌المعروف تقي مصارع السوء».. وهذا نراه مترجما على أرض قطر.

صلاحيات «الشورى»

وأكمل معاليه: صلاحيات مجلس الشورى لم تُمس في التعديل الدستوري وسمو الأمير حرص على هذا الأمر، والمرحلة القادمة ستكون هناك التعديلات الدستورية التي ستحال إلى مجلس الشورى وبدوره يقر التعديلات، ولكن سمو الأمير أكد على أن تكون هناك استفتاءات شعبية، وذلك بعد إقرار مجلس الشورى التعديلات الدستورية ورفعها إلى الديوان الأميري ومن ثم تحديد موعد للاستفتاء.

وحول تجربة الانتخابات أكد معاليه أن تجربة الانتخابات كانت خيرة لأهل قطر جميعاً، واستطرد: الحمد لله تم تدارك هذا الأمر ومواجهته بكل شفافية ونحن لا نخلو من أي نواقص، وسمو الأمير أكد على ضرورة أن نكون واضحين مع الشعب، والبحث في أسباب ما حدث.

وأوضح معاليه أن صاحب السمو اجتمع مع أهل الحل والعقد ليوجه بتلك التوجيهات التي عملنا على تنفيذها من أجل الفائدة العامة وإقرار القرارات التي تهم وتفيد الوطن والمواطن، وهذه عادة القيادة الحكيمة، مشاورة حاكم البلاد لأصحاب الحل والعقد، وهي عادة تتفرد بها قطر منذ عهد المؤسس.

وفي سؤاله حول ما إذا كان قرار التعيين بمجلس الشورى خطوة إلى الوراء أم خطوة إلى الأمام، قال معاليه: مجتمعنا هو مجتمع صغير يحمل معطيات أخرى غير الرؤية السياسية، فهو مجتمع له حسابات مختلفة عن غيره من المجتمعات، ومجلس الشورى دوره كما هو والمهم في شروط العضو أن يكون من أهل الخبرة والكفاءة، وأن يتمتع بالشفافية والنزاهة، والمرجو من أعضاء مجلس الشورى أن يدافعوا عن الوطن بشكل عام، فمن يُنتخب عن الوكرة يدافع عن مصلحة أهل دائرة الشمال والعكس، الممثل عن الشعب هو واحد منهم ويقوم بتوصيل أصواتهم، وهناك قنوات مباشرة بين الحاكم والشعب، هذه من ميزات المجتمع القطري ولا يمكن أن نقارن قطر بمجتمعات أخرى وهذا ليس من قبيل التعالي، فقطر تقارن بقطر.

الارتقاء بالمجتمع

وتابع: أهل قطر كبار في عيوننا وقطر كبيرة في عيوننا ونركز على الارتقاء بالمجتمع وكيفية أن يكون المجتمع مبنيا على أركان رئيسية وأسس قوية تحمي البلد من تحديات المستقبل وأن تظل في تطور وازدهار دائمين، ومسألة أن هناك مواطنين سيتأثرون من تلك القرارات، فالمبدأ الذي عملنا عليه بتكليفات من صاحب السمو تمثل في أن الأساس في كل حكم هو العدالة والجميع متساوون أمام العدالة والقانون، ولايمكن أن يكون هناك قانون يفرق بين مواطن وآخر، والتعديل في الشكليات والممارسات، قطر بنيت وأسست بسواعد أبنائها ودافعوا عنها وضحوا من أجلها، والكل يشهد على ذلك، ومن جاء في قطر بعد مرحلة البناء شارك كذلك في استكمال البناء والمسيرة الحضارية الكبيرة، والنسيج هذا نسيج يعكس طبيعة أهل قطر، وأننا كبرنا بعز مجالسنا وحتى غير القطريين نراهم جزءا منا وهم أهلنا من مدرسين وأطباء وغيرهم في المجتمع، وأؤكد أننا لن نقدم على شيء إلا إذا كان فيه خير للمواطنين وللدولة.

وحول خطاب صاحب السمو وما تضمنه قال معاليه: كان هناك تطرق لصاحب السمو في خطابه لبعض الأرقام سواء على مستوى النمو ومعدلات التضخم أو غيرها، وكانت التوجيهات من البداية كيف نستطيع أن نركز في مهمتنا على بناء اقتصاد قادر على مواجهة أي تحديات وصنع التغيير، وأن يكون هذا الاقتصاد مبنياً على قواعد مستدامة للدولة، بحكم أن اقتصادنا قائم على النفط وبعد ذلك دخلنا في مرحلة البناء ومن ثم كأس العام وكيف نستطيع أن نستمر ونستثمر كل ذلك، والعام الماضي كان العمل على السيطرة على التضخم ووصلنا في هذا الأمر إلى مستويات عالمية، وركزنا في التنمية الوطنية التي أطلقناها على قطاعات مختلفة كالصناعة والتعليم والصحة وغيرها من القطاعات وكذلك هناك مجموعة من المشاريع والتشريعات، والآن نعمل على مرحلة التشريعات على أن تكون قطر جاذبة للاستثمار والشعب القطري يكون مهيأً لهذا الأمر عن طريق التدريب والتأهيل وغيرها من الجوانب التي تؤهله لذلك.

الخدمات الحكومية

وأضاف معاليه: كثير من الأمور نراها في الخدمات الحكومية غير راضين عنها والشعب غير راض، ودائماً نضع أسسا لهم وتحفيزات فمن يُنجز يكافأ ومن لا ينجز يحاسب، وهذه مسؤولية أن نرتفي بالمستوى العام للخدمات بحيث إن تقدم تلك الخدمات بكفاءة عالية وتخدم المجتمع، ومنظومة الرعاية الصحية في قطر من أفضل المنظومات ورأينا دلالات قوية على ذلك في أزمة تفشي فيروس كورونا وما قامت به من مواجهة قوية في التحديات التي صاحبت تلك الأزمة العالمية، ونتمنى مزيدا من النجاح والتميز لهذه المنظومة، وكذلك المنظومة التعليمية وغيرها.

أما فيما يخص الدور الكبير الذي تلعبه قطر على مستوى الوساطة بين العديد من الدول حول العالم والحد من اتساع الحروب والأزمات الإقليمية والدولية قال معاليه: مسألة الوساطة وما قامت به دولة قطر، فهذا الأمر ليس بجديد على دولتنا بحكم العلاقات القوية لقطر تكون قادرة على التواصل مع جميع الأطراف وهذا بالنسبة لنا نراه مسألة ضرورة وليست مسألة رفاهية فاستقرار الإقليم مسؤولية من أجل بناء مستقبل أفضل لأبنائنا وبناتنا، وقطر بنت سجلا موثوقا بين جميع الأطراف، ومع الوقت وتعدد الملفات استطعنا أن نضاعفها وعملنا أن تكون موثقة ومستدامة ومرسخة في السياسة الخارجية لدولة قطر مهما تغير الفريق والمسؤولون وهذا أمر رسخناه في الدستور.

وأضاف: هناك دول كبيرة وصغيرة، الأولى لها نفوذها ومصالحها، والثانية بقدر الإمكان تبحث عن الأمان والاستقرار، ونحن بدورنا نرفض أن نكون على هامش الحياة ورأينا نجاحات كبيرة في الساحات الدولية السياسية ونتعامل دائماً بمهنية وشفافية فهي مسألة إنسانية بحتة تساهم في حقن دماء الشعوب.

أما بالنسبة لقضية غزة فقال: رأينا أن العدوان الإسرائيلي استمر لأكثر من عام دون رادع، ورأينا كذلك حجم الضرر على أشقائنا وأهلنا في فلسطين، وقطر عندما لعبت دور الوسيط من شهر نوفمبر الماضي، كان لدينا فريق كامل يحاول حل المشكلة، ولكن للأسف الاتفاق يحتاج إلى موافقة الطرفين ورأينا عرقلة الطرف الإسرائيلي وقطر رغم موقفها الثابت في العمل على وقف الحرب، فقد نجحنا في نوفمبر الماضي من خلال صفقة تحرير ووقف إطلاق النار ومع الأسف لم يتم استكمال هذا الأمر، ومع ذلك أصررنا على استمرارية الحصول على صفقة أخرى، فنحن لدينا هدف نبيل وهو وقف العدوان على الشعب الفلسطيني، لأن ما يحدث في غزة لا يمكن أن يقبل به أي شخص شريف.

حرب لبنان

وفيما يتعلق بالحرب على لبنان أوضــح معاليـــه أن أولويات دولة قطر تتمثل في وقف الحرب، قـائــلاً: لــــقــــد قمـــنـــا باتصـــالات موسعة مع الساسة اللبنانيين وأوضحنا لهم ذلك، أما بالنسبة لمسألة الانتخابات الرئاسية فهي مسألة داخلية، لا تتدخل فيها قطر إلا إذا طُلب منها، مؤكدا أن دولة قطر لا تقبل أن يزج باسمها في أي صراعات داخلية، وأن الشعب اللبناني هو من يقرر مصيره في مسألة الانتخابات الرئاسية.

ورد معاليه على سؤال حول قاعدة لعديد قائلاً: فيما يخص قاعدة لعديد لن تقبل دولة قطر أن تُشن من قاعدة لعديد أية هجمات سواء كانت في المنطقة أو خارجها، والعلاقة التي تجمعنا مع أميركا علاقة استراتيجية، لديها قراراتها التي تتخذها ولا تؤثر على دولة قطر، وكذلك لدينا قراراتنا التي لا تتدخل هي فيها، مؤكداً أن العلاقة مع الولايات المتحدة هي شراكة استراتيجية وتتسم بالتعاون على مستويات متعددة، مع التأكيد على أن كل طرف يتمتع بالسيادة الكاملة، ولا يتدخل أي منهما في شؤون الآخر.

وتابع: اليوم إذا قمنا بتقييم علاقاتنا بكل الدول من باب علاقتها بدول أخرى فقد نخسر كثيرا من شركائنا وحلفائنا وهم أيضاً سيخسرون.

واختتم معاليه لقاءه قائلاً: الحمد لله رأينا بعد خطاب سمو الأمير ردود فعل إيجابية، ونسأل الله أن نكون قد وفقنا وأن يسدد خطانا، وأمامنا عمل كبير للوصول إلى نهضة وتنمية اقتصادنا والارتقاء بمستوى الأداء الحكومي، ولا نستطيع أن ننجز أي شيء إلا بسواعد أبناء الشعب القطري، وفيما يخص الشعوب العربية فأتمنى للشعب العربي أن تزول هذه الغُمــة وأن نرى موقـــفاً واضحا من المجتمع الدولي لردع هذا التغول الإسرائيلي في المنطقة.

copy short url   نسخ
16/10/2024
40