+ A
A -
كانت غزوة حُنين علامةً فارقةً بين غزوات النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فالمسيرُ قصير، والعدوُّ قليل عدداً وعِتاداً، فبدتْ يومذاك النتيجة مضمونة، والخصم لُقمة سائغة، والنصر مجرَّد وقت!
كلُّ الأسباب مُهيَّأة إذن، حتى أن الصحابة يومها اغترُّوا فقالوا: لن نُهزم اليوم من قِلة! غير أن ربَّ الأسباب أرادَ أن يُربِّي هذه الأمة ويُعلِّمَها أن تأخذ بالأسباب لا أن تركن إليها! وأن النصر بيده سُبحانه لا بأيديهم التي تحمل السيوف وترمي الرِّماح!
والتقى الجيشان، وهُزم المسلمون أول المعركة، وفرَّ كثيرٌ منهم، عندها اقتحمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم جيش المُشركين وهو على بغلته يقول: أنا النبيُّ لا كذب، أنا ابن عبد المطلب!
ثم استفاقَ المُسلمون مما حلَّ بهم، أحاطوا بنبيِّهم، وأصلحوا النية مع ربهم، فكان النصر!
مُقارنةٌ طفيفةٌ بين حُنين وبدر تُخبرك بسرِّ النَّصر!
في بدر كانتْ موازين القوى تميل إلى قريش بشكل واضح، ولكن المسلمين علَّقوا الأمل بالله، والتجأوا إليه سبحانه، وموقفهم يومذاك يُلخِّصه حمزة بن عبد المطلب حين نظر إلى جيش قريش فقال: إن كل ما أمامي لا يُخيفني، هم أكثر منا عدداً ولكننا بالإيمان أكثر قوة!
هذا الافتقار إلى الله، هذا التجرُّد من الأسباب والتعلُّق بربِّ الأسباب هو الذي جلبَ النصر، فربطَ الله على قلوبِهم، وأمدَّهم بالملائكة، جبريل شخصياً يمتطي صهوة حيزوم ويقود فرقة المدد الإلهي!
أما في حُنين فاختلفتْ النظرة إلى المعركة، واستصغروا العدو واستكبروا أنفسهم، فخلَّى الله بينهم وبين عدوهم حتى كادت تحلَّ الكارثة، ولكنه لما حصل التأديب الرباني، وفهم المسلمون الدرس سريعاً، وتبرَّأوا من الأسباب وتعلَّقوا بربها، عاد المُسلمون سيرتهم الأولى أمام أعدائهم!
ما يُقال في حق هذه الأمة يُقال في حق الأفراد أيضاً!
ما اعتمدَ أحد على الله إلا هيَّأ له من الأسباب ما يُريه فيه ثمرة الاعتماد والتوكُّل عليه سبحانه، وما اعتمدَ أحد على الأسباب إلا أركنَه الله إليها!
يُؤدِّب الله الإنسان مرتين: مرةً إذا أخذ بالأسباب ونسيَ أنها بيد الله، ومرةً إذا أهملَها نهائياً!
ادرسوا، واجتهدوا، ولكن اعلموا أن النجاح بيدِ الله، لا تدخلوا إلى الامتحانات مُتَّكِلين على عقولكم وإنما على ربكم!
تعالجوا، وابحثوا عن الدواء ولكن اعلموا أن الشفاء بيد الله، لا بيد الطبيب، وفي علبة الدواء!
اعملوا، وتاجروا، ولكن اعلموا أن الرزق بيد الله، وأن العمل إنما هو باب ولكن الرزاق في السماء!
ما قالَ إنسان أنا، ومني، وعندي، ولي إلا أحياه الله حتى يرى ضعف أناه، وقِلة ما عنده، وعجز قدرته! وما قال إنسان أنا بالله، ومع الله، وإلى الله إلا أحياه الله حتى يرى أن من كان مع الله كان معه، فعلِّقوا قلوبكم بالله!بقلم: أدهم شرقاوي
كلُّ الأسباب مُهيَّأة إذن، حتى أن الصحابة يومها اغترُّوا فقالوا: لن نُهزم اليوم من قِلة! غير أن ربَّ الأسباب أرادَ أن يُربِّي هذه الأمة ويُعلِّمَها أن تأخذ بالأسباب لا أن تركن إليها! وأن النصر بيده سُبحانه لا بأيديهم التي تحمل السيوف وترمي الرِّماح!
والتقى الجيشان، وهُزم المسلمون أول المعركة، وفرَّ كثيرٌ منهم، عندها اقتحمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم جيش المُشركين وهو على بغلته يقول: أنا النبيُّ لا كذب، أنا ابن عبد المطلب!
ثم استفاقَ المُسلمون مما حلَّ بهم، أحاطوا بنبيِّهم، وأصلحوا النية مع ربهم، فكان النصر!
مُقارنةٌ طفيفةٌ بين حُنين وبدر تُخبرك بسرِّ النَّصر!
في بدر كانتْ موازين القوى تميل إلى قريش بشكل واضح، ولكن المسلمين علَّقوا الأمل بالله، والتجأوا إليه سبحانه، وموقفهم يومذاك يُلخِّصه حمزة بن عبد المطلب حين نظر إلى جيش قريش فقال: إن كل ما أمامي لا يُخيفني، هم أكثر منا عدداً ولكننا بالإيمان أكثر قوة!
هذا الافتقار إلى الله، هذا التجرُّد من الأسباب والتعلُّق بربِّ الأسباب هو الذي جلبَ النصر، فربطَ الله على قلوبِهم، وأمدَّهم بالملائكة، جبريل شخصياً يمتطي صهوة حيزوم ويقود فرقة المدد الإلهي!
أما في حُنين فاختلفتْ النظرة إلى المعركة، واستصغروا العدو واستكبروا أنفسهم، فخلَّى الله بينهم وبين عدوهم حتى كادت تحلَّ الكارثة، ولكنه لما حصل التأديب الرباني، وفهم المسلمون الدرس سريعاً، وتبرَّأوا من الأسباب وتعلَّقوا بربها، عاد المُسلمون سيرتهم الأولى أمام أعدائهم!
ما يُقال في حق هذه الأمة يُقال في حق الأفراد أيضاً!
ما اعتمدَ أحد على الله إلا هيَّأ له من الأسباب ما يُريه فيه ثمرة الاعتماد والتوكُّل عليه سبحانه، وما اعتمدَ أحد على الأسباب إلا أركنَه الله إليها!
يُؤدِّب الله الإنسان مرتين: مرةً إذا أخذ بالأسباب ونسيَ أنها بيد الله، ومرةً إذا أهملَها نهائياً!
ادرسوا، واجتهدوا، ولكن اعلموا أن النجاح بيدِ الله، لا تدخلوا إلى الامتحانات مُتَّكِلين على عقولكم وإنما على ربكم!
تعالجوا، وابحثوا عن الدواء ولكن اعلموا أن الشفاء بيد الله، لا بيد الطبيب، وفي علبة الدواء!
اعملوا، وتاجروا، ولكن اعلموا أن الرزق بيد الله، وأن العمل إنما هو باب ولكن الرزاق في السماء!
ما قالَ إنسان أنا، ومني، وعندي، ولي إلا أحياه الله حتى يرى ضعف أناه، وقِلة ما عنده، وعجز قدرته! وما قال إنسان أنا بالله، ومع الله، وإلى الله إلا أحياه الله حتى يرى أن من كان مع الله كان معه، فعلِّقوا قلوبكم بالله!بقلم: أدهم شرقاوي