+ A
A -
جريدة الوطن

ليس ثمَّة ما هو أدق من عنوان المقالة لتوصيف هَول ما يُكابده نحو مائتي ألفٍ من سكان جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، شمال غزة، منذ سبعة عشر يوماً، دون ماءٍ أو غذاءٍ أو دواء.

فوفق تقارير لمنظمات أممية، فإن قوات الاحتلال تمنع دخول أيّ مساعدات، ولا تسمح لسيارات الإسعاف بالعمل في المنطقة، لإغاثة المحاصرين فيها، وانتشال الجثامين، وإسعاف المصابين في الشوارع، وتحت أنقاض المنازل التي هُدّمت على رؤوسهم.

المشاهد الطالعة من المخيمات والأحياء المحاصرة، حيث الدمار والنار والدخان في كل مكان، تبدو مستوحاةً من الجحيم، حيث يسير الآلاف وسط الدمار، وتحت زخات الرصاص، يحملون جوعهم وأوجاعهم، دون معرفة وجهتهم.

في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، يُساق الناس قسراً، ومن فوقهم أسرابٌ من الـمُسيّرات التي تُوزع الموت فوق رؤوسهم، فتتناثر أشلاء أطفالهم أمام أعينهم، ويضيع أبناؤهم في لُجّة الخوف والرعب الذي يطاردهم..ليس هذا فحسب، بل يُفصَل الرجال عن عائلاتهم، وتُجرى إعداماتٌ ميدانيةٌ للعديد منهم بعد تعذيبهم، فيما يُساق الأطفال والنساء إلى حُفَرٍ عميقة، يرون فيها موتهم يلوح أمام أعينهم بعد ترهيبهم وتهديدهم بالقتل، قبل أن يُسمح لهم بسلوك طريقٍ واحدة، سرعان ما تتحول إلى مصائد للوحوش الطائرة، ومساحة رمايةٍ لفوهات المدافع المتربصة بكل مَن يتحرك في المنطقة.

تمشي غزةُ نازفةَ الجرح، تحمل آلامها، وتُواري تحت الثرى أحبّاءها.

في غزة.. نازحون يُؤوون نازحين، وجرحى يُسعفون مصابين، وناجون يُغيثون منكوبين.. إنها القيامةُ تقوم في كل بيتٍ وشارعٍ وحارة.إبراهيم ملحم

كاتب فلسطينيالقدس الفلسطينية

copy short url   نسخ
24/10/2024
5