كانت الكويت قديماً، ذات بصمة إحسان تلقي بثقافتها في أطراف الخليج العربي، وكان صدى هذا الإرث يتردد علينا في مناطق مختلفة من الخليج العربي، وبالطبع هناك ديمغرافية اجتماعية متحدة بين الكويت وبقية الخليج العربي.
وفي الحقيقة أن التعدد الاجتماعي الكويتي بين الحاضرة وأصولهم، والبادية وتعدد قبائلهم، كان يعكس أيضاً نموذجاً جميلاً لروح هل الديرة المتحدين حول القيم والتشارك، وجلب النفع العام للجميع، وهي إحدى الركائز التي نعاني اليوم كثيراً من ثقافة هدمها وتشويهها باسم الوطنية الزائفة، التي تستخدم هذه الثقافة القاتلة لروح أي شعب، لتطويعه لصالح قرارات المؤسسة الرسمية، في بعض دول الخليج.
وكان بُعد الهامش الديمقراطي الذي عاشته الكويت، في رحلتها السياسية، وخاصة مفهوم الأسر التجارية، وتتظيم علاقتهم مع أسرة الحكم كممثل سياسي للمجتمع ببعده المدني والتجاري، برز تأثيره على حركة المجتمع الكويتي، والذي تجاوب مع تيارات فكرية عدة في المنطقة العربية، وأحياناً كان منفىً اختيارياً لبعض مثقفي الخليج العربي، كتأكيد لحيوية تجاوب أهل الكويت.
وكنا نرقب هذا التميّز في الأحساء، وفي عام 1986 على التقريب، زارنا الداعية الإنساني الكبير د. عبد الرحمن السميط رحمه الله، ضمن زيارات العائلة لأرحام زوجته أم صهيب، بارك الله في عمرها وفي ذريتها، فالتقيت به، وكانت فاتحة التعرف عن قرب على بوابات الخير، التي تدفقت بها الكويت على مناطق افريقيا ومشروعه العظيم في مقام الله، لجنة العون المباشر، التي مثّلت مدرسة ولا تزال مختلفة في تجربة الأعمال الخيرية، وخاصة في مسألة خدمة المبدأ الإنساني للإسلام، قبل أي تصنيف مذهبي أو علاقة مصلحية.
وحين زرت الكويت بعدها لعدة مرات، كان الوجيه الاجتماعي المحسن، لطيف الروح وبسيط التعامل، العم يوسف الحجي، أحد الشخصيات الكبرى الإغاثية لفزعة هل الكويت للعالم الإسلامي المنكوب، وظلت الكويت تحافظ على جسورها مع مجتمعها، وشخصياتها الخيرية مداراً زمنياً طويلاً، لكن الحملة الأميركية بعد العمليات الإرهابية، في سبتمبر 2001، استهدفت بظلم بشع هذه المشاريع، وكان من ضحاياها د. السميط نفسه.
رغم أن جمعية العون وفلسفة د. السميط كانت بعيدة عن أخطاء وقعت فيها بعض الجمعيات، في حركة توزيع التبرعات، والتي لا تبرر ما تعرض له العمل الخيري، من حيث الحصار أو المطاردة، لكن فكرة تجميع وتعزيز منظومة العمل التطوعي بإطار خيري، كلف بها العم يوسف، ساعدت قبل هذا المنعطف وبعده، في استمرار قوافل الإحسان الكويتي، لجغرافية كبرى من العالم الإسلامي من مناطق الجوع والعوز.
هنا نفهم من هو الراحل الكبير تغمده الله بإحسانه وخاصة دوره كوزير أوقاف سابق، ومقرب من الأمير، كوسيط مهم جداً لدفع وتنظيم العمل الخيري، منذ تأسيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في 1984، حتى التطورات التي شهدها حاضر العالم الإسلامي، وتعرض فيها العمل الخيري للحصار.
ولذلك نموذج العم يوسف، هو مثال مهم لحاجة المجتمعات والدول، لبقاء جسور العطاء والإغاثة، فكم من طفل ومريض وأرض قاحلة، وأقوام محرومين ليس لديهم دور عبادة ولا مصدر ماء ولا مؤسسات تعليم وصحة، قد وصلتها جهود العم يوسف الحجي، من خلال موقعه الوسطي بين إمارة الدولة وبين مبادرات الخير الكويتية، وكم هو مفجع وحزين وبائس، استمرار حملات التشويه والضرب للعمل الخيري في الخليج، ومن أين؟
من إعلام داخل الخليج العربي، يُسعّر بناءً على الصراع السياسي المهلك لهم.
وهذا لا يعني خلو تجارب العمل الخيري من أزمة فكر قبل الأخطاء، ومن أهمية تنظيم الأولويات والعقل الذي يدير العمل، ليرتفع عن أي رابط حزبي دعوي، إلى مصلحة مستدامة وأكثر إيجابية لمناطق الغوث، تسعف وتؤسس لقوة ذاتية تنهض بهذا الشعب أو تلك المنطقة المنكوبة، لكن حصار أهل البر هو حصار لأمننا السماوي الذي يفيضه الله، وقت الكرب من حيث لا نحتسب، بسبب رجال كأمثال العم يوسف، لك الخلود سيدي في جنات النعيم.بقلم: مهنا الحبيل
وفي الحقيقة أن التعدد الاجتماعي الكويتي بين الحاضرة وأصولهم، والبادية وتعدد قبائلهم، كان يعكس أيضاً نموذجاً جميلاً لروح هل الديرة المتحدين حول القيم والتشارك، وجلب النفع العام للجميع، وهي إحدى الركائز التي نعاني اليوم كثيراً من ثقافة هدمها وتشويهها باسم الوطنية الزائفة، التي تستخدم هذه الثقافة القاتلة لروح أي شعب، لتطويعه لصالح قرارات المؤسسة الرسمية، في بعض دول الخليج.
وكان بُعد الهامش الديمقراطي الذي عاشته الكويت، في رحلتها السياسية، وخاصة مفهوم الأسر التجارية، وتتظيم علاقتهم مع أسرة الحكم كممثل سياسي للمجتمع ببعده المدني والتجاري، برز تأثيره على حركة المجتمع الكويتي، والذي تجاوب مع تيارات فكرية عدة في المنطقة العربية، وأحياناً كان منفىً اختيارياً لبعض مثقفي الخليج العربي، كتأكيد لحيوية تجاوب أهل الكويت.
وكنا نرقب هذا التميّز في الأحساء، وفي عام 1986 على التقريب، زارنا الداعية الإنساني الكبير د. عبد الرحمن السميط رحمه الله، ضمن زيارات العائلة لأرحام زوجته أم صهيب، بارك الله في عمرها وفي ذريتها، فالتقيت به، وكانت فاتحة التعرف عن قرب على بوابات الخير، التي تدفقت بها الكويت على مناطق افريقيا ومشروعه العظيم في مقام الله، لجنة العون المباشر، التي مثّلت مدرسة ولا تزال مختلفة في تجربة الأعمال الخيرية، وخاصة في مسألة خدمة المبدأ الإنساني للإسلام، قبل أي تصنيف مذهبي أو علاقة مصلحية.
وحين زرت الكويت بعدها لعدة مرات، كان الوجيه الاجتماعي المحسن، لطيف الروح وبسيط التعامل، العم يوسف الحجي، أحد الشخصيات الكبرى الإغاثية لفزعة هل الكويت للعالم الإسلامي المنكوب، وظلت الكويت تحافظ على جسورها مع مجتمعها، وشخصياتها الخيرية مداراً زمنياً طويلاً، لكن الحملة الأميركية بعد العمليات الإرهابية، في سبتمبر 2001، استهدفت بظلم بشع هذه المشاريع، وكان من ضحاياها د. السميط نفسه.
رغم أن جمعية العون وفلسفة د. السميط كانت بعيدة عن أخطاء وقعت فيها بعض الجمعيات، في حركة توزيع التبرعات، والتي لا تبرر ما تعرض له العمل الخيري، من حيث الحصار أو المطاردة، لكن فكرة تجميع وتعزيز منظومة العمل التطوعي بإطار خيري، كلف بها العم يوسف، ساعدت قبل هذا المنعطف وبعده، في استمرار قوافل الإحسان الكويتي، لجغرافية كبرى من العالم الإسلامي من مناطق الجوع والعوز.
هنا نفهم من هو الراحل الكبير تغمده الله بإحسانه وخاصة دوره كوزير أوقاف سابق، ومقرب من الأمير، كوسيط مهم جداً لدفع وتنظيم العمل الخيري، منذ تأسيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في 1984، حتى التطورات التي شهدها حاضر العالم الإسلامي، وتعرض فيها العمل الخيري للحصار.
ولذلك نموذج العم يوسف، هو مثال مهم لحاجة المجتمعات والدول، لبقاء جسور العطاء والإغاثة، فكم من طفل ومريض وأرض قاحلة، وأقوام محرومين ليس لديهم دور عبادة ولا مصدر ماء ولا مؤسسات تعليم وصحة، قد وصلتها جهود العم يوسف الحجي، من خلال موقعه الوسطي بين إمارة الدولة وبين مبادرات الخير الكويتية، وكم هو مفجع وحزين وبائس، استمرار حملات التشويه والضرب للعمل الخيري في الخليج، ومن أين؟
من إعلام داخل الخليج العربي، يُسعّر بناءً على الصراع السياسي المهلك لهم.
وهذا لا يعني خلو تجارب العمل الخيري من أزمة فكر قبل الأخطاء، ومن أهمية تنظيم الأولويات والعقل الذي يدير العمل، ليرتفع عن أي رابط حزبي دعوي، إلى مصلحة مستدامة وأكثر إيجابية لمناطق الغوث، تسعف وتؤسس لقوة ذاتية تنهض بهذا الشعب أو تلك المنطقة المنكوبة، لكن حصار أهل البر هو حصار لأمننا السماوي الذي يفيضه الله، وقت الكرب من حيث لا نحتسب، بسبب رجال كأمثال العم يوسف، لك الخلود سيدي في جنات النعيم.بقلم: مهنا الحبيل