لم يصدق أحد لا الموساد ولا السي أي ايه ولا النتن ولا البيت الأبيض ولا هاريس.. ولا بلينكن أن السنوار استشهد مقبلا لا مدبرا.. وأن أطنان المتفجرات التي أنزلت على الأنفاق العميقة لقتله ذهبت سدى وأن المجازر التي ارتكبت والمستشفيات التي هدمت والمدارس والمنازل والشوارع التي جرفت بحثا عنه وعن الأسرى هي جرائم راح ضحيتها أكثر من خمسين ألف شهيد. لكل هذا، على الشرفاء أن يطالبوا إسرائيل بتعويض الوطن والشعب.. فالسنوار كان في الخطوط الأولى يقاتل في الشمال من المسافة صفر، وفي الوسط وفي الجنوب.. يدافع عن وطنه المسلوب ووطنه المنتهك وشعبه المعذب.
السنوار كان يقاتل من أجل الحرية والعدالة لا من أجل جاه أو مال أو مكانة اجتماعية شخصية.
سجن وعذب وعاد ليقاتل باحثا عن الشهادة ليسجل مع الشهداء الخالدين ياسين والرنتيسي وهنية والشقاقي وعياش وأبو جهاد وأبو إياد ويوسف النجار.. قائمة تمتد من الأرض إلى السماء، لهذا كان يردد ما تعلمه في مدرسة المؤسس: «الشهادة في سبيل الوطن أسمى أمانينا».
كنتم تظنون أن أبا إبراهيم يجلس في مركز قيادة وسيطرة في أعماق الأرض، يتابع شؤون المعركة، يغرق في تفاصيلها، فماذا وجدتم قائدا من زمن الصحابة يتقدم الصفوف، مشتبكا مع دباباتكم على بعد مئات الأمتار من محور فيلادلفيا، فمن قرر أن تطلق الصواريخ نحو تل أبيب يوم 7 أكتوبر الماضي؟ ومن يدير معركة شرق رفح الآن؟ ومن يدير معارك جباليا والشمال؟ ومن يهتم بتأمين 100 أسير إسرائيلي في غزة؟ من يدير الأمن الداخلي؟ من يشرف على العمل الإغاثي ومراكز الإيواء؟ من يبث الرسائل النفسية لأسرى العدو؟ من ومن ومن؟؟
لقد اطمأن يحيى السنوار لهياكل حماس التنظيمية والعسكرية، فهيئة أركان القسام تعمل باقتدار كامل، والجسم الحركي التنظيمي يعمل سياسيا وأمنيا وحكوميا واجتماعيا، فلا شواغر مطلقا، ولا فراغ قيادي، وما زالت أزمة إسرائيل الكبرى كيف تنزع من حماس حكم غزة؟ لقد وضع مع إخوانه قواعد عمل واضحة، وسياسات متفق عليها، ثم أكمل طريقه مشتبكا ملتحما، فليس هو من يهرب من الموت، ولا من يلقي بجنده وسط المعركة ثم يغيب عنهم. لئن استشهد يحيى السنوار فإن جنوده يقاتلون في رفح وجباليا وكل مناطق غزة، على هدى وبصيرة، ولا زال العدو يغرق هائما باحثا عن 101 أسير له في البقعة المباركة، فلا خوف على غزة مع يحيى ولا بعد رحيله. سيخلف القائد ألف قائد ويحمل اللواء فارسٌ جديد.. ذهب المؤسس أحمد ياسين شهيدا.. ومن بعده قائمة من الرجال قادرة على أن تكون أشد بأسا يقول السموأل:
إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ
قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ
هنيئا لك أبا إبراهيم لقد نلت ما تمنيت.. استرح سيدي بجوار الصالحين في الغرفة.. فأمثالهم لا يفهمون معنى الشهادة ولماذا نتمناها ونقبل عليها.