+ A
A -
وليد شوشة كاتب سياسي

ربما ظن نتانياهو، ومن معه من القيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية والغربية، التي تقوم بعملية الإبادة الجماعية في غزة منذ أكثر من عام، أنهم بمقتل يحيى السنوار، رئيس حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، قد قضوا على الحركة وجناحها العسكري (كتائب عز الدين القسام) والمقاومة..!

وهذا في الحقيقة وهم كبير، ومخالف للتجارب التاريخية التي تثبت العكس. فإن تاريخ حركات المقاومة والتحرير تخبرنا بأن دماء الشهداء والقادة وقود يحرك الهمم، ويفجر الطاقات، ويشجع الأتباع، ويشعل نار الثأر، ويديم المقاومة حتى تحقق أهدافها كاملة بدحر المحتل وتطهير الأرض من دنسه.

المحتل والمستعمر يسكب الوقود بجرائمه ومجازره وانتهاكاته على نار الشعوب والأراضي المحتلة فتشتعل نار الثورة والانتفاضة، ويساعد على صنع ميدان التضحية والمقاومة والبسالة والشجاعة، ردا مضادا على إجرامه ووحشيته ومجازره، وكذلك يفعل كل استعمار، ويُقاوم كل شعب حر.

وبالتالي مهما فعل الاحتلال فإن المقاومة لن تيأس، ولن تستسلم أيا كانت التضحيات، ولن تتخلى عن واجبها بهذه السهولة، فالمقاومة ماضية في طريقها في مقاومة المحتل بكل ما تملك من وسائل المقاومة، ولن تسقط رايتها، ولن تنتهي أجيالها حتى تتحرر فلسطين، كل فلسطين مهما طال الزمن، وقلَّ الرفيق، وخان القريب، وعظمت الأثمان.

إن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأميركية والغرب يعملون بكل جهد إلى قتل روح المقاومة، وفكر المقاومة والتضحية والجهاد، لأنهم يدركون جيدا أن يقظة هذه الروح هي الخطر الأكبر عليهم الذي يتوعدهم ويتهددهم.

إنهم يعلمون جيدا أن الخطب والمقالات والتصفيق والهتافات والصياح والحماسة، والحرب الافتراضية على مواقع التواصل، لا تهز قواعدهم، ولا تهدد جيوشهم، ولا تكسر إجرامهم. إنهم فقط يخافون أن تستيقظ روح المقاومة وأخلاق التضحية والفداء في نفوس الشعوب المقهورة والمحتلة. ذلك هو الخطر الحقيقي، والخطر الوحيد والخطر الأكيد.

والطريق يبدأ أولا من داخل النفس، الميدان الأول فإذا انتصرنا عليها كنا على المحتلين أقدر، بغرس قيم المقاومة والتضحية والشجاعة وحب الأوطان والعقيدة والدفاع عنهم.

إن علامات النصر تلوح من وراء الشدائد التي تواجهنا من هذه الأيام، ومتى انتصرنا على أنفسنا وعلى شهواتنا وعلى مطامعنا الغريبة في هذه الأرض.. ومتى تطلعت أبصارنا إلى أهداف أعلى من منافع الأفراد ولذائذ الأفراد.. متى يتم هذا كله فالنصر قريب.. والشدة لا تصنع شيئا إلا أن تصهر، وإلا أن تطهر، وإلا أن تخلق الرجال والأبطال.عربي 21

copy short url   نسخ
27/10/2024
5