لم تخرج الضربة الإسرائيلية لإيران عن إرادة أميركا وفق ما اتفق عليه، كما لم تخرج قبلها ضربة إيران لإسرائيل عن ذات الرغبة، وهي مشابهة في القوة والقدرة والتكتيك، الأمر الذي يفسر هذا الشكل المعلن صراحة من الضربات المحدودة والمتفق عليها، من حيث شكل الرد ونوعية الصواريخ، وأوزانها المتفجرة، وقدرتها على التدمير، ومداها الذي تصل إليه.

أميركا التي كانت قد سربت بعض معلومات الرد الإسرائيلي على إيران حيث تم تداوله في الإعلام بشكل مكثف، تمامًا مثلما كانت قد سربت من قبل ضربة إيران لإسرائيل، وقد شاهدنا كيفية الهجوم الذي حصل في حينه، وليس هذا المهم بقدر ما يمكن أن يكون محطة نهاية للحرب، ولوضع ترتيبات وقفها على مختلف الجبهات.

قد يكون الرد الإسرائيلي المحدود على إيران بداية النهاية لحروبها في غزة ولبنان، وهذا احتمال، والاحتمال الآخر هو ارتفاع وزيادة الهجمات التي ينفذها الاحتلال في غزة ولبنان، في إطار حربه المفتوحة، ونوايا نتانياهو للمضي في خطط التوسع في الشمال والجنوب.

الرد الإسرائيلي على إيران جاء وفق المزاج الأميركي، وهذا يعني أن أميركا لا تزال تضبط إيقاع المواجهة وفق ما تراه وما تريده. من الجدير القول إن ضبط إيقاع المواجهة أنقذ المنطقة من حرب لو تدحرجت لكانت فتاكة تدميرية كبيرة، لا أحد يمكنه التنبؤ بعواقبها، إلا أن المطلوب الآن هو هذه القدرة الأميركية لوقف حرب الإبادة في غزة والعدوان على لبنان، وأن تضع حدًا لحكومة نتانياهو المتطرفة، وأن لا تبقى عند هذا الانحياز الأعمى الذي هي عليه، فوقف الحرب ضرورة لوقف نزيف الدم والإبادة، ووقف المعاناة التي يعيشها أهل غزة منذ أكتوبر العام الماضي.القدس الفلطسنية