+ A
A -

في حياتنا آمال تداعب مخيلتنا الخصبة، وتجعلنا نغوص في أحلام اليقظة بصورةٍ يومية. بعضنا يجعل من أحلامه حقيقة خلال وقت وجيز، وآخرون يقضون وقتاً أطول بقليل حتى يحققوا ما ينشدونه، وفريق ثالث يتوهون في دهاليز الأيام مدة من الزمن إلى أن يكتشفوا حقيقة أنفسهم ويبدؤوا مشوار النجاح.

يسرد التاريخ عشرات القصص حول أناس بلغوا أقصى درجات الشهرة والنجاح ولم يتجاوز الواحد فيهم سن المراهقة أو الرشد. بينما هناك من أمضوا ثلاثة عقود من حياتهم أو أكثر يعيشون واقعاً متواضعاً بسيطاً، ثم بدأت القفزة النوعية فباتوا من أصحاب الملايين ومن جهابذة الأدب أو الفكر أو العلم في العقد الرابع أو الخامس من حياتهم. وهناك أيضاً من قضوا جل حياتهم مجرد أشخاص بسطاء عاديين، ثم حدث أمر ما جعلهم يتخذون قراراً ببدء مشوار جديد مليء بالتحديات، فأخذوا يصعدون سلم النجاح بسرعة خاطفة حتى بلغوا مرتبة عالية في وقت قياسي.

إن سيرة حياة الناجحين على مر الأزمنة والعصور، هي خير دليل لحقيقة غاية في الأهمية؛ ألا وهي أنه لا توجد سن محددة لتحقيق النجاح الشخصي أو المادي، لا يوجد عمر معين أو مرحلة ما لبلوغ أهدافك وتحقيق أحلامك، أو حتى للزواج أو لتصبح شاعراً ماهراً أو رجل أعمال ناجح أو أحد الشخصيات المشهورة عالمياً. هناك دائماً وأبداً متسع للجميع كي ينجحوا على اختلاف أعمارهم.

أما المشكلة فتكمن في أن بعض الناس يعتقدون أن قطار النجاح أو الزواج أو الثراء فاتهم، فيستسلمون لواقعهم غير السار بدلاً من محاولة تغييره. ربما التقيتَ بذاك الرجل الأربعيني أو الخمسيني الذي قال لك: انتهت أيام الشباب، ولم يعد أمامي شيء أفعله سوى انتظار ساعاتي الأخيرة. أو تلك المرأة التي ما تزال في سن الثلاثين من عمرها إلا أنها تعتقد أن نصيبها من الزواج وتكوين أسرة سعيدة ولّى وانقضى.

ربما أنت نفسك ما تزال في العشرينات أو بلغت الستينات من عمرك، وتعتقد أن شيئاً ما فاتك ولم تعد تستطيع إدراكه مهما فعلت. لكن صدقني أن ذلك مجرد وهم. اقرأ سير الأشخاص البارزين، وتتبع قصص من نجحوا في كل العصور الإنسانية؛ وستدرك عندها أن ما تريده يمكن أن يتحقق في أي عمر أو مرحلة.

تذكر دائماً، أن الشخص الذي تخرج في سن الحادية والعشرين، لكنة انتظر خمس سنوات ليجد الوظيفة المناسبة، والشخص الآخر الذي لم يدخل المدرسة طيلة حياته لكنه صار ثرياً في سن الخامسة والعشرين، ومن تزوج عن عمر يناهز العشرين عاماً غير أنه تطلق بعد 6 سنوات، أو من انتظر حتى بلغ الأربعين من العمر ليتزوج بيد أنه وجد حباً حقيقياً وسعادة غامرة؛ لم يصل كل واحد منهم مبكراً أو متأخراً، وإنما وصل في الوقت المناسب لا أكثر ولا أقل.

عندما يأتي الوقت المناسب، وهو الوقت الذي تنضج فيه أكثر، أو تكتسب بعض الخبرات، أو يتغير مفهومك للحياة، أو حيث تصبح ببساطة أكثر استعداداً؛ عندها ستبلغ غايتك التي انتظرتها طويلاً.

فلا تستعجل، واستمسك بالصبر، واستمتع بالرحلة لا بالوصول فحسب. وعندما تصل إلى حيث تريد وتطمح، حينها ستشعر بسعادة لا مثيل لها، لأنك انتظرت لوقتٍ طويل ربما، لكنك حصلت على كنز ثمين.

سواء كان هذا الكنز النفيس الذي ظفرت به بمثابة زوجة صالحة تخلص لك الدهر كله، أو في أبناء بارين يحبونك حباً كبيراً، أو في راحة البال وسكينة النفس، أو في مال وفير ومنصب محترم، أو في علم غزير وحكمة جميلة تكفيك مباهج الدنيا؛ فسيستحق الأمر الانتظار ريثما يحين الوقت المناسب.

copy short url   نسخ
21/10/2024
5