+ A
A -
يقولُ الأديبُ الروسيُّ الشهير ليو تولستوي في كتابه «حِكم النبي محمد»: إنَّ من أهمِّ عوامل نجاح محمدٍ في دعوته، أنه ما أمر بأمر إلا كان أول المُلتزمين به، وما نهى عن أمرٍ إلا كان أول المُنتهين عنه!
وهذا حق، فالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان قرآناً يمشي على الأرض، فكان أحزمَ الناس على نفسه، ثم أهله، ثم أصحابه، ثم الناس! وما كان يتغاضى عنه من الأعرابي في البادية لم يكن ليجعله يمرَّ مرور الكرام مع أصحابه، لأنه كان يعلمُ أن الناس تنظرُ إليه أولاً، ثم إلى أهل بيته، ثم إلى أصحابه، ثم إنَّ بقية الناس ناس!
اختلفَ بلال بن أبي رباح وأبو ذرٍّ حول أمرٍ من أمور الدنيا، فغضب أبو ذرٍّ من بلال، وقال له: يا ابنَ السوداء! فجاء بلال إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأخبره بما حدث بينه وبين صاحبه، فاستدعى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أبا ذرٍّ على جناح السُّرعة، وقال له: يا أبا ذر أعيَّرْتَه بأمه؟! إنكَ امرؤٌ فيكَ جاهلية!
والمعنى أن تعيير الناس بأحسابهم وأنسابهم من أخلاق الجاهلية التي كانتْ مُتفشِّية في العرب، وبهذا المعنى تُقسم الجاهلية إلى قسمين:
قسم زماني انتهى بمجيء الإسلام، وقسم سلوكي باقٍ في الناس حتى يرِث الله الأرض ومن عليها! والإنسان يكون على قرب من الجاهليين بمقدار ما فيه من أخلاقهم!
السبب في أنَّ الناس أبيض وأسود وأحمر وأسمر وأصفر هو أصل الخلقة في أبينا آدم عليه السلام، فالله تعالى قد خلقه من قبضة تراب قبضها من شتى أنحاء الأرض، فجاء أبناؤه كَلَوْنِ تراب الأرض، مختلفٌ ألوانها، والذي يعتقد أنه أرقى من الآخرين لمجرد أن لون بشرته مختلف هو إنسان متخلِّفٌ من ناحية علمية، وفيه جاهلية من ناحية دينية!
الذي يعملُ في مهنةٍ شريفة ليس بالضرورة شريفاً، والذي يعملُ في مهنة وضيعة ليس بالضرورة وضيعاً، بعض الأطباء لا يستحقون أن يكونوا بشراً أساساً، وبعضهم كأنهم ملائكة في صورة بشرية! وبعض أصحاب المهن كذابون غشاشون، وبعضهم عنده من الأخلاق والأمانة والصدق والوفاء أكثر مما عند أهل الطبقات المُخملية، وتصنيف الناس بحسب مِهنهم ورواتبهم عقلية جاهلية!
حُبُّ الوطن شيء، والدفاع عن الأخطاء التي ترتكبها حكومة الوطن شيء آخر، الأول فطرة وإيمان، وقد كانتْ مكة أحب بقاع الأرض إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال يوم غادرها والحزن يعتصره: واللهِ إنكِ لأحب البلاد إلىَّ ولولا أنَّ قومكِ أخرجوني ما خرجتُ! أما الثانية فجاهلية عمياء، ودفاع عن الباطل، وقد قال الشاعر قُريط بن أُنيف يصفُ حالة التحزُّب الأعمى للقبيلة:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهاناً!
نعم نحبُّ أهالينا، ونُساعدهم وننصرهم، ولكن عندما يكونون على حق، ولكن التحزُّب للقريب والصديق وهو ظالم، فهذا من أخلاق الجاهلية، وإن الإسلام جاء ليُعلِّمنا أن الحقَّ هو الذي يُنصر بغض النظر عن صاحبه، والباطل هو الذي يُعادى بغض النظر عن صاحبه، وقد أبدَلَنا الله خيراً من الجاهلية، هذا الدين الحنيف السمح، والعيب أن نُسلم ونتخلَّق بأخلاق الجاهلية!بقلم: أدهم شرقاوي
وهذا حق، فالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان قرآناً يمشي على الأرض، فكان أحزمَ الناس على نفسه، ثم أهله، ثم أصحابه، ثم الناس! وما كان يتغاضى عنه من الأعرابي في البادية لم يكن ليجعله يمرَّ مرور الكرام مع أصحابه، لأنه كان يعلمُ أن الناس تنظرُ إليه أولاً، ثم إلى أهل بيته، ثم إلى أصحابه، ثم إنَّ بقية الناس ناس!
اختلفَ بلال بن أبي رباح وأبو ذرٍّ حول أمرٍ من أمور الدنيا، فغضب أبو ذرٍّ من بلال، وقال له: يا ابنَ السوداء! فجاء بلال إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأخبره بما حدث بينه وبين صاحبه، فاستدعى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أبا ذرٍّ على جناح السُّرعة، وقال له: يا أبا ذر أعيَّرْتَه بأمه؟! إنكَ امرؤٌ فيكَ جاهلية!
والمعنى أن تعيير الناس بأحسابهم وأنسابهم من أخلاق الجاهلية التي كانتْ مُتفشِّية في العرب، وبهذا المعنى تُقسم الجاهلية إلى قسمين:
قسم زماني انتهى بمجيء الإسلام، وقسم سلوكي باقٍ في الناس حتى يرِث الله الأرض ومن عليها! والإنسان يكون على قرب من الجاهليين بمقدار ما فيه من أخلاقهم!
السبب في أنَّ الناس أبيض وأسود وأحمر وأسمر وأصفر هو أصل الخلقة في أبينا آدم عليه السلام، فالله تعالى قد خلقه من قبضة تراب قبضها من شتى أنحاء الأرض، فجاء أبناؤه كَلَوْنِ تراب الأرض، مختلفٌ ألوانها، والذي يعتقد أنه أرقى من الآخرين لمجرد أن لون بشرته مختلف هو إنسان متخلِّفٌ من ناحية علمية، وفيه جاهلية من ناحية دينية!
الذي يعملُ في مهنةٍ شريفة ليس بالضرورة شريفاً، والذي يعملُ في مهنة وضيعة ليس بالضرورة وضيعاً، بعض الأطباء لا يستحقون أن يكونوا بشراً أساساً، وبعضهم كأنهم ملائكة في صورة بشرية! وبعض أصحاب المهن كذابون غشاشون، وبعضهم عنده من الأخلاق والأمانة والصدق والوفاء أكثر مما عند أهل الطبقات المُخملية، وتصنيف الناس بحسب مِهنهم ورواتبهم عقلية جاهلية!
حُبُّ الوطن شيء، والدفاع عن الأخطاء التي ترتكبها حكومة الوطن شيء آخر، الأول فطرة وإيمان، وقد كانتْ مكة أحب بقاع الأرض إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال يوم غادرها والحزن يعتصره: واللهِ إنكِ لأحب البلاد إلىَّ ولولا أنَّ قومكِ أخرجوني ما خرجتُ! أما الثانية فجاهلية عمياء، ودفاع عن الباطل، وقد قال الشاعر قُريط بن أُنيف يصفُ حالة التحزُّب الأعمى للقبيلة:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهاناً!
نعم نحبُّ أهالينا، ونُساعدهم وننصرهم، ولكن عندما يكونون على حق، ولكن التحزُّب للقريب والصديق وهو ظالم، فهذا من أخلاق الجاهلية، وإن الإسلام جاء ليُعلِّمنا أن الحقَّ هو الذي يُنصر بغض النظر عن صاحبه، والباطل هو الذي يُعادى بغض النظر عن صاحبه، وقد أبدَلَنا الله خيراً من الجاهلية، هذا الدين الحنيف السمح، والعيب أن نُسلم ونتخلَّق بأخلاق الجاهلية!بقلم: أدهم شرقاوي