وأخيراً فُتحتْ مكة، واستردَّتْ هويتها التي خلقها الله لأجلها، قِبلة التوحيد، ومهوى قلوب المؤمنين! لقد تخلَّصتْ من رجس الشِّرك الذي غزاها ذات جاهلية، ثم إنّ َالوقت قد حان لتطهيرِ جزيرة العرب كلها!
يستدعي النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الأسد الهصور عليَّ بن أبي طالب، ويُرسله على رأس سرية لهدم «ألفُلْس» الصنم الذي تعبده قبيلة طيء.
ولأنَّ علياً لا يبرح حتى يبلغ، أتمَّ المهمة بنجاحٍ، حطَّم الصنم، وعاد بالأسرى إلى المدينة، فوضعهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قرب المسجد حتى ينظر في أمرهم…
وفي اليوم التالي وبينما النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يهمُّ بدخول المسجد، إذ وقفتْ امرأةٌ وقالت له: يا محمد، إن رأيتَ أن تُخلي عني فلا تُشمِّتْ بي أحياء العرب، فقد هلكَ الوالد، وغابَ الوافد، فامنُنْ عليَّ منَّ الله عليكَ، فإن أبي كان سيِّد قومه، يفُكُّ العاني، ويعفو عن الجاني، ويحفظُ الجار، ويحمي الذِّمار، ويُفرج عن المكروب، ويُطعم الطعام، ويُفشي السلام، ويحملُ الكَلَّ، ويُعين على نوائب الدَّهر، وما أتاه أحدٌ بحاجةٍ فردَّه خائباً، أنا سَفَّانة بنت حاتم الطائي!
فقال لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: هذه صفاتُ المؤمنين حقاً، ولو كان أبوكِ مسلماً لترحَّمنا عليه! ثم قال للصحابة: خلُّوا عنها فإنَّ أباها كان يدعو إلى مكارم الأخلاق!
هذه صفات المؤمنين حقاً! هنا مربط الفرس، ومَطِيَّة الكلام!
دِينُك الحقيقي ليس في مسجدك، ولا على سجادة صلاتك، دينك الحقيقي أمانتك في متجرك، ووظيفتك!
دِينُك الحقيقي في تواضعك بل ذُلِّكَ أمام أبويك، في إحسانِك مع إخوتك وأخواتك، في الصبر على زوجتك، في رحمة أولادك!
دِينُك الحقيقي كيف أنتَ مع جيرانك!
دِينُك الحقيقي حين يُجمع مالٌ لمريضٍ وأنتَ قادر على المُساعدة، فتعطي أو تبخل!
دِينُك الحقيقي حين يخوض الناس في أعراض الناس أمامك، فتمشي معهم، أو تُمسك عليكَ لسانك وتحفظ للغائبين غيبتهم!
دِينُك الحقيقي حين تصِلُ إلى مسامعك ذنوب فلانٍ وفلانة، فتستر ولا تخوض في أعراض الناس، أو تفضح!
دِينُك الحقيقي حين يُلقى إليكَ بالسِّرِ، فتحفظ أو تُفشي!
إن التوحيد والصلاة والصيام وسائر العبادات هي حقُّ الله على العبد، وهي نصف الدِّين، أما نصفه الآخر فكيفَ أنتَ مع الناس، وإنَّ التديُّن الذي لا ينعكس على السلوك هو تديُّن أجوف! وإن الإيمان الذي لا يجعلك رقيقاً وكريماً ومأمون الجانب هو إيمان ناقص!
صحيح أن الأخلاق كلها لا تشفعُ للمرءِ إن ماتَ على الكُفر، ولكن الإيمان الذي ليس فيه أخلاق هو إيمان أعرج، وما أجمل مقولة ابن القيم: إنَّ الدِّين كله خُلق، فمن فاقكَ في الخُلق، فقد فاقكَ في الدِّين!بقلم: أدهم شرقاوي
يستدعي النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الأسد الهصور عليَّ بن أبي طالب، ويُرسله على رأس سرية لهدم «ألفُلْس» الصنم الذي تعبده قبيلة طيء.
ولأنَّ علياً لا يبرح حتى يبلغ، أتمَّ المهمة بنجاحٍ، حطَّم الصنم، وعاد بالأسرى إلى المدينة، فوضعهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قرب المسجد حتى ينظر في أمرهم…
وفي اليوم التالي وبينما النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يهمُّ بدخول المسجد، إذ وقفتْ امرأةٌ وقالت له: يا محمد، إن رأيتَ أن تُخلي عني فلا تُشمِّتْ بي أحياء العرب، فقد هلكَ الوالد، وغابَ الوافد، فامنُنْ عليَّ منَّ الله عليكَ، فإن أبي كان سيِّد قومه، يفُكُّ العاني، ويعفو عن الجاني، ويحفظُ الجار، ويحمي الذِّمار، ويُفرج عن المكروب، ويُطعم الطعام، ويُفشي السلام، ويحملُ الكَلَّ، ويُعين على نوائب الدَّهر، وما أتاه أحدٌ بحاجةٍ فردَّه خائباً، أنا سَفَّانة بنت حاتم الطائي!
فقال لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: هذه صفاتُ المؤمنين حقاً، ولو كان أبوكِ مسلماً لترحَّمنا عليه! ثم قال للصحابة: خلُّوا عنها فإنَّ أباها كان يدعو إلى مكارم الأخلاق!
هذه صفات المؤمنين حقاً! هنا مربط الفرس، ومَطِيَّة الكلام!
دِينُك الحقيقي ليس في مسجدك، ولا على سجادة صلاتك، دينك الحقيقي أمانتك في متجرك، ووظيفتك!
دِينُك الحقيقي في تواضعك بل ذُلِّكَ أمام أبويك، في إحسانِك مع إخوتك وأخواتك، في الصبر على زوجتك، في رحمة أولادك!
دِينُك الحقيقي كيف أنتَ مع جيرانك!
دِينُك الحقيقي حين يُجمع مالٌ لمريضٍ وأنتَ قادر على المُساعدة، فتعطي أو تبخل!
دِينُك الحقيقي حين يخوض الناس في أعراض الناس أمامك، فتمشي معهم، أو تُمسك عليكَ لسانك وتحفظ للغائبين غيبتهم!
دِينُك الحقيقي حين تصِلُ إلى مسامعك ذنوب فلانٍ وفلانة، فتستر ولا تخوض في أعراض الناس، أو تفضح!
دِينُك الحقيقي حين يُلقى إليكَ بالسِّرِ، فتحفظ أو تُفشي!
إن التوحيد والصلاة والصيام وسائر العبادات هي حقُّ الله على العبد، وهي نصف الدِّين، أما نصفه الآخر فكيفَ أنتَ مع الناس، وإنَّ التديُّن الذي لا ينعكس على السلوك هو تديُّن أجوف! وإن الإيمان الذي لا يجعلك رقيقاً وكريماً ومأمون الجانب هو إيمان ناقص!
صحيح أن الأخلاق كلها لا تشفعُ للمرءِ إن ماتَ على الكُفر، ولكن الإيمان الذي ليس فيه أخلاق هو إيمان أعرج، وما أجمل مقولة ابن القيم: إنَّ الدِّين كله خُلق، فمن فاقكَ في الخُلق، فقد فاقكَ في الدِّين!بقلم: أدهم شرقاوي